حلم المرادية يجر راغبين في الترشح للرئاسيات الجزائرية إلى القضاء
استدعى القضاء الجزائري ثلاثة ممن أعربوا عن رغبتهم في الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر الداخل، إلى التحقيق على خلفية شبهات رشوة وشراء توقيعات طالت الملفات التي أودعوها لدى سلطة الانتخابات، وهي تهم ثقيلة قد تكلف السجن، حتى ولو تعلق الأمر بعملية سياسية، سبق لراغبين تم أقصاؤهم من السباق أن وصفوها بـ”المغلقة” و”المتحيزة”.
ومثل راغبون في الترشح للانتخابات الرئاسية الجزائرية المقررة في السابع من شهر سبتمبر الداخل، أمام قاضي تحقيق لدى مجلس قضاء العاصمة، للاستماع لهم في نتائج تحقيق أفضى إلى ضلوعهم في ممارسات منافية لقانون الانتخابات، ويتعلق الأمر بكل من بلقاسم ساحلي مرشح تحالف حزبي، وسيدة الأعمال سعيدة نغزة، وعبدالحكيم عمار.
واتهم هؤلاء بأعمال رشوة وشراء توقيعات، ويقصد بها استمارات التزكية التي يخولها القانون للمنتخبين لدعم أي مرشح، وقد تم إقصاء هؤلاء من سباق الانتخابات الرئاسية، كما رفضت الطعون التي أودعوها لدى المحكمة الدستورية، التي كانوا يعولون عليها لـ”إنصافهم واستعادة حقوقهم التي هضمتها السلطة المستقلة للانتخابات” بحسب ما عبر عنه بعضهم في تصريحات صحفية.
وكانت المحكمة الدستورية، قد أكدت سلامة ملفات المرشحين الثلاثة المعلن عنهم من طرف الهيئة المستقلة للانتخابات، ورفضت الطعون الخمسة التي أودعت لديها من طرف راغبين آخرين في الترشح أقصتهم السلطة المذكورة، وهو ما يؤكد قبول ملفات كل من مرشح جبهة القوى الاشتراكية يوسف أوشيش، ومرشح حركة مجتمع السلم الإخوانية عبدالعالي حساني شريف، والمرشح المستقل، الرئيس الحالي عبدالمجيد تبون، فيما تم إبعاد 13 راغبا من السباق.
المرشح ورئيس حركة مجتمع السلم عبدالعالي حساني شريف، اعتبر أن منتخبي الحركة غير معنيين بقضية شراء الاستمارات
وسبق للنائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر لطفي بوجمعة، أن كشف الخميس الماضي، عن فتح تحقيق ابتدائي معمق في قضية شراء توقيعات منتخبين من طرف بعض الراغبين في الترشح للرئاسيات المقبلة.
وأوضح في ندوة صحفية، أنه “بناء على معطيات ومعلومات مؤكدة مفادها لجوء بعض الراغبين في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة إلى شراء توقيعات منتخبين مقابل الحصول على التزكية من أجل الترشح للانتخابات الرئاسية، وانطلاقا من هذه المعطيات الأولية وفي إطار ممارسة صلاحيات العدالة، ممثلة في النيابة العامة، وطالما أن القطب الجزائي الاقتصادي والمالي له اختصاص وطني في قضايا الفساد، أمرت النيابة مصالح الضبطية القضائية بفتح تحقيق ابتدائي معمق حول ذلك هذه القضية”.
وأضاف: “في هذا الإطار باشرت مصالح التحقيق القضائي التابعة للمديرية العامة للأمن الداخلي إجراء تحقيق ابتدائي معمق أسفر عن وجود ثلاثة مستويات، كل مستوى يخص فئة معينة، وأنه تم الاستماع إلى أكثر من 50 شخصا من المنتخبين اعترفوا بتلقيهم مبالغ مالية تتراوح ما بين 20 و30 ألف دج (150 و200 دولار أميركي) مقابل تزكيتهم لهؤلاء الراغبين في الترشح”.
