تعبئة مغربية شاملة لتنزيل الإستراتيجية الملكية لمكافحة التغيرات المناخية
رحلة المغرب نحو الأمن المائي تعتبر شهادة على الحوكمة الاستباقية والتنمية المستدامة. ومن خلال الاستفادة من التقدم التكنولوجي وتبني الطاقات المتجددة، لا يؤمن المغرب مستقبله فحسب، بل أيضا يؤكد من جديد التزامه بأهداف الاستدامة العالمية.
تحث الحكومة المغربية الخطى لتنزيل الإستراتيجية الملكية لمكافحة الإجهاد المائي والتي حدد بنودها العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب العرش الخامس والعشرين.
وانسجاما مع الخطط الملكية بدأت الحكومة المغربية الثلاثاء في الحشد لرفع وتيرة الاستثمارات في مجال التعبئة والموارد المائية.
وترأس رئیس الحكومة عزیز أخنوش الثلاثاء بمدینة المضیق اجتماعا للجنة قیادة البرنامج الوطني للتزود بمياه الشرب والسقي 2020 – 2027.
وذكر بلاغ لرئاسة الحكومة أن أشغال الاجتماع تمحورت حول سبل تعزیز دینامیة تنزیل ھذا البرنامج وتحیین مختلف محاوره بشكل یراعي تسریع إنجاز مختلف الاستثمارات المستعجلة الواجب مباشرتھا في قطاع الماء.
وأوضح رئيس الحكومة أن “اجتماع اليوم تضمن استعراض كافة المشاريع المسطرة ضمن البرنامج، وتحديد أولوياتها وترتيبها، وكذلك أجندة تنفيذها”، مشددا على أن “من المهم أن يتوفر كل مشروع على أجندة تحدد بدايته ونهايته”.
وقال أخنوش “لقد التقطنا الرسالة المتضمنة في الخطاب الملكي السامي الخاصة بضرورة تسريع تفعيل المشاريع، وضمان النجاعة والحكامة، واحترام أجندة تنفيذ الاستثمارات خلال الأشهر والسنوات المقبلة”.
وأضاف أنه “ستنعقد قريبا اجتماعات دورية سأترأسها بصفتي رئيسا للحكومة، بحضور السادة الوزراء، مما سيمكنهم من العمل، كل في قطاعه، من أجل رفع وتيرة الاستثمارات وتنفيذها في وقتها”.
وكان العاهل المغربي قد دعا إلى ضرورة التحیین المستمر لآلیات السیاسة الوطنیة للماء، وإنجاز مختلف المشاریع في احترام للأجندة المحددة، دون أي تأخیر.
وتقدر حاجات المغرب من المياه بأكثر من 16 مليار متر مكعب سنويا، 87 في المئة منها للاستهلاك الزراعي، لكن موارد المياه لم تتجاوز نحو 5 ملايين متر مكعب سنويا خلال الأعوام الخمسة الأخيرة.
وتراهن المملكة على تحلية مياه البحر لمواجهة هذا العجز وتخطط لبناء سبع محطات تحلية جديدة بنهاية 2027 بطاقة إجمالية تبلغ 143 مليون متر مكعب سنويا، فيما تتوافر حاليا 12 محطة بطاقة إجمالية تبلغ 179.3 مليون متر مكعب سنويا، وفق معطيات رسمية.
ويواجه المغرب أزمة مياه بسبب سنوات متتالية من الجفاف، وهي الأزمة التي حمّل سياسيون تراكمها لحزب العدالة والتنمية الذي قاد الحكومة في مناسبتين وهي المتهمة بأنها أهدرت سنوات من الحكم دون الاستثمار في تنفيذ برنامج بناء السدود والحفاظ على المخزون المائي.
رصد ما يناهز 250 مليون درهم لإنجاز مشاريع للتزود بالماء الصالح للشرب والتطهير السائل في الأقاليم الصحراوية
وفي إطار الإستراتيجية الملكية للتوزيع العادل للمياه على كامل أقاليم المملكة ومحافظاتها، خصصت الحكومة المغربية غلافا ماليا يناهز 250 مليون درهم لتنفيذ مجموعة من المشاريع تتعلق بالتزويد بالماء الصالح للشرب والتطهير السائل على مستوى الأقاليم الصحراوية وتحديدا مدينة الداخلة.
