تزايدت الدلائل على الاستثمارات في تصنيع البطاريات الكهربائية في المغرب الذي سيشهد قفزة مع فتح الشركات الصينية محافظها لدخول هذا المضمار، بفضل الأرضية التي أعدتها الحكومة لتنفيذها على النحو الذي يحقق لها أقصى استفادة من القطاع الناشئ.
أعلنت مجموعة المواد الجديدة (بي.تي.آر) الصينية المتخصصة في صناعة أجزاء ومكونات بطاريات السيارات الكهربائية عن عزمها الاستثمار للمرة الثانية في المغرب عبر منشأة لإنتاج مادة الأنود.
وتُعتبر هذه المادة من المكونات الأساسية لإنتاج البطاريات الكهربائية، ومن المتوقع أن تضخ الشركة أكثر من 363 مليون دولار في المشروع الإستراتيجي الذي سيوفر حوالي 2500 فرصة عمل.
وتتوقع المجموعة تعاونا مع شركة فورد الأميركية، التي ستوقع عقدا توريد مع بي.تي.آر مع دفع حوالي 120 مليون دولار مسبقا.
وستقوم بي.تي.آر بافتتاح ثاني وحدة صناعية لها في المغرب، وتحديدا في منطقة طنجة تك التكنولوجية بطاقة إنتاج تصل إلى 60 ألف طن من الأنود سنويا، وستستغرق مدة التشييد حوالي سنتين.
وسبق أن استثمرت المجموعة الصينية في بناء وحدة صناعية تم الكشف عن تفاصيلها في شهر مارس الماضي في المدينة الصناعة محمد السادس (طنجة تك) مخصصة لإنتاج الأقطاب الكهربائية السالبة (الكاثودات).
ولدى المغرب منظومة لصناعة السيارات تشتغل فيها أكثر من 250 شركة، الأمر الذي جعل بي.تي.آر تحسم قرارها بالاستثمار في البلاد.
وأوضحت الحكومة أن إنشاء هذا المصنع الجديد الضخم دفع البلاد إلى وضع ثقتها في غوشن هاي تيك باعتبارها رائدة في قطاع البطاريات الكهربائية.
وتعد مجموعة فولكسفاغن الألمانية أبرز المساهمين الرئيسيين فيها، من أجل تطوير مشروع مندمج لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية بسعة تصل إلى 20 غيغاواط في الساعة وبكلفة استثمارية تبلغ 12.8 مليار درهم (1.27 مليار دولار).
وسبق أن قالت وزارة الاقتصاد والمالية المغربية إن “المشروع يعكس توجه البلاد لإعادة تشكيل صناعة السيارات وتوجيهها نحو إنتاج المركبات الكهربائية”.
وسيُمَكّن الشطر الأول من هذا الاستثمار من تطوير الأنشطة الصناعية للمجموعة في المغرب، ووضع منظومة متكاملة لإنتاج البطاريات بسعة إجمالية يمكن أن تناهز 100 غيغاواط في الساعة، وهو ما يستدعي تعبئة استثمارات إجمالية تقدر بنحو 65 مليار درهم (6.43 مليار دولار).
وأكد الخبير الاقتصادي رشيد ساري أن هناك مجموعة من الشركات الصينية الرائدة قررت الاستثمار في البلاد، وسط رغبة مغربية لتعزيز التعاون بين البلدين.
وقال في تصريح لـه إن “الحكومة تقدم تسهيلات لكافة العمليات الخاصة بالاستثمار أمام الشركات في مجال تصنيع السيارات الكهربائية، بما في ذلك توفير يد عاملة كفؤة تساهم في تحسين الاقتصاد الوطني”.
وكثف المغرب في السنوات الأخيرة جهوده من أجل تحفيز المستثمرين من دول عديدة ومن ضمنها الشركات الصينية على الاستثمار في قطاعات الطاقات النظيفة، لمواجهة عدم الاستقرار الذي يطبع سوق الطاقة الدولي.
ويؤهل هذا الوضع البلد، حسب خبراء اقتصاد، للعب دور ريادي في هذا المجال نظرا لتوافر المواد الخام الضرورية لإنتاج البطاريات، مثل معدني الكوبالت والفوسفات.
