ملف المياه يحظى بأولوية قصوى في خطاب العاهل المغربي
ركز العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتوليه العرش، الاثنين، على أزمة المياه التي تعرفها المملكة، مشددا على ضرورة إنجاز المشاريع المتعلقة بالمنظومة المائية في الآجال المحددة، وخصوصا السدود ومحطات التحلية.
وأشار العاهل المغربي إلى أن من أهم التحديات التي تواجهها المملكة أزمة المياه التي تزداد حدة بسبب الجفاف وتأثير التغيرات المناخية والارتفاع الطبيعي للطلب، إضافة إلى تأخر بعض المشاريع المبرمجة في إطار السياسة المائية، لافتا إلى أن توالي 6 سنوات من الجفاف أثر بشكل عميق على الاحتياطات المائية والمياه الباطنية، وجعل الوضعية المائية أكثر هشاشة وتعقيدا.
وكان الملك محمد السادس، في جلسة عمل خصصت لمناقشة إشكالية الماء في البلاد خلال يناير الماضي، قد حث القطاعات والهيئات المعنية بتدبير المياه على زيادة اليقظة ومضاعفة الجهود لرفع تحدي الأمن المائي وضمان التزويد بالماء الصالح للشرب على مستوى جميع مناطق المملكة، كما دعا إلى تعزيز توعية المواطنين بأهمية الاقتصاد في استهلاك الماء ومحاربة جميع أشكال تبذير هذه المادة الحيوية واستخداماتها غير المسؤولة.
◄ تدهور الأوضاع في الشرق الأوسط يتطلب الخروج من منطق تدبير الأزمة إلى منطق العمل على إيجاد حل نهائي للنزاع
وقال خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الحسن الأول بوجدة، إن الملك محمد السادس أعطى الحيز الأكبر في خطاب العرش لقضية المياه لأنها مشكلة حقيقية في بلد يقع في منظومة شبه صحراوية، وإن هذه ليست المرة الأولى التي ينبه فيها الملك في خطابات رسمية ورسائل موجهة إلى الشعب المغربي لأهمية وحيوية واستعجالية وخطورة إشكالية ندرة المياه في المملكة.
وفي خطاب العرش قال العاهل المغربي “لمواجهة هذا الوضع أصدرنا توجيهاتنا للسلطات المختصة لاتخاذ جميع الإجراءات الاستعجالية والمبتكرة لتجنب الخصاص في الماء”.
وأضاف “نظرا لتزايد الاحتياجات والإكراهات، نلح على ضرورة التحيين المستمر لآليات السياسة الوطنية للماء، وتحديد هدف إستراتيجي في كل الظروف والأحوال، وهو ضمان الماء الشروب لكل الموطنين، وتوفير 80 في المئة على الأقل من احتياجات السقي على مستوى التراب الوطني”.
وشدد على أنه “لا بد من استكمال برنامج بناء السدود مع إعطاء الأسبقية للسدود المبرمجة في المناطق التي تعرف تساقطات مهمة”، وتابع “ندعو لتسريع إنجاز المشاريع الكبرى لنقل المياه من الأحواض المائية، ما سيمكن من الاستفادة من مليار متر مكعب من المياه كانت تضيع في البحر، وتتيح هذه المشاريع توزيعا مجاليا متوازنا للموارد المائية الوطنية”.
ولفت خالد شيات، في تصريح لـه، إلى أنه “من خلال الحلول التي اقترحها الملك محمد السادس هناك مجموعة من المشاريع الإستراتيجية التي وضعت لتجاوز هذا الإشكال، كسياسة السدود ومشاريع تحلية المياه والطرق السيارة المائية بين المناطق”.
وأضاف “يحتاج المغرب إلى مجموعة من الخطوات الأخرى على مستوى التكوين وابتكار الحلول واستغلال الطاقات البديلة للتعامل مع هذه المادة الحيوية في الصناعة والزراعة وغيرهما”.
وقال العاهل المغربي إنه يتعين الإسراع في إنجاز محطات تحلية مياه البحر حسب البرنامج المحدد لها والذي يستهدف تعبئة أكثر من 1.7 مليار متر مكعب سنويا، ما سيمكن المغرب في أفق 2030 من تغطية أكثر من نصف حاجياته من الماء الصالح للشرب، إضافة إلى سقي مساحات فلاحية كبرى، بما يسهم في تحقيق الأمن الغذائي للبلاد، على غرار محطة الدار البيضاء، الأكبر في أفريقيا والثانية في العالم التي تعمل 100 في المئة بالطاقة النظيفة، مضيفا “يبقى التحدي الأكبر هو إنجاز المحطات المبرمجة ومشاريع الطاقات المتجددة المرتبط بها في الآجال المحددة دون أي تأخير”.
ودعا الملك السلطات المختصة “للمزيد من الحزم في حماية الملك العام المائي، وتفعيل شرطة الماء، والحد من ظاهرة الاستغلال المفرط والضخ العشوائي للمياه. كما ندعو بقوة، للمزيد من التنسيق والانسجام، بين السياسة المائية والسياسة الفلاحية، لاسيما في فترات الخصاص، مع العمل على تعميم الري بالتنقيط”.
وكان عزيز أخنوش رئيس الحكومة قد أكد في معرض تقديمه للحصيلة المرحلية للعمل الحكومي، أمام البرلمان بغرفتيه، في نهاية أبريل الماضي أن الحكومة تباشر عددا من الإجراءات لتعزيز السيادة الوطنية في كل أبعادها، خاصة ما تعلق منها بالسياسة المائية والطاقية.
وجدد العاهل المغربي في خطاب العرش التأكيد على مواقف المملكة في عدة قضايا خارجية، وأبرزها الحرب في غزة، مشيرا إلى أن المغرب يواصل “دعم المبادرات البناءة، التي تهدف لإيجاد حلول عملية، لتحقيق وقف ملموس ودائم لإطلاق النار، ومعالجة الوضع الإنساني”.
واعتبر أن “تفاقم الأوضاع بالمنطقة يتطلب الخروج من منطق تدبير الأزمة، إلى منطق العمل على إيجاد حل نهائي لهذا النزاع” يقوم على “فتح أفق سياسي، كفيل بإقرار سلام عادل ودائم في المنطقة”.
وقال إن “اعتماد المفاوضات لإحياء عملية السلام، بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، يتطلب قطع الطريق على المتطرفين، من أي جهة كانوا”.
وأضاف أن “إرساء الأمن والاستقرار بالمنطقة لن يكتمل إلا في إطار حل الدولتين، تكون فيه غزة جزءا لا يتجزأ من أراضي الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية”.