وأشرف محافظ جهة الداخلة وادي الذهب علي خليل الاثنين على إعطاء انطلاقة مشروعين يتعلقان بتأهيل شبكة توزيع الماء الصالح للشرب، وشبكة التطهير السائل واللذين يندرجان في إطار البرنامج الأولوي لتأهيل مدينة الداخلة.
ويهم المشروع الأول الخاص بإعادة تأهيل شبكة توزيع الماء الصالح للشرب، تأهيل شبكة توزيع مياه الشرب بمبلغ إجمالي يفوق 72.32 مليون درهم ، والذي سيتم إنجازه على مدى 8 أشهر.
ويشمل هذا المشروع إعادة تأهيل 79 كيلومترا من قنوات الماء الصالح للشرب، و7323 عملية ربط بقنوات الماء الصالح للشرب، وذلك بهدف تحسين مردودية شبكة التوزيع والتقليل من التسربات المائية بما يمكن من بلوغ حل نهائي ومستدام لتزويد مدينة الداخلة بالماء الصالح للشرب.
وأما المشروع الثاني فيتعلق بتحديث شبكة التطهير السائل في عدة أحياء بالمحافظة. ويروم هذا المشروع، الذي تصل مدة إنجازه 7 أشهر، بكلفة مالية تفوق 112.35 مليون درهم، إحداث 53 كلم من القنوات المخصصة للتطهير السائل، و2150 عملية ربط بقنوات التطهير السائل.
الملك محمد السادس يدعو السلطات المختصة إلى تسريع إنجاز المشاريع الجارية، والعمل على ضمان كفاءة المنشآت
وقال الأستاذ الباحث في علوم المياه (الهيدرولوجيا) بكلية العلوم عين الشق بالدار البيضاء فؤاد عمراوي إن الخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس إلى الأمة بمناسبة عيد العرش، هو خطاب تعبئة، بمعنى أنه يدعو جميع الأطراف إلى الوعي بحجم إشكالية الماء.
وأكد عمراوي أن الملك محمد السادس يدعو السلطات المختصة إلى تسريع إنجاز المشاريع الجارية، والعمل على ضمان كفاءة المنشآت، من خلال استخدام التكنولوجيات الجديدة والابتكار، وتعزيز التكوين في مجال المياه.
وذكّر بانخراط المغرب، خلال مواجهته سنوات متتالية من الجفاف، في سلسلة من المبادرات من أجل تنويع مصادر إمداداته من الماء، مضيفا أن هذه التدابير تشمل بناء سدود جديدة لتحقيق أقصى قدر من التخزين خلال فترات الأمطار، وتحسين شبكات التوزيع، فضلا عن تعزيز البنيات التحتية لتحلية المياه.
وسلط الباحث الضوء على أهمية إعادة استخدام المياه العادمة، وتعزيز شبكة إمدادات الماء الشروب في المناطق القروية، فضلا عن برنامج الربط بين الأحواض الذي يمكن من نقل المياه من المناطق التي تعرف فائضا، لاسيما في شمال المملكة، إلى مناطق أخرى تعاني من العجز.
واعتبر أن المغرب ينبغي أن يكون قادرا على رفع التحديات المرتبطة بإمدادات المياه الصالحة للشرب بفضل برنامج تحلية المياه الطموح، الذي ستستفيد منه المدن الساحلية في المقام الأول.
وأوضح أن فترات سوء الأحول الجوية تعتبر دورية، مشيرا إلى أن المملكة ستتاح لها إمكانية إعادة توزيع الماء بشكل أفضل على جميع الجهات، وذلك من خلال الاستفادة من السنوات المطيرة المحتملة لتجديد الاحتياطات، وكذلك بفضل الجهود الرامية إلى تعزيز البنيات التحتية للمياه.