شوارع الموت دون ممرّات الراجلين .. موتٌ صامتٌ يتربّصُ بالقنيطريين

أصبح من الملاحظ تزايد حالات عدم احترام ممر الراجلين في الآونة الأخيرة، في مدينة القنيطرة، التي تعتبر من اول المدن المغربية أماناً و حفاظا على سلامة المواطنين . حيث إن الفوضى التي بدأت تسود فيما يتعلق بهذا الجانب تشكل خطراً حقيقياً على سلامة المارة والسائقين على حد سواء.

يقدّم شيخُ مسنّ قدماً ويؤخر أخرى قبل أن يقرّر خوض “المغامرة” وعبورَ شارع محمد الخامس بالقنيطرة، محاولا أن يتجاوز الأمتار التي تقارب العشرين بسلام دون أن تدهسه إحدى السيارات المسرعة على الطريق.

هي حالةٌ يعيشها كل سكان القنيطرة منذ تأهيل عدد من الشوارع الكبيرة، بعضُها خضع لإزالة الأرصفة التي كانت تقسم الشوارع نصفين؛ بحيث كان يجد الراجلون فرصة للتوقف برهة قبل أن يعبروا إلى الجانب الآخر من الطريق، أما الآن فلا مناصّ من عبور الشارع كله مرة واحدة، وإلا فإن التوقّف في المنتصف هو في حدّ ذاته تصرّف قد يكون قاتلا في غياب أي حماية؛ حيث يمكن أن يؤدي أي تجاوز متهوّر أو خروج طفيف عن المسار إلى صدم الراجلين الطريق الذين يقفون في المنتصف.

لا تتوقف الخطورة عند هذا الحدّ، بل تتجاوزها إلى غياب ممرّات الراجلين، وبالتالي فإن عبور الطريق يتم بشكل عشوائي من طرف الراجلين بما في ذلك من مغامرة بالحياة.

 

يقول الصحفي  “بوشعيب البازي ” ، معبرا عن استغرابه الشديد مما يحدث: “فعلا لا أفهم جيّدا كيف يفكر المسؤولون، إعادة تهيئة الشوارع وتوسعتها أمرٌ جيّد جدا، لكن أن يكون ذلك دون مراعاة ولو بسيطة لحياة المواطن والمغامرة بها بهذا الشكل الفجّ، فهذا هو قمة الاستهتار واللامسؤولية، رغم ان عامل مدينة القنيطرة وعدنا بالقيام بالواجب منذ ازيد من أربعة سنوات “.

وتخلو بعض الشوارع من الممرات نهائيا، بينما توجد في بعضها ممرات على مسافات متباعدة جدّا، وفي أماكن لا ينتبه لها السائقون، على غرار ما يحدث بشارع مولاي عبد العزيز و شارع محمد الخامس ؛ حيث استعمال ممرّات الراجلين يعدّ أيضا مغامرة نظرا لعدم التنبيه لوجودها أو عدم وضوحها، خصوصا أن هذه الشوارع تعرف بطولها وبسرعة السيارات العابرة من خلالها.

ورغم غياب أي إحصاءات واضحة لعدد الحوادث التي يسببها غياب ممرات الراجلين إلا أننا استطعنا التواصل مع عبدالكريم ، وهو أحد ساكني حيّ لافيلوت  وناشط “فيسبوكي” متابع لأغلب الحوادث التي تقع بشارع محمد الخامس، الذي وصف ما يحدث بـ”الكارثة الحقيقية”، مضيفا: “لدينا حوالي 4 كيلومترات تقريبا دون ممرّات الراجلين، أسجّل وأوثّق بشكل شخصي الحوادث التي تقع هنا، وهي تتراوح بين 12 إلى 20 حادثة شهريا، تكون عبارة عن حوادث بين السيارات أو يكون ضحاياها راجلون، وقد سبق للساكنة أن نظمت وقفة طالبت فيها بضرورة حلّ هذا المشكل، لكن لم تجد سوى الصمت كجواب”.

من جانبه أكّد  بوشعيب البازي ، أن ما يحدث فيما سمّاها “شوارع الموت” يطرح بقوّة جدلية المواكبة بين البنية التحتية والفوقية وضرورة تزامنهما لتكون الأشغال في المستوى، وقال: “لا بدّ من تصوّرات واضحة لمواكبة التحولات الكبيرة التي تعرفها المدينة. بالنسبة لهذه الشوارع الكبيرة، فقد كان الرصيف المتواجد في الوسط بمثابة عامل أمان للراجلين، وفجأة تمّت إزالته دون أي بديل ودون خطّ ممرات الراجلين، والطامة الكبرى هي أن السيارات تسير في تلك الشوارع بسرعة كبيرة، على رأسها سيارات نقل العمّال التي نعرف جيّدا كيف تتمّ قيادتها وعدد الحوادث التي تسببت بها”.

وتعتبر الأرصفة وممرات المشاة أحد أهم عناصر البنية التحتية في أي مجتمع، حيث يجب أن يتمتع المشاة بالحق في التنقل بأمان وسلامة. ومع ذلك، فإن انتهاكات حقوق المشاة تشكل تهديداً مباشراً على حياتهم وسلامتهم. ويعود احترام ممرات المشاة في المغرب إلى ثقافة احترام القانون والأخلاقيات المجتمعية، ولكن يبدو أن هذا الاحترام قد بدأ يتلاشى تدريجياً في السنوات الأخيرة، مما أدى إلى زيادة الحوادث والمشكلات المرورية.

كما أن عدم احترام الراجلين لقواعد السير يعكس تدهور الثقافة المرورية، ويساهم في زيادة الفوضى على الطرق، حيث يقوم المشاة بتجاوز الشارع بشكل غير مسؤول ودون احترام قواعد المرور المعمول بها. حيث يعرض هذا السلوك حياة المارة للخطر، ويزيد من خطر وقوع الحوادث المرورية، مما يؤثر على السلامة سلباً ويجعل التنقل أكثر خطورة.

ومن المهم أن يتم التركيز على تعزيز الثقافة المرورية وتوعية السائقين والمشاة بأهمية احترام ممرات الراجلين وحقوقهم على الطرق، والعكس صحيح. حيث يجب على السلطات المعنية تكثيف جهودها في فرض القوانين وتطبيق العقوبات على المخالفين، بالإضافة إلى توفير بنية تحتية مناسبة للمشاة لتحفظ سلامتهم وتسهل تنقلهم بأمان.

إن عدم احترام ممرات الراجلين سواء من طرف السائقين أو الراجلين ليس مجرد مخالفة مرورية، بل يمثل خطراً حقيقياً على حياة الناس. لذلك، يجب على المجتمع بأسره الوقوف معاً لتعزيز ثقافة الاحترام والتسامح على الطرق، والعمل معاً من أجل توفير بيئة آمنة ومريحة للجميع.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: