فنلندا تلتحق رسميا بقائمة الدول الأوروبية الداعمة لسيادة المغرب على صحرائه
تناغم في الموقفين المغربي والفنلندي حول المسار السياسي لحل نزاع الصحراء
انضمت فنلندا اليوم الثلاثاء رسميا لقائمة الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي اعترفت حتى الآن بمغربية الصحراء وبمبادرة الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب أساسا وحيدا لحل النزاع المفتعل.
وبهذا الاعتراف تكون هلسنكي أول دولة من دول الشمال الأوروبي تدعم رسميا وبشكل صريح، مقترح الحكم الذاتي كحل واقعي ووحيد قابل للتطبيق لإنهاء النزاع المفتعل في الصحراء.
ونجح المغرب في السنوات الأخيرة في انتزاع اعترافات دولية وازنة بمغربية الصحراء وبمبادرة الحكم الذاتي تحت سيادته، أساسا وحيدا لحل النزاع، بينما عززت تلك الاعترافات عزلة جبهة بوليساريو الانفصالية وحاضنتها الجزائر.
وتشير مجمل التطورات إلى أن الرباط تتجه بثبات لإنهاء النزاع وتفكيك الطروحات الانفصالية التي تؤججها الجزائر عبر دعمها للكيان غير الشرعي المسمى الجمهورية العربية الصحراوية ممثلة في ذراعها المسلحة جبهة بوليساريو.
ويعزز هذا الموقف الجديد الزخم الذي يشهده الاتحاد الأوروبي حيال قضية الصحراء المغربية، ففنلندا تشكل الدولة العضو الـ17 في الاتحاد التي تدعم الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وعبرت هلسنكي عن هذا الموقف في بيان مشترك صدر عقب اللقاء الذي جمع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بنظيرته الفنلندية إلينا فالطونين.
وجاء في البيان المشترك أن “فنلندا تعتبر مخطط الحكم الذاتي المقدم سنة 2007، مساهمة جادة وذات مصداقية في المسلسل السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة وأساسا جيدا لتسوية متوافق بشأنها من قبل الأطراف”.
وجددت هلسنكي تأكيدها على دعم “المسلسل السياسي الرامي إلى التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الأطراف”، في تأكيد يعكس تناغم الموقفين المغربي والفنلندي بشأن الدور الحصري للأمم المتحدة في الحراك السياسي لحل النزاع المفتعل.
وأكد بوريطة وفالطونين على دعمهما لقرارات مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة، وتأييد بلديهما لجهود المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الرامية إلى الدفع قدما لإنهاء النزاع على أساس واقعي قابل للتطبيق.
ويأتي الموقف الجديد لفنلندا في إطار دينامية الدعم الدولي لسيادة المغرب على صحرائه ولمخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية وهي المبادرة التي أيدتها العديد من البلدان، وهو التأييد الذي كان ثمرة للدبلوماسية الهادئة التي تستمد دعائمها من مقاربات وتوجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس.
ولم يأت اعتراف فنلندا بمغربية الصحراء من فراغ إذ يشكل في توقيته نتاج حراك دبلوماسي مغربي وثمرة تمسك المغرب بثوابته الوطنية وجعله من مغربية الصحراء منظورا لعلاقاته الخارجية وثابتا وطنيا غير قابل للمساومة والابتزاز.
ولا يعتبر موقف فنلندا استثناء في سياقاته السياسية الدولية لكنه يشكل تطورا لافتا وجوهريا بالمقارنة مع المواقف التي كانت تعبر عنها هلسنكي في الماضي والتي كانت تنحصر أساسا في التعبير عن دعم جهود الأمم المتحدة.
ويكتسب موقف فنلندا أهمية أكبر في سياقاته إذ يأتي بعد أسبوع واحد فقط من اعتراف فرنسا رسميا بمغربية الصحراء، وهو اعتراف يفتح الباب لمواقف مماثلة لدول لم تعترف بعد بسيادة المغرب على كل أقاليمه الجنوبية.
وتبدد هذه الاعترافات تدريجيا محاولات عبثية من جبهة بوليساريو ومن الجزائر لانتزاع مواقف غربية داعمة للطرح الانفصالي تحت مسمى “تقرير المصير”، وهو طرح بدا في التفكك على وقع قناعات دولية بأن الواقعية السياسية تفرض الإقرار بوحدة وسيادة المملكة المغربية على كامل ترابها باعتبارها الضامن الوحيد للأمن والاستقرار الإقليمي والدولي وباعتبارها أكبر شريك موثوق في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة.
ومن شأن موقف هلسنكي الجديد أن يعزز الزخم الذي يشهده الاتحاد الأوروبي حيال قضية الصحراء المغربية، حيث أن فنلندا تشكل الدولة العضو الـ17 في الاتحاد التي تدعم الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. كما أنه يأتي في سياق الدينامية الدولية التي تشكلت بفعل الزخم الذي أطلقه الملك محمد السادس على مدى السنوات القليلة الماضية وهي الدينامية التي أفضت في النهاية إلى إعلان العديد من الدول من مختلف أنحاء العالم عن دعمها لسيادة المغرب على صحرائه، واعترافاها بأنه لا محيد عن خطة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية أساسا وحيدا وواقعيا لإنهاء النزاع المفتعل.
ويعتبر موقف فنلندا الجديد مهما ليس في توقيته وسياقاته فحسب بل أيضا كونه يعبر عن موقف دولة وينبثق عن جميع مكوناتها التنفيذية والتشريعية، فالقرار الرسمي اتخذ بالتشاور مع الرئيس الفنلندي وبعد التشاور على مستوى الحكومة ومع لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان.
وباعتراف فنلندا بمبادرة الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب أساسا وحيدا لحل النزاع المفتعل بعد نحو أسبوع من اعتراف فرنسا بمغربية الصحراء، يبدو واضحا أن هذه الخطوة ستجر اعترافات عدد من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف مماثل.
وتوجه هذه الاعترافات ضربة قاصمة لجبهة بوليساريو ولحاضنتها الجزائر وتزيد من عزلتهما، بينما تشير في الوقت ذاته إلى وجاهة الموقف المغربي وصوابية تحركاته الدبلوماسية.
كما يعزز ذلك من موقع المملكة ومكانتها دوليا بعد أن ثبت بعد عقود من النزاع قدرتها على إدارة الأزمة ضمن حدود القانون الدولي والتزامها ضبط النفس في التعاطي مع جرائم بوليساريو وانتهاكاتها لقرار وقف إطلاق النار الذي رعته الأمم المتحدة في تسعينات القرن الماضي.
وفي الوقت ذاته أبدى الجيش المغربي قدرة عالية في التصدي لعصابات الجبهة الانفصالية موازنا بين الحزم في حماية الوحدة الترابية للمملكة وبين متطلبات المسار السياسي لإنهاء النزاع