تغير الحكومات لا يؤثر على سياسة بريطانيا الثابتة تجاه المغرب

ماموني

حكومة ستارمر تشدد على قانونية الأنشطة التجارية في الصحراء المغربية

يعكس موقف حكومة حزب العمال أن سياسة بريطانيا حيال المغرب ثابتة لا تتأثر بتبدل الحكومات، وأن هناك التزاما بريطانيا بالمضي قدما في تطوير الشراكة القائمة بينهما، بالنظر إلى أهمية المغرب وثقله في منطقة شمال أفريقيا.

أكدت الحكومة البريطانية الجديدة، تمسكها باتفاقية الشراكة مع المغرب التي تشمل الصحراء، بعدما استفسر النائب بن ليك عمّا إذا كان “وزير الدولة للشؤون الخارجية والكومنولث والتنمية قد أجرى مؤخرًا محادثات مع نظيره المغربي بشأن التجارة في الموارد الطبيعية القادمة من الصحراء”.

ويعكس الموقف البريطاني إيمانا بمقاربة المغرب التي تنبني على خطة تنموية تستهدف النهوض بالأقاليم الجنوبية، وأيضا قناعة بأن مبادرة الحكم الذاتي تبقى الحل الوحيد والواقعي لحل قضية الصحراء المغربية.

وقالت حكومة حزب العمال التي يقودها كير ستارمر، “لا نعتبر الأنشطة التجارية في الصحراء غير قانونية”.

وأوضحت الحكومة أن المملكة المتحدة ستواصل دعم الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة والعمل الذي يقوم به ستيفان دي ميستورا كمبعوث شخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، وأنها ستعزز من المشاركة البناءة في العملية السياسية.

وتبنت الحكومة الحالية موقفا مماثلا لموقف الحكومة المحافظة السابقة برئاسة ريشي سوناك في أبريل 2024، وذلك رداً على السؤال الكتابي الذي طرحه النائب العمالي لويد راسل-مويل، برفضها مقترح إنشاء مجلس أممي لمراقبة الموارد الطبيعية في الصحراء.

 

شريفة لموير: الاعتراف البريطاني بمغربية الصحراء مسألة وقت

ويرى مراقبون أن بريطانيا لديها سياسة ثابتة تجاه المغرب، بغض النظر عن تبدل الحكومات، حيث تشكل العلاقة مع المملكة المغربية أهمية إستراتيجية لدى المنظومة الغربية في منطقة شمال أفريقيا.

وبعث العاهل المغربي الملك محمد السادس برقية تهنئة إلى كير ستارمر، بمناسبة تعيينه وزيرا أول للمملكة المتحدة، مؤكدا أنها “مناسبة سانحة، لأعبر لمعاليكم عن مدى ارتياحي للمستوى المتميز لعلاقات الصداقة المتينة والتعاون الوثيق التي تربط بين المملكتين المغربية والبريطانية، مؤكدا لكم حرصي القوي على العمل سويا معكم من أجل المضي قدما في ترسيخ هذه الروابط العريقة، بما يضفي ديناميكية جديدة على شراكتنا الإستراتيجية الواعدة، ويعزز نهج التشاور الفعال والتنسيق البناء بين بلدينا إزاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك”.

وأكد وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي عقب محادثة هاتفية مع نظيره المغربي ناصر بوريطة في 5 غشت الجاري أن “العلاقات بين المملكة المتحدة والمغرب تمتد لأكثر من 800 عام وتواصل تعزيزها. وقد ناقشنا قضايا الأمن والازدهار الإقليميين، التي أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى”.

وأوضحت شريفة لموير، الباحثة في العلوم السياسية، أن ديناميكية الدبلوماسية المغربية لعبت دورا مهما وبارزا في التطور الذي تعرفه قضية الصحراء المغربية، معتبرة أن الخطة التنموية التي انتهجها المغرب في الأقاليم الجنوبية حققت قفزة اقتصادية وتجارية أضحت قبلة استثمارية لعدد من الدول منها بريطانيا التي تتشبث بالشراكة الإستراتيجية مع المغرب.

