عشوائية النظام الجزائري: تبون يمنح وزير داخليته عطلة خاصة ليتفرغ لإدارة الحملة الانتخابية
بعد الضجة التي أثيرت في الجزائر حول تداخل السلط عقب تعيين عبد المجيد تبون، الرئيس المقبل على عهدة ثانية، لوزير الداخلية إبراهيم مرّاد كمدير لحملته الانتخابية، تفتقت عبقرية النظام الحاكم في بلاد « القوة الضاربة » عن فكرة ظاهرها الامتثال للقانون، وباطنها إسكات الأصوات المنتقدة لاختيار وزير الداخلية لتولي منصب حساس يقتضي الكثير من التجرد والحياد.
وجاء في العدد الأخير من الجريدة الرسمية أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وقع مرسوماً يقضي بإحالة وزير الداخلية إبراهيم مرّاد على عطلة خاصة، تبدأ من 14 غشت الجاري وتنتهي في 4 شتنبر المقبل، وذلك بعد تعيينه مديرًا لحملته الانتخابية استعدادًا للرئاسيات المقبلة. وقرر تبون أن يتولى تسيير وزارة الداخلية بالنيابة إطار سام في الدولة إلى حين « عودة » مراد من عطلته الخاصة.
كما قرر تبون أن يتولّى تسيير وزارة الداخلية بالنيابة، إطار سام في الدولة، إلى حين « عودة » الوزير مرّاد من عطلته الخاصة.
تساؤلات مشروعة
هكذا إذن قرر تبون أن يغطي عن فضيحة اختياره لوزير داخليته كمدير لحملته الانتخابية، بمنح الوزير « عطلة خاصة » من 14 غشت إلى 4 شتنبر لكي يتفرغ للحملة الانتخابية.
وإذا كان الرئيس المقبل على عهدة ثانية حريصا فعلا على عدم الخلط بين السلط، مثلما تروج لذلك وسائل الإعلام المسخرة من طرف نظام العسكر المستولي على الحكم، فمن سيتولى تسيير وزارة الداخلية بين تاريخ تعيين مرّاد مديرا للحملة الانتخابية (يوم 6 غشت) إلى غاية يوم تمتيعه بعطلة خاصة (14 غشت)؟ خاصة أن الرجل قد شمر عن سواعده منذ اليوم الأول من تعيينه، وشرع فعلا في تنصيب هياكل مديرية الحملة الانتخابية، وفق التقارير التي تنشرها الصحافة الجزائرية.
تزايد الاستياء الشعبي
يبدو أن هذه الخطوة (العشوائية) من تبون لم تزد الجزائريين إلا غضبا واستنكارا، لوعيهم بأن من يسير البلاد يخبط خبط عشواء ولا يدير الأمور بالحكمة والتبصر اللازمين لمصلحة البلاد والعباد. وردود الفعل الغاضبة من المواطنين تعكس حالة الاستياء العام من سياسات النظام الحالي.
« إنها الديمقراطية الجزائرية يا سادة!! بالله أفيدونا أين رأيتم في العالم وزير داخلية يتقلد مهمة رسمية يقوم بحملة انتخابية لصالح رئيس يقال إنه منتخب، ومسخرا الإمكانيات المادية والاعلامية للدولة؟ »، هكذا علق مواطن جزائري غاضب على صفحة جريدة « أورس » التي أوردت نبأ تمتيع مرّاد بالعطلة الخاصة.
وكتب مواطن أخر يدعى محفوظ تعليقا يعبر عن مدى وعي المواطن الجزائري بما يجري في قصر المرادية: « محسومة مسبقا العهدة التانية، واضحة، والعسكر هو من يختار ويقرر من سوف يكون دمية لهم. الأنظمة العسكرية الدكتاتورية الشيوعية الشمولية لا ديمقراطية ولا شفافية ولا مصداقية لهم. تبون المزور جابوه العسكر » .
تبون يبالغ في استفزاز الشعب
تعيين مرّاد مديرًا لحملة تبون الانتخابية يوم 6 غشت جر عليه سخطًا كبيرًا من طرف أحزاب معارضة ومواطنين اعتبروا هاته الخطوة التي وصفها بعضهم بالـ« فضيحة » تمثل « انتهاكًا صارخًا للقانون الانتخابي واستخدامًا لموارد الدولة لأغراض انتخابية ».
وانتقد حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية « أرسيدي »، بشدة قرار تعيين الرئيس عبد المجيد تبون لوزير داخليته إبراهيم مراد مديرًا لحملته نحو عهدة ثانية، ووصف القرار بـ« الاستفزازي »، مؤكدا أن تعيين وزير الداخلية في هذا المنصب الحساس يتنافى مع مبادئ النزاهة والحيادية التي يجب أن تتحلى بها العملية الانتخابية.
وكأن ليس في البلاد كلها شخص آخر يتولى هذه المهمة المؤقتة غير وزير الداخلية، اعتبر المنتقدون أن ما أقدم عليه تبون يدل على « غياب الشفافية والديمقراطية في إدارة البلاد ».
مستقبل الجزائر؟
هذه التعليقات الشعبية تكشف عن شعور عام بالإحباط والظلم تجاه حكومة تضع مصالحها الخاصة فوق مصالح الشعب. هذه الحالة من الاستياء تدفع للتساؤل حول مستقبل الجزائر في ظل نظام يتسم بالفوضى وغياب الشفافية والمصداقية. ويبدو فعلا أن النظام الحالي يسير البلاد، المقبلة على انتخابات رئاسية محسومة النتيجة، بشكل عشوائي، مما يزيد من حالة الغضب والاستنكار بين المواطنين الذين يتطلعون إلى تغيير حقيقي وإصلاحات جذرية تضمن مستقبلًا أفضل للجزائر.
فهل يمكن للنظام الجزائري الاستمرار في تجاهل صوت الشعب وتقديم مصالحه الخاصة؟ أم أن وعي الجماهير المتزايد سيكون نقطة تحول نحو تغيير حقيقي في البلاد التي يسيرها جنرالات عجزة؟