وتابع: “تم التحقيق مع 10 أشخاص تكفلوا بالوساطة في جمع وتسليم المبالغ المالية بين هؤلاء المنتخبين والراغبين في الترشح، بالإضافة إلى وجود 3 أشخاص كانوا قد عبروا عن نيتهم في الترشح متورطين في هذه التجاوزات والممارسات يمكن أن تطالهم الإجراءات المنصوص عليها قانونا”.
ولفت النائب العام أن “التحقيقات الأمنية والإدارية والتأهيلية أثبتت صدور أحكام قضائية نهائية بالحبس والغرامة المالية لتصرفات غير أخلاقية ومعاملات غير مشروعة، في حق هؤلاء الراغبين في الترشح”. ولم يفصح عن هوية هؤلاء، فيما يعرف الشارع الجزائري أن المرشحة المنسحبة لويزة حنون، سبق لها أن حكم عليها بالسجن 15 عاما نافذا العام 2019، في إطار ما عرف آنذاك بـ”شبكة التخطيط للانقلاب على مؤسسات الدولة ومؤسسة الجيش”، ثم أطلق سراحها بعد عام.
وفي خطوة لتبرئة الذمة، سارع المرشح ورئيس حركة مجتمع السلم عبدالعالي حساني شريف، إلى نفي ضلوع منتخبيها في هذه القضية، وأن منتخبي حركة “حمس” غير معنيين بقضية شراء الاستمارات.
وأضاف: “لم تصلنا أي معلومة حول استدعاء أي أحد من منتخبي الحركة للتحقيق في القضية، وأن حركة مجتمع السلم طالما نددت بهذه التصرفات، وستبقى تناضل من أجل إنجاح الانتخابات بكل شفافية ونزاهة”.
المحكمة الدستورية تؤكد سلامة ملفات المرشحين الثلاثة المعلن عنهم من طرف الهيئة المستقلة للانتخابات ورفضت الطعون الخمسة التي أودعت لديها
أما رئيس حزب صوت الشعب الأمين عصماني، الداعم للمرشح المستقل عبدالمجيد تبون، فقد أكد بأنه “لم يتم تسجيل أي حالة لتورط منتخبي حزبه في قضية شراء التوقيعات من أجل الترشح للانتخابات الرئاسية، وإن تم تسجيل حالات ستكون قليلة جدا”.
ووصف عملية شراء التوقيعات بـ”السابقة في تاريخ الحياة السياسية، وأن حزبه يقف ضد هذه التصرفات، ويلح على ضرورة تطهير الطبقة السياسية ورد الاعتبار للحزب السياسي وعلاقته بمناضليه”.
وأكد النائب العام في تصريحه، بأنه “رغم الترسانة القانونية الهامة والمتطورة التي أقرها المشرع الجزائري لضمان نزاهة الانتخابات، فقد تم تسجيل هذه التجاوزات والتصرفات واستعمال المال الفاسد والفساد للمساس بنزاهة ومصداقية الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في السابع من سبتمبر، والتي تعتبر محطة هامة بالنسبة للجزائريات والجزائريين”.
وشدد على أن شراء الأصوات لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم دون متابعة، وأن سيف القانون سيكون صارما وحادا ضد كل من يسمح لنفسه بتعكير صفو الانتخابات والمساس بمصداقيتها ونزاهتها، وهي رسالة قوية لكل الفئات السياسية التي وظفت المال في مشاريعها الانتخابية أو كانت تعترض على الاستحقاقات الانتخابية بأعمال الضغط والمنع.
وأضاف: “مصالح الضبطية القضائية تتابع وتوسع التحقيق الابتدائي المفتوح لتوقيف ومتابعة كل من تورط من قريب أو من بعيد في هذه الوقائع تحت إشراف نيابة القطب الجزائي المتخصص في قضايا مكافحة الفساد، لاسيما وأن قانون الانتخابات يجرم التلاعب بالأصوات وتقديم الهدايا والمزايا والأموال المختلفة والخدمات والوعود”.