نجح الحراك الدبلوماسي المغربي في انتزاع اعتراف جديد من جمهورية الدومينيكان بسيادة المغرب على الصحراء، وتأييد مبادرة الحكم الذاتي التي تطرحها الرباط، لتلتحق بركب عدد من الدول التي عبرت عن اعترافها بالطرح المغربي على غرار الولايات المتحدة الأميركية وإسبانيا وفرنسا.
انضمت جمهورية الدومينيكان إلى الدول الداعمة للسيادة المغربية على الصحراء، حيث تعتزم فتح قنصلية بالداخلة، مع تأكيد رئيسها لويس أبينادر على أن مخطط الحكم الذاتي، الذي تقدم به المغرب، بمثابة الحل الوحيد للنزاع حول الصحراء، وعلى رغبته في تقوية العلاقات الثنائية بين البلدين في جميع المجالات، وعزمه على زيارة المغرب استجابة لدعوة العاهل المغربي الملك محمد السادس.
وتنتمي الدومينيكان إلى دول أميركا الجنوبية، ثاني فضاء جيو – سياسي يتفاعل مع ملف النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية بعد الفضاء الأفريقي.
واستقبل لويس أبينادر، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة بالقصر الوطني، على هامش حفل تنصيبه، حيث نقل بوريطة إلى الرئيس أبينادر دعوة ملكية للرئيس الجديد للقيام بزيارة رسمية للمغرب من أجل وضع إطار لتعميق العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات.
وقال محمد بودن، الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة، إن “الأمر يتعلق بمسار ديناميكي لا يمكن إعادة عقارب زمنه إلى الوراء، وهو من ثمار التوجه الإستراتيجي والعملي للملك محمد السادس، ورؤيته الدبلوماسية الاستشرافية التي جعلت من الصحراء المغربية النظارة التي تقيس صدق الصداقات ونجاعة الشراكات بما لا يترك مجالا للغموض والضبابية”.
وأضاف في تصريح لـه أن “موقف دولة الدومينيكان الذي انضاف إلى عدد من الدول الأوروبية والأفريقية وأخرى من أميركا اللاتينية والكارايبي وآسيا، يؤكد نجاح الدبلوماسية المغربية في تحصين سيادة المغرب على صحرائه والتي تمثل اليوم حقيقة ثابتة ومؤكدة في مواقف ومبادرات العديد من القوى الدولية والإقليمية”.
واعتبر محمد بودن أن “جمهورية الدومينيكان توصلت على غرار العديد من الدول إلى قناعة جوهرية وإدراك لمكانة الصحراء المغربية، باعتبارها مصلحة أساسية وعليا للمغرب من الناحية الإستراتيجية والسياسية، فيما يتصل بالأمن القومي والقضايا الداخلية المصيرية والعلاقات الدولية للمغرب، بخلق مستقبل مشرق للعلاقات المغربية مع دول أميركا الجنوبية وغيرها التي تعتمد على شبكة تحالفات وصداقات واتصالات”.
ويساير موقف الدومينيكان عددا من دول أميركا الجنوبية منها البيرو، والذي يشكل فرصة لتعزيز تطابق وجهات النظر بين الرباط وهذه الدول بشأن العديد من القضايا الإقليمية والدولية، ما يعكس الالتزام المشترك بالسلم والاستقرار والتنمية المستدامة، خاصة في الفضاء الأطلسي، خصوصا الاهتمام المتزايد لهذه الدول بالمبادرة الملكية للفضاء الأطلسي ذات البعد الإستراتيجي، خاصة أن المغرب هو بوابة لهذه الدول نحو أفريقيا.
وتوقع “معهد السلام الأميركي” أن قضية الصحراء قد تُغلق قريبا لصالح المغرب، نظرا للدعم الدولي الواسع لمقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط، وأن الاعتراف الدولي متزايد بسيادة المغرب على الصحراء، فضلا عن أن مطلب الانفصال الذي تتبناه جبهة بوليساريو أصبح يواجه واقعا لا مفر منه، وهو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية الكاملة، في وقت يشهد المقترح المغربي دعما دوليا متزايدا، حيث انضمت دول مؤثرة مثل الولايات المتحدة، وفرنسا، وإسبانيا إلى قائمة المؤيدين للمبادرة، ما يعكس تقديرا متناميا للحل الواقعي والمستدام الذي يطرحه المغرب لإنهاء النزاع، ويضع ضغوطا كبيرة على الأطراف الأخرى للانخراط في مسار المفاوضات تحت هذه المظلة.
وسبق لرئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الشيلي فرانسيسكو شاهوان أن أكد خلال زيارة له إلى الأقاليم الجنوبية للمملكة أن “مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب يعد الحل الأمثل لتسوية النزاع حول الصحراء”، مع تعزيز التعاون مع الرباط من خلال اتفاقية التبادل الحر التي من شأنها تعزيز الروابط التجارية بين البلدين.
وكللت التحركات الدبلوماسية المغربية النشيطة في أميركا الجنوبية للتعريف بحقيقة النزاع بتسجيل سلسلة من سحب الاعترافات ببوليساريو، حيث يرى رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان محمد سالم عبدالفتاح أن “تأكيد رئيس الدومينيكان على دعم سيادة المغرب على الصحراء وانضمام بلده إلى مسلسل افتتاح القنصليات الأجنبية بمدينتي العيون والداخلة، يعدان أرقى تجسيد للاعتراف الدولي بالسيادة المغربية، وبمثابة اختراق للحصون التي كانت تعتمد عليها بوليساريو سابقا”.
واعتبر في تصريح لـه أن “موقف رئيس الدومينيكان يتماهى مع هايتي وغواتيمالا اللتين فتحتا قنصليتيهما بالأقاليم الجنوبية للمغرب، ومنظمة شرق الكارايبي، وأيضا موقف برلمان أميركا الوسطى، إلى جانب برلمان دول الأنديز الذي اعترف بالسيادة المغربية على الصحراء، وهو ما يعكس تفكك المشروع الانفصالي من طرف دول كانت داعمة له سابقا وباتت تراجع مواقفها، حيث إن الدومينيكان حلقة أخرى إلى جانب الدول الراغبة في تأسيس علاقات جدية وطيدة مع المملكة، وسيأتي دورها مستقبلا وهي مؤشرات على إنهاء هذا الصراع المفتعل”.
ولفت محمد سالم عبدالفتاح إلى أن “ما دعم هذه المنجزات الدبلوماسية والسياسية المتراكمة على المستوى الدولي هو المقاربة الدبلوماسية الملكية التي عبرت عنها خطابات الملك محمد السادس، المتسمة بالندية والحسم في التعاطي مع شركاء المغرب وحلفائه الإستراتيجيين، كما غير الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على صحرائه، قواعد اللعبة، وجعل المغرب يدخل مرحلة جديدة، في نزاع الصحراء المفتعل”.
وأفاد تقرير حديث للمعهد الأفريقي للدراسات الأمنية ومقره بريتوريا، بأن جبهة بوليساريو الانفصالية في الاستقلال عن الصحراء بدأت تتراجع، وأصبحت تخسر تدريجيا مقابل ارتفاع الدعم الدولي لخطة الحكم الذاتي المغربية، ووفق المصدر ذاته، فإن “الاعتراف الفرنسي والإسباني والأميركي بسيادة المغرب على الصحراء عبر مخطط الحكم الذاتي كان ضربة قوية لطموح بوليساريو”، بالإضافة إلى نجاح المملكة في إبقاء الملف بيد الأمم المتحدة.