ديناميكية قطاع الصناعة الدوائية بوأت المغرب المرتبة الثانية أفريقيا

ماموني

أبرزت دراسة حديثة نشرها مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد أن قطاع الصناعة الدوائية في المغرب يعرف ديناميكية كبيرة مع إمكانات تنموية واعدة، بواقع استثمارات سنوية تصل إلى 700 مليار درهم، ورقم معاملات يتراوح بين 14 و15 مليار درهم، مما جعله يتبوأ المرتبة الثانية بالقارة الأفريقية، والخامسة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينا).

ويغطي قطاع الصناعة الدوائية المغربي حوالي 80 في المئة من احتياجات المغاربة من الأدوية والمواد العلاجية، إذ يستفيد من خبرة وطنية في المجال تعود إلى سبعينات القرن الماضي، وخضع للتطوير في سياق خطة التسريع الصناعي ما بين 2014 و2020، مما جعله اليوم من بين القطاعات الأكثر ديناميكية وابتكارا في القارة الأفريقية.

وتطرقت الدراسة إلى أن هذه الديناميكية تتعلق أساسا بقطاع يتضمن حوالي 50 مؤسسة صيدلانية صناعية، و11 ألف صيدلية خاصة، في حين يرتقب أن يرتفع منسوب ديناميكية هذا القطاع خلال السنة الجارية بالاعتماد على نمو مرتقب على المستويين الداخلي والخارجي، وذلك موازاة مع الرفع من إنتاج الأدوية الجنيسة.

وحسب دراسة نشرها المركز بعنوان “هل قطاع الصناعات الدوائية بالمغرب مستعد لمواجهة تحديات الصيادلة الصحية”، فإن المملكة تعرف نقلة جيدة خلال 2024، حيث تستفيد من محرك مزدوج للنمو يشمل السوق الوطنية والدولية على حد سواء.

 

خالد آيت الطالب: هناك توجه إستراتيجي لتشجيع الصناعة المحلية
خالد آيت الطالب: هناك توجه إستراتيجي لتشجيع الصناعة المحلية

 

وأوضحت الدراسة أن مبيعات القطاع الصيدلي ارتفعت بنسبة 50 في المئة مقارنة بسنة 2022، حيث حققت صناعة الأدوية في المغرب سنة قياسية في 2023، باعتبار أن صناعة الأدوية تعد ثاني نشاط كيميائي في المغرب، الذي بات رائدا في مجال صناعة الأدوية الجنيسة.

وتفاعلا مع سؤال برلماني حول الإجراءات التي تتخذها وزارته لتعزيز السيادة الوطنية على الصناعة الدوائية، أفاد خالد آيت الطالب، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، بأن المملكة المغربية قادرة على إنتاج 70 في المئة من حاجياتها من الأدوية، وأن هناك توجها استراتيجيا وزاريا لتشجيع الصناعة المحلية ليس فقط في ما يتعلق بالأدوية وإنما أيضا المستلزمات الطبية، حيث إن السيادة الدوائية لا تقتصر فقط على الدواء، وأن المغرب لديه شركات قادرة على تصنيع ما يحتاجه من هذه المستلزمات لتعزيز سيادته الدوائية التي تشمل أيضا تخفيض ثمن الأدوية، خاصة السرطانية، وتعزيز المخزون الاحتياطي الإستراتيجي لتدبير الأزمات.

وأكد الدكتور نبيل ناشيط، نائب الكاتب العام للفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب، أن الصناعة الدوائية المغربية تغطي ما يقرب من 70 في المئة، وتصدر ما بين 7 و8 في المئة من إنتاجها، وتشكل ثاني أكبر نشاط كيميائي بالمملكة، كما تعتبر إحدى الدعامات الأساسية في النسيج الصناعي الوطني ولها مكانة مهمة بالنسبة للاقتصاد الوطني مع حوالي 53 مختبرا و30 موقع إنتاج و50 موزعا، وتوفر 55.000 منصب شغل مباشر وغير مباشر.