ولفتت الحكومة المغربية، في إعلانها عن المشروع، إلى أن مجموعة غوشن هاي تيك حققت إنجازات هامة في الأسواق الأوروبية والأميركية بإنشائها سابقا 12 وحدة صناعية ضخمة على مدار العامين الماضيين، لمواكبة الطلب العالمي الكبير على التنقل الأخضر.
وقالت “يشير اختيار المجموعة الصينية لبلدنا إلى ثقتها في المغرب كوجهة رئيسية ومنصة استثمارية متميزة، خاصة على مستوى المنظومات الصناعية التي تسهم في توفير العمل وتعزيز القيمة المضافة”.
وأصبح البلد تحت قيادة العاهل المغربي الملك محمد السادس، الرائد الإقليمي في مجال تصنيع السيارات، حيث يعكس اختيار المغرب لإنجاز مشاريع في هذا القطاع الثقة المتجددة للمستثمرين الدوليين في استقرار وتطور مناخ الأعمال المحلي.
ووقّع المغرب ما يقارب 54 اتفاقية تجارة حرة تسمح لمنتجاته بالوصول إلى أسواق واسعة، ما يعزز تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بما في ذلك رؤوس الأموال الصينية.
وتُعد اتفاقية التبادل الحر مع الولايات المتحدة من أهم هذه الاتفاقيات، حيث تساهم في جذب المنتجين الصينيين الذين يرغبون في التصدير إلى السوقين الأميركية والأوروبية.
◙ 60 ألف طن حجم إنتاج ثاني مصانع بي.تي.آر سنويا، وفق الاتفاق المبرم في العقد من الحكومة
وعقدت مجموعة ياهوا الصناعية شراكة مع أل.جي أنيرجي سوليوشن الكورية الجنوبية (أل.جي.إي.أس)، الشركة الثانية في العالم في مجال بطاريات السيارات الكهربائية لإنتاج هيدروكسيد الليثيوم في منشأة صناعية بالمغرب.
وسيمكن المشروع من تعزيز سلسلة التوريد الخاصة بها بهذه المواد، ولاسيما لخدمة السوق الأميركية. وسيتم إنجاز مشروع وحدة صناعية ضخمة غيغا فاكتوري لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية بكلفة استثمارية إجمالية تبلغ 12.8 مليار درهم (1.27 مليار دولار) بمدينة القنيطرة.
وكان رئيس الحكومة عزيز أحنوش قد ترأس في يونيو الماضي بالرباط مراسيم توقيع اتفاقية استثمارية ذات طابع إستراتيجي قصد إطلاق المجموعة الأوروبية غوشن هاي تيك المشروع الذي سيوفر 17 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة من ضمنها 2300 فرصة عمل عالية الكفاءة.
وفي مارس الماضي أبرمت الحكومة اتفاقية استثمارية مع بي.تي.آر بقيمة ثلاثة مليارات درهم (300 مليون دولار) تهدف إلى إقامة وحدة صناعية لإنتاج الأقطاب الكهربائية السالبة.
وفي بيان صدر عن رئاسة الحكومة، فإن هذا “المشروع الضخم، الذي يعتبر الأول من نوعه في منظومة صناعة البطاريات الكهربائية بالمغرب، يهدف إلى بناء مصنع تبلغ طاقته الإنتاجية 50 ألف طن سنويا على مساحة 15 هكتار بالمدينة الصناعية محمد السادس (طنجة تك)”.
وأشار إلى أن المشروع سيتم تطويره على مرحلتين، حيث من المرتقب أن تدخل المرحلة الأول حيز التشغيل في سبتمبر 2026 بطاقة إنتاجية قدرها 25 ألف طن سنويا.
وتحتل هذه الصناعة حاليا المرتبة الأولى على مستوى التصدير بنحو 14 مليار دولار في 2023، بزيادة قدرها 27.4 في المئة على أساس سنوي.
وأعلنت الرباط قبل فترة عن تأسيس أول منطقة صناعية جديدة على مساحة 283 هكتارا وهي مخصصة لأنشطة صناعات البطاريات والتعدين والإلكترونيات والسيارات، واستقبلت استثمارات أولية بقيمة 2.33 مليار دولار.