ولفتت لموير في تصريحات لـه إلى أن الاعتراف البريطاني بمغربية الصحراء مسألة وقت، معددة جملة من المؤشرات من أهمها مبادرة النواب البريطانيين الأخيرة التي أكدوا فيها على ضرورة اتخاذ الحكومة موقفا أكثر فاعلية وداعما لمقترح الحكم الذاتي خصوصا مع اتساع قاعدة الدعم الدولي لهذا المقترح، آخرها الاعتراف الفرنسي.

وفي يناير الماضي أكد مبعوث الحكومة البريطانية لقمة الاستثمار البريطانية – الأفريقية 2024، ألستير ماكفيل، أثناء لقائه مع وزير الخارجية المغربي، أن المملكة المتحدة تتطلع إلى “بناء شراكة عصرية وذات منفعة متبادلة مع المملكة المغربية.

الخطة التنموية التي انتهجها المغرب في الأقاليم الجنوبية حققت قفزة اقتصادية وتجارية أضحت قبلة استثمارية لعدد من الدول منها بريطانيا

وسبق واتخذت بريطانيا موقفا إيجابيا تجاه قضية الصحراء المغربية، بإصدار محكمة الاستئناف بلندن قرارا في مايو 2022 يقضي برفض طلب استئناف تقدمت به منظمات غير حكومية داعمة لجبهة بوليساريو من أجل إبطال اتفاق الشراكة الذي يربط المغرب ببريطانيا بتاريخ الثلاثين من ديسمبر من عام 2020.

وأبدت بريطانيا رغبتها في الاستثمار بالأقاليم الجنوبية للمملكة، وكان آخرها إعلان شركة “أوبلين” البريطانية عزمها على الاستثمار في مشروع لإنتاج الهيدروجين بمدينة الداخلة، الحاضرة الجنوبية لأقاليم الصحراء المغربية.

ويرى مراقبون أن قرار المحكمة البريطانية يحظى بأهمية قصوى، قضائية وسياسية إذ يعدم أيّ مزاعم لبوليساريو بالتمثيلية والصفة والمصلحة، ويمتد أثر تنفيذ الحكم والقرار الصادر عن المحكمة إلى السياسة الخارجية لبريطانيا، لأنه أصبح عنوانا للحقيقة.

وتماشيا مع دعم حلفاء المملكة المتحدة الرئيسيين للخطة المغربية للحكم الذاتي، رفع 30 نائبا بريطانيا من حزبي العمال والمحافظين رسالة إلى ديفيد كاميرون، وزير الخارجية السابق، في مايو الماضي، يطالبون فيها المملكة المتحدة بـ”تقديم دعم استباقي لمخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء، رسميا ودون تأخير” باعتباره “الحل الوحيد” للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

وشدد النواب وأعضاء مجلس اللوردات، على أن مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب للصحراء، بالإضافة إلى كونها المسار “الأكثر براغماتية”، فإنها “تحترم التقاليد المحلية والتطلعات الديمقراطية، وتوفر حلا قابلا للتطبيق لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين”.

وفي سياق المؤشرات الداعمة لسيادة المغرب على صحرائه داخل بريطانيا، أكد تقرير حديث للمعهد الملكي للخدمات المتحدة لدراسات الدفاع والأمن على ضرورة توجه المملكة المتحدة من أجل منح دعمها الكامل للخطة المغربية للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، موضحا أن “مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في أبريل 2007 يعد أساسا للمفاوضات ورؤية للرخاء المشترك بمنطقة شمال أفريقيا ككل”.

وتنظر المملكة المتحدة إلى المغرب كشريك اقتصادي إقليمي، خصوصا بعد انفصالها عن شركائها الأوروبيين قبل حوالي أربع سنوات أو ما يعرف بـ“بريكست”، لهذا أشار تقرير

المعهد البريطاني، إلى “الالتزام المغربي بتنمية المنطقة عبر عقود من الاستثمارات الكبيرة وبنية تحتية واسعة النطاق للاقتصاد والاتصالات، وخلق آلاف فرص الشغل، ذلك أن الأقاليم الجنوبية من أكثر المناطق المغربية تطورا، وهو الأمر الذي بينته نسبة مشاركة مواطني هذه المنطقة في الانتخابات الوطنية الأخيرة التي تجاوزت 66 في المئة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: