بعد اعتراف واشنطن وفرنسا هل يتجه مجلس الأمن لاعتماد الحكم الذاتي حلا نهائيا تحت السيادة المغربية

ماموني

طرح اعتراف الولايات المتحدة ومن بعدها فرنسا بسيادة الرباط على الصحراء المغربية، تساؤلات لدى المتابعين بشأن إمكانية اتجاه مجلس الأمن الدولي نحو اعتماد مقترح الحكم الذاتي حلاّ نهائيا وحاسما للتوصل إلى حلّ سياسي للملف.

يشكل إعلان الجمهورية الفرنسية، العضو الدائم بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، دعمها لخيار الحكم الذاتي، تطورا هاما وبالغ الدلالة في دعم السيادة المغربية على الصحراء، وقبله اعتراف واشنطن، حيث تفاعلت الأمم المتحدة، على لسان ستيفان دوجاريك، المتحدث الرسمي باسم الأمين العام الأممي، مع رسالة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للعاهل المغربي الملك محمد السادس، التي أعلن فيها دعم فرنسا الثابت لسيادة المغرب على صحرائه واعتبار مخطط الحكم الذاتي الأساس الوحيد للتوصل إلى حل سياسي، مؤكدا أن الأمم المتحدة ستواصل جهودها في ملف الصحراء وفقا لقرارات مجلس الأمن.

ويمثل هذا الدعم بحسب سفيرة المغرب بفرنسا سميرة سيتايل “تغييرا حقيقيا لقواعد اللعبة ويشكل تقدما كبيرا، وخاصة عندما يأتي من دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن”، مشيرة في مقابلة مع إذاعة سود، الفرنسية، إلى أن التطور الحالي يعود إلى حقيقة أن فرنسا تدعم الآن صراحة سيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية وتعتبر خطة الحكم الذاتي ليس خيارا، بل الأساس الوحيد القابل للتطبيق لتسوية هذا النزاع، الذي تم الحفاظ عليه بشكل مصطنع لمدة خمسين عاما تقريبا.

 

محمد سالم عبدالفتاح : نحن أمام تغير في الموقف الدولي إزاء النزاع المفتعل
محمد سالم عبدالفتاح: نحن أمام تغير في الموقف الدولي إزاء النزاع المفتعل

 

كما تناولت سميرة سيتايل الدعم الدولي المتزايد للمغرب، مستشهدة بإسبانيا والولايات المتحدة وألمانيا والآن فرنسا، آملة في أن يؤدي هذا الدعم إلى اعتراف دولي أوسع بسيادة المغرب على صحرائه، ومشددة على أن المغرب لا يطلب هبة أو أي شيء ليس له، بل مجرد الاعتراف بواقع سيادته التاريخية على الصحراء، ويهدف هذا المنظور التاريخي إلى تعزيز شرعية المغرب ونزع الشرعية عن مطالب جبهة بوليساريو والجزائر.

وقبل فرنسا اعترفت الولايات المتحدة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب، بسيادة المغرب على الصحراء، في العام 2020 كأول دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، ويستمر الدعم مع إدارة جو بايدن الحالية دون تغيير موقف واشنطن.

وأكد محمد سالم عبدالفتاح، رئيس المرصد الصحراوي للإعلام وحقوق الإنسان، أن “هناك تراكما إيجابيا في ما يخص تعزيز مواقف أعضاء مجلس الأمن الدائمين المتعلقة بمقترح الحكم الذاتي، والاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، وتبرز كل من واشنطن وباريس اللتين داخل مجلس الأمن وتؤيدان بشكل واضح سيادة المغرب على صحرائه، إلى جانب مؤشرات قوية بموقف بريطاني مستقبلي سيكون داعما للمملكة، فضلا عن الصين وروسيا فهما تعترفان ضمنيا وعمليا بالسيادة المغربية على الصحراء من خلال مجموعة من الشراكات التي تجمعهما مع المملكة”.

