تبون‭: ‬مهرج‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬قصر‭ ‬المرادية‭!‬

يهاجم‭ ‬مصر‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭ ‬ووزير‭ ‬يدعي‭ ‬أن‭ ‬الجزائر‭ ‬ذكرها‭ ‬الرسول‭ ‬

يجد‭ ‬عشاق‭ ‬الكوميديا‭ ‬أنفسهم،‭ ‬في‭ ‬الحملة‭ ‬الانتخابية‭ ‬لعبد‭ ‬المجيد‭ ‬تبون،‭ ‬الرئيس‭ ‬الجزائري‭ ‬المنتهية‭ ‬ولايته،‭ ‬أمام‭ ‬عرض‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬التهريج‭ ‬السياسي،‭ ‬فتبون‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬قرر‭ ‬رفع‭ ‬سقف‭ ‬السخرية‭ ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬مقدما‭ ‬للعالم‭ ‬صورة‭ ‬هزلية‭ ‬لبلاده‭ “‬قوة‭ ‬خارقة‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬مصائر‭ ‬الأمم‭ ‬وتطلق‭ ‬وعودا‭ ‬تتجاوز‭ ‬حدود‭ ‬الواقع‭”.‬

ففي‭ ‬بلد‭ ‬يعاني‭ ‬بسبب‭ ‬طوابير‭ ‬طويلة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬أبسط‭ ‬مقومات‭ ‬الحياة،‭ ‬ويهرب‭ ‬شبابه‭ ‬عبر‭ ‬قوارب‭ ‬الموت‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬أفضل،‭ ‬يخرج‭ ‬تبون‭ ‬بتصريحات‭ ‬غريبة‭ ‬لا‭ ‬تمت‭ ‬للواقع‭ ‬بصلة،‭ ‬حتى‭ ‬أنه‭ ‬خلال‭ ‬تجمع‭ ‬انتخابي‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬قسنطينة،‭ ‬وبصفته‭ ‬مترشحا‭ ‬للانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬المقبلة،‭ ‬أعلن‭ ‬تبون‭ ‬بجدية‭ ‬مطلقة‭ ‬أن‭ “‬الجزائر‭ ‬مستعدة‭ ‬لبناء‭ ‬ثلاثة‭ ‬مستشفيات‭ ‬في‭ ‬غزة‭”‬،‭ ‬إذا‭ ‬فتحت‭ ‬الحدود‭ ‬البرية‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬والقطاع‭. ‬وكأن‭ ‬الرجل‭ ‬اكتشف‭ ‬وصفة‭ ‬سحرية‭ ‬لحل‭ ‬مشاكل‭ ‬العالم،‭ ‬بينما‭ ‬ترك‭ ‬مشاكل‭ ‬بلاده‭ ‬الحقيقية‭ ‬دون‭ ‬حلول،‭ ‬تنتظر‭ ‬بفارغ‭ ‬الصبر‭ ‬وعوده‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬أنها‭ ‬شعارات‭ ‬فارغة‭.‬

ويبدو‭ ‬أن‭ ‬تبون‭ ‬قد‭ ‬حجز‭ ‬لنفسه‭ ‬مقعدا‭ ‬دائما‭ ‬في‭ ‬مسرح‭ ‬السخرية‭ ‬السياسي،‭ ‬حيث‭ ‬يواصل‭ ‬عرض‭ ‬مسرحيته‭ ‬الهزلية‭ ‬بتصريحات‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬في‭ ‬الخطاب‭ ‬نفسه،‭ ‬قال‭ ‬بكل‭ ‬ثقة‭: “‬لو‭ ‬فتحوا‭ ‬لنا‭ ‬الحدود‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬وغزة،‭ ‬الجيش‭ ‬مستعد،‭ ‬وسنبني‭ ‬ثلاثة‭ ‬مستشفيات‭ ‬في‭ ‬ظرف‭ ‬20‭ ‬يوما‭ ‬فقط‭”. ‬وأضاف،‭ ‬وكأن‭ ‬الجزائر‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬مشاكل‭: “‬نحن‭ ‬مستعدون‭ ‬لإرسال‭ ‬مئات‭ ‬الأطباء‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ ‬ما‭ ‬دمره‭ ‬الصهاينة‭”.‬

المفارقة‭ ‬الكبرى‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات،‭ ‬التي‭ ‬يحاول‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تبون‭ ‬الظهور‭ ‬بطلا‭ ‬قوميا‭ ‬لا‭ ‬يُقهر،‭ ‬تأتي‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬تواصل‭ ‬فيه‭ ‬السلطات‭ ‬الجزائرية‭ ‬قمع‭ ‬أي‭ ‬وقفات‭ ‬احتجاجية‭ ‬داعمة‭ ‬لفلسطين،‭ ‬ما‭ ‬يكشف‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬الأهداف‭ ‬الحقيقية‭ ‬لمرشح‭ ‬النظام‭ ‬العسكري،‭ ‬الذي‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬نسي‭ ‬أن‭ ‬الأفعال‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تُثبت‭ ‬الأقوال،‭ ‬وأن‭ ‬الشعارات‭ ‬الجوفاء‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تنطلي‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬البسطاء‭.‬

وفي‭ ‬فصل‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬فصول‭ ‬التهريج‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ينتهي‭ ‬في‭ ‬الجزائر،‭ ‬صرح‭ ‬وزير‭ ‬الشؤون‭ ‬الدينية‭ ‬والأوقاف،‭ ‬يوسف‭ ‬بلمهدي،‭ ‬بأن‭ ‬الحديث‭ ‬النبوي‭ “‬لا‭ ‬يزال‭ ‬أهل‭ ‬الغرب‭ ‬ظاهرين‭ ‬على‭ ‬الحق‭”‬،‭ ‬المقصود‭ ‬به‭ ‬الجزائر،‭ ‬والمدهش‭ ‬أن‭ ‬الوزير‭ ‬لم‭ ‬يظهر‭ ‬عليه‭ ‬أي‭ ‬خجل‭ ‬أو‭ ‬تردد‭ ‬وهو‭ ‬يواصل‭ ‬قائلا،‭ ‬إن‭ ‬عقبة‭ ‬بن‭ ‬نافع‭ ‬كان‭ ‬جزائريا‭.‬

ويستمر‭ ‬التهريج‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬بلا‭ ‬نهاية،‭ ‬وكأن‭ ‬الشعب‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬معجزة‭ ‬لينجو‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ “‬الزعماء‭”‬،‭ ‬الذين‭ ‬سيكتب‭ ‬في‭ ‬صفحات‭ ‬التاريخ‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬كاد‭ ‬يموت‭ ‬ضحكا‭ ‬من‭ ‬غباء‭ ‬بعضهم‭.‬

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: