تونس تدعم الآلية الثلاثية ومع إحياء الاتحاد المغاربي
تونس تنأى بنفسها عن خطة جزائرية لإنهاء عمل المؤسسة المغاربية الخماسية
لا تجد تونس أي تناقض بين الآلية الثلاثية التشاورية، التي دعت إليها الجزائر وشاركت في اجتماعاتها تونس وليبيا، وبين تفعيل عمل الاتحاد المغاربي كفضاء جامع لكل الدول المغاربية، وهي بهذا الموقف تنأى بنفسها عن خطة جزائرية لإنهاء عمل المؤسسة المغاربية الخماسية وتعويضها بآلية جديدة يُستثنى المغرب من عضويتها.
وترى تونس في الآلية الثلاثية فضاء لمناقشة قضايا مشتركة بينها وبين جيرانها المباشرين، الجزائر وليبيا، وخاصة موضوع الهجرة غير النظامية التي باتت تلقي بثقلها على تونس بصفة خاصة وتحتاج إلى تنسيق أوسع للتصدي لها، لكنها تعود وتلتقي مع الليبيين في سعيهم للعمل ضمن الاتحاد المغاربي، وهو ما يعني في النهاية أنه لا توجد أي حساسية لدى كل من تونس وليبيا تجاه التعامل مع المغرب.
وأعلن وزير الخارجية التونسي نبيل عمار أن المشاركة في الآلية الثلاثية “تندرج في إطار الحرص المشترك لقادة البلدان الثلاثة على تعزيز التشاور والتنسيق حيال التحديات الأمنية ومجابهة المخاطر التي تحدق ببلداننا جراء استفحال ظاهرة الهجرة غير النظامية والجريمة العابرة للحدود”.
وحرص وزير الخارجية التونسي في حوار مع جريدة “الصباح” المحلية على تأكيد أن “الآلية الثلاثية التشاورية مع الجزائر وطرابلس لا تشكّل بديلا عن اتحاد المغرب العربي”.
ويرى مراقبون أن موقف نبيل عمار من الآلية الثلاثية يعبر عن موقف تونس من البداية، وأن بلاده تتجنب كثرة التصريحات والردود حتى لا تؤثر على المسارات التي تسعى لإنجاحها من دون التخلي عن موقفها الداعم للاتحاد المغاربي الذي تسند الأمانة العامة فيه من البداية إلى شخصية تونسية.
وكان المجلس الرئاسي الليبي بعث في أبريل الماضي رسالة خطية إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس، أكد فيها تمسكه بإحياء تكتل اتحاد المغرب العربي باعتباره الإطار الوحيد للدول المغاربية الساعية إلى التكامل وتحقيق طموح شعوبها إلى الاستقرار والرفاهية، وذلك بعد مضي أقل من أربع وعشرين ساعة على اجتماع تشاوري عقد في تونس.
ويرى الرئيس التونسي قيس سعيد أن من واجب بلاده المساعدة على تحريك العمل المغاربي المشترك ولو بشكل جزئي بدلا من رهنه لخلافات من الصعب حسمها في الوقت الحالي.
وقال المحلل السياسي والخبير الأمني التونسي خليفة الشيباني إن “اتحاد المغرب العربي يبقى حلما وهدفا إستراتيجيا أسمى لمختلف الأجيال، والتنسيق الثلاثي (تونس وليبيا والجزائر) لبنة في هذا الإطار”.
وأضاف في تصريح لـه أنه “لا يجب أن نبقى مكتوفي الأيدي، في ظل الملفات الحارقة على غرار أزمة الهجرة غير النظامية وحركة المعابر البرية”.
وتابع خليفة الشيباني “تماسك اتحاد المغرب العربي مهم، وتونس مع كل عملية تنسيق، ولا بد من التعامل مع كل المسارات التي تخدم الدولة، لأن المسار المغاربي مهم والمسار الثلاثي مهم والأفريقي والأوروبي أيضا، وبالتالي لا بدّ من تعدد العلاقات وتنوعها”.
وكان موضوع المهاجرين الأفارقة أحد عناصر النقاش المهمة في اللقاء الثلاثي الذي احتضنته تونس في أبريل الماضي بمشاركة قيس سعيد والرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ورئيس المجلس الرئاسي في ليبيا محمد المنفي.
وتوجد خلافات بين الدول الثلاث حول موضوع الهجرة، وبالرغم من التنسيق الأمني الثلاثي والثنائي مازالت تونس تستقبل أعدادا كبيرة من المهاجرين، خاصة من الحدود الغربية مع الجزائر.
واعتبر الناشط السياسي نبيل الرابحي أن “التنسيق الثلاثي ممكن، لكن في ما يخص اتحاد المغرب العربي مازالت هنالك عدة ملفات يصعب حلّها في القريب وأبرزها ملف الصحراء”.
وقال الرابحي إن “التحالف الثلاثي يرتبط بعدة ملفات يمكن التنسيق حولها، ولعل أبرزها الإرهاب والهجرة غير النظامية وشبكات الاتجار بالبشر والجريمة المنظمة”، مشيرا إلى “وجود تنسيق أمني كبير بين تونس والجزائر خصوصا في الفترة الأخيرة”.
وفي ختام الاجتماع التشاوري أعلن رؤساء تونس والجزائر وليبيا أنهم اتفقوا على “تنسيق الجهود لتأمين حماية أمن الحدود المشتركة والعمل سويا لمكافحة مخاطر الهجرة غير النظامية، وتوحيد مواقفهم وخطاباتهم بشأن هذه الظاهرة”.
وأضاف البيان الختامي، الذي تلاه وزير الخارجية التونسي، أن القادة الثلاثة أجمعوا على “توحيد المواقف والخطاب مع التعاطي مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة المعنية بظاهرة الهجرة غير النظامية في شمال البحر المتوسط والدول الأفريقية وجنوب الصحراء، وعلى أهمية تنظيم هذه اللقاءات التشاورية بشكل دوري”.