وأوضح في تصريح لـه أن “روسيا يجمعها مع المغرب اتفاق الصيد البحري الذي يشمل أقاليم جنوب المملكة، وهو بمثابة اعتراف عملي والذي تم تجديده للمرة الثامنة، فضلا عن الصين التي تدشن شراكات واستثمارات مهمة داخل الأقاليم الجنوبية للمملكة، وإن كانتا تبدوان محايدتين إلا أنهما تتبنيان سياسة خارجية قائمة على مبادئ احترام الوحدة الترابية للمغرب ودعم سيادته، وبالتالي فأعضاء مجلس الأمن تتدرج مواقفهم بين اعتراف صريح وواضح لمبادرة المغرب، وآخر ضمني عملي وقريب من توجهات المغرب”.

وتابع عبدالفتاح “طبعا هذه المواقف الإيجابية تجاه المبادرة المغربية، تنضاف إلى بلدان أخرى لها تأثير كبير في الشرعية الدولية ومواقف المجتمع الدولي وإن لم تكن ضمن الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن، ونتحدث عن الموقف الإسباني الذي له دور مهم في صياغة قرارات مجلس الأمن، والمستعمر السابق للصحراء، والذي بات يؤيد سيادة المغرب على الصحراء، بالإضافة إلى ألمانيا، وبالتالي فنحن أمام تغير في موقف المجتمع الدولي إزاء هذا النزاع المفتعل، وهذا التغيير يصب في صالح المغرب والاعتراف بسيادته على صحرائه والتأثير في المقاربة الأممية في اتجاه المزيد من الوضوح بدعم واقع السيادة المغربية على الصحراء وحسم الملف”.

وفي تأكيده على موقفه الثابت من حل قضية الصحراء، شدد المغرب في أبريل الماضي للمبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء المغربية ستافان دي ميستورا، على أنه لا عملية سياسية خارج إطار الموائد المستديرة التي حددتها الأمم المتحدة، بمشاركة كاملة من الجزائر.

هذا الدعم يمثل “تغييرا حقيقيا لقواعد اللعبة ويشكل تقدما كبيرا، وخاصة عندما يأتي من دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن”

وخلال المباحثات التي أجراها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة مع ستافان دي ميستورا، جدد التأكيد على أنه لا حل خارج إطار المبادرة المغربية للحكم الذاتي، ولا عملية سياسية جدية، في وقت ينتهك وقف إطلاق النار يوميا من قبل ميليشيات بوليساريو.

وبخصوص مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، يرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشكل رسمي في رسالته للملك محمد السادس، بداية الأسبوع الجاري، أن “توافقا دوليا يتبلور اليوم ويتسع نطاقه أكثر فأكثر”، مؤكدا وفق ما جاء في بلاغ للديوان الملكي، أن “فرنسا تضطلع بدورها كاملا في جميع الهيئات المعنية”، وخاصة من خلال دعم بلاده لجهود الأمين العام للأمم المتحدة ولمبعوثه الشخصي.

ونهاية أبريل 2007، ناقش مجلس الأمن الدولي نزاع الصحراء، وظل مقترح بوليساريو الذي يقوم على الاستفتاء وتقرير المصير مقترحا هامشيا، ومنذ ذلك الوقت حظيت المبادرة المغربية بقبول متزايد، كما ظل المغرب متمسكا باعتبار الحكم الذاتي إطارا واحدا ووحيدا للتفاوض، وأنه أقصى ما يمكن أن يقبل به.

ويتكون مشروع المبادرة المغربية من 35 مادة، حيث تنص المبادرة على توفر الإقليم على إدارة محلية وشرطة محلية ومحاكم جهوية وبرلمان جهوي، ويؤكد المقترح في مادته الرابعة عشرة، على أن الدولة تحتفظ باختصاصات حصرية، خاصة منها “مقومات السيادة، لاسيما العلم والنشيد الوطني والعملة، المقومات المرتبطة بالاختصاصات الدستورية والدينية للملك، بصفته أمير المؤمنين والضامن لحرية ممارسة الشعائر الدينية وللحريات الفردية والجماعية، والأمن الوطني والدفاع الخارجي والوحدة الترابية، العلاقات الخارجية والنظام القضائي للمملكة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: