الجزائر تستعد لتصعيد تجاه فرنسا بسبب الاعتراف بمغربية الصحراء
أشارت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إلى أن الاحتجاج الجزائري على الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء لن يقتصر على سحب الجزائر لسفيرها لدى باريس، بينما تستعد السلطات الجزائرية للإعلان عن جملة من القرارات الأخرى ضد فرنسا، ما من شأنه أن يؤجج التوتر بين البلدين، فيما يرى مراقبون أن بوادر قطيعة دبلوماسية تلوح في الأفق.
وسلّطت الصحيفة الفرنسية الضوء على تصريح أحمد عطاف وزير الخارجية الجزائري الذي أكد أن سحب سفير بلاده يأتي في إطار خطوة لخفض التمثيل الدبلوماسي في انتظار اتخاذ إجراءات أخرى.
بدورها نقلت صحيفة “مونت كارلو” الدولية عن المحلل الجزائري فيصل مطاوري قوله إن القرارات الجزائرية المنتظرة ستشمل العلاقات الاقتصادية والتجارية بين بلاده وفرنسا.
واعتبر أن سحب السفير يؤشر على أن الأزمة الدبلوماسية بين البلدين وصلت إلى مستوى خطير، لافتا إلى أن هذه الإجراء يأتي قبل قطع العلاقات، ما من شأنه أن يطوي صفحة زيارة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون المقررة إلى الجزائر والتي تأجلت أكثر من مرة، في ظلال الخلاف الجديد بين البلدين.
ويرى مراقبون أن الجزائر وفرنسا تقتربان من قطيعة دبلوماسية على خلفية التصعيد الجزائري تجاه باريس بسبب دعمها لمغربية الصحراء رغم أن الخطوة كانت متوقعة وسبق أن أكد مسؤولون فرنسيون أن بلادهم تعتزم إنهاء ترددها بشأن القضية والانضمام إلى العديد من الدول التي تؤيد مبادرة الحكم الذاتي تحت سيادة المغرب لإنهاء النزاع المفتعل حول الإقليم المغربي.
وشنت الجزائر هجوما حادا على فرنسا محذرة من تداعيات القرار على العلاقات التي لم تغادر مربع التوتر، فيما أكد عطاف في تصريح أولي أن “هذه الخطوة لن تسهم في إحياء المسار السياسي وإنما ستغذّي الانسداد”.
وأفادت باريس في بيان سابق بأنها “أخذت علما بقرار الجزائر سحب سفيرها”، بينما شددت على “العزم على تعميق العلاقات بين الطرفين من أجل مصلحة الشعبين الفرنسي والجزائري”.
وأشارت تقارير إلى أن الجزائر مارست خلال الآونة الأخيرة ضغوطات على فرنسا لإثنائها عن اتخاذ قرارها بدعم مغربية الصحراء، لكنها اصطدمت بإصرار فرنسي على عدم الرجوع إلى الوراء، بالتزامن مع الزخم اللافت الذي تشهده العلاقات بين باريس والرباط.
وكشف عطاف في تصريح أدلى به بعد الإعلان الفرنسي عن القرار أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أبلغ نظيره الجزائري عبد المجيد تبّون على هامش قمة مجموعة السبع في يونيو/حزيران بإيطاليا بالخطوة المنتظرة.
وكشف أن رد الرئيس الجزائري على نظيره الفرنسي كان “صارما وحازما ودقيقا”، محذرا من تداعيات القرار على الملف والعلاقات بين البلدين.
ويشير التصعيد الجزائري تجاه باريس إلى تكرار السيناريو الإسباني عندها قررت الجزائر سحب سفيرها لدى مدريد في العام 2022 احتجاجا على إعلان إسبانيا اعترافها بمغربية الصحراء ودعمها لمبادرة الحكم الذاتي لحل النزاع المفتعل.
ووجه الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء ضربة موجعة إلى الجزائر التي تدعم جبهة بوليساريو الانفصالية وتوفر الغطاء السياسي لقياداتها، متجاهلة الإجماع شبه الدولي الذي يحظى به المقترح المغربي لإنهاء النزاع المفتعل.
واعتبر أحمد الدرداري أستاذ العلوم السياسية ورئيس المرصد الدولي لرصد الأزمات واستشراف السياسات أن “الجزائر تتخبط بشكل خاطئ وستزيد من المخاطرة والمغامرة غير المحسوبة العواقب وستزيد من جني العداء إذا لم تتراجع إلى ما وراء الخطوط الحمراء التي رسمها الذكاء السياسي والاقتصادي الفرنسي والدولي”، وفق موقع “الصحيفة” المغربي.