وأوضح مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد أن المغرب عرف منذ بداية الألفية الجديدة إلى غاية اليوم إنشاء ما يصل إلى 20 منشأة صناعية متخصصة في إنتاج الأدوية والمستلزمات المتعلقة بحفظ الصحة، منها منشآت مغربية بالكامل وأخرى تابعة لشركات أم أجنبية، مما يشكل نقلة في هذا المجال مقارنة بالمرحلتين السابقتين المذكورتين.

وقامت حوالي 10 دول أجنبية بالاستثمار في مجال الصناعة الدوائية بالمغرب، بما فيها فرنسا بواقع ست شركات، متبوعة بكل من سويسرا والولايات المتحدة الأميركية بواقع 3 شركات لكل واحدة على حدة، فضلا عن شركتين ألمانيتين اثنتين، في حين أن دول الإمارات العربية المتحدة والهند والأردن والبرتغال تستثمر في المغرب بواقع شركة واحدة لكل واحدة منها.

80 في المئة من احتياجات المغرب من الأدوية يغطيها قطاع الصناعة الدوائية المغربي

وأورد خبراء مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد ما اعتبروه “نموا قويا”، وأن الملاحظ هو ارتفاع رقم المعاملات لدى الشركات المشتغلة في هذا المجال، إذ ارتفع رقم مبيعاتها بحوالي 15.3 في المئة سنة 2021 مقارنة مع سنة 2020، في حين ارتفع رقم المعاملات سنة 2022 بحوالي 7.9 في المئة مقارنة بسنة 2021، قبل أن يحصل الازدهار سنة 2023 بارتفاع قدر بـ50 في المئة.

وحقق قطاع الصناعة الدوائية قفزة نوعية خلال السنوات الأخيرة، سواء على مستوى الإنتاج أو التسويق، وطنيا ودوليا، وهو ما حفز المصنعين على مواصلة المجهودات لتطوير هذه الصناعة بالمغرب، وجعل المغرب نموذجا سواء في ما يتعلق بالقوانين المنظمة لهذا القطاع، أو ما يرتبط بجودة الدواء الذي تصنفه منظمة الصحة العالمية ضمن المجموعة الأوروبية.

وتم ربط هذه الديناميكية بعاملين اثنين، يتعلق الأول بتعميم التغطية الصحية على مختلف المغاربة وإلغاء الضريبة على القيمة المضافة بنسبة 7 في المئة، التي كانت مطبقة على الأدوية، على اعتبار أنهما في نهاية المطاف تسببا في زيادة معدل استهلاك الأدوية وطنيا، موازاة مع ارتفاع عدد الكبار في السن.

أما العامل الثاني فيرتبط أساسا بالطلب الخارجي على الأدوية المغربية، خصوصا بالقارة الأفريقية، حيث يصدر المغرب تقريبا 10 في المئة من إنتاجيته الدوائية، في وقت تنتج القارة 3 في المئة فقط من احتياجاتها الدوائية بفعل استقرار إنفاقها على الصحة في حدود 1 في المئة من الإنفاق العالمي، وفق التقرير دائما.

وبحكم هذا الواقع، أكد مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد أنه من الطبيعي أن يكون المغرب مستقطبا للاستثمار الأجنبي المباشر في مجال الطب والصيدلة، بما مكّنه من التموقع داخل ما يصل إلى 30 دولة أفريقية في مجال سوق الأدوية.

وأشار وزير الصحة إلى أن مصنع اللقاحات الذي أعطى العاهل المغربي الملك محمد السادس تعليماته بتشييده إبان فترة كوفيد، مكن من تصنيع 100 في المئة من احتياجات اللقاحات على المستوى الوطني، بل والتصدير إلى القارة الأفريقية والمساهمة في تعزيز السيادة الدوائية القارية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: