الحكومة المغربية تدافع عن مشروع للقانون المدني أثار جدلا

ماموني

حرص وزير العدل المغربي عبداللطيف وهبي على تقديم تطمينات لمجلس النواب بشأن مشروع جديد للقانون المدني، مؤكدا أن المشروع، الذي يتحفظ المحامون على بعض بنوده، يكتسي أهمية كبرى لكونه يسد فراغات أفرزها الواقع والممارسة.

دافع وزير العدل المغربي عبداللطيف وهبي الثلاثاء عن مشروع للقانون المدني كان قد أثار جدلا واسعا، حيث أبدت أوساط قضائية تحفظات على عدد من بنوده، معتبرة أنها تنطوي على مس خطير بمبدأ العدالة التي كفلها الدستور.

وقال وهبي خلال جلسة لمجلس النواب، خصصت الثلاثاء للدراسة والتصويت على المشروع، إن الوزارة حرصت على إعداد مشروع القانون باعتماد منهجية تشاركية واسعة، استقت خلالها آراء ووجهات نظر مجموعة من المتدخلين في الحقل القضائي.

وتحدث وهبي عن الضمانات القضائية لحماية الحقوق والحريات وتأهيل عمل المحاكم لجعلها قريبة من احتياجات وانتظارات المواطنين، مشيرا إلى أن المشروع الجديد تضمن مستجدات ترمي إلى سد الفراغات التي أفرزها الواقع والممارسة.

وفي إطار المشاورات لاعتماد القانون الجديد كشف وزير العدل المغربي أمام النواب أن الحكومة وافقت على 321 تعديلا على مشروع القانون المدني، وهو ما يمثل 27 في المئة من مجموع التعديلات التي تقدمت بها فرق الأغلبية والمعارضة بالغرفة الأولى، والتي تجاوزت 1160 تعديلا.

 

النقيب الحسين الزياني: سجلنا العديد من التراجعات والنقائص في مشروع القانون

 

 

وقال وهبي إن الحكومة تفاعلت بشكل إيجابي مع مجموع التعديلات وناقشتها، وقبلت منها 256 تعديلا بشكل كلي و65 تعديلا بشكل جزئي، ورفضت 839 تعديلا، مشددا على اعتماد منهجية تشاركية واسعة، وأن الحكومة عملت على ملاءمة مواده مع الوثيقة الدستورية ومبادئ حقوق الإنسان.

وتضمن مشروع القانون الجديد جملة من التعديلات أهمها إرساء قواعد الاختصاص النوعي على مبدأي وحدة القضاء والتخصص، وتعزيز دور القضاء في ضمان حسن سير العدالة، والارتقاء بمستوى أدائها، وإدماج التقاضي الإلكتروني ورقمنة الإجراءات القضائية المدنية، وضمان الحماية القانونية الكاملة لحقوق المتقاضين وتحقيق النجاعة، مع تقوية حق الدفاع، وإعادة النظر في مسطرة البت في الدفع بعدم الاختصاص النوعي وتحديد آجاله، بالإضافة إلى الفاعلية والنجاعة في تنفيذ المقررات القضائية، وتنظيم الاختصاص الدولي.

ولا يحظى مشروع قانون المسطرة المدنية بإجماع داخل قطاع المحامين الذي رفع سقف اعتراضه على بعض مضامين القانون، بالإضراب عن العمل لثلاثة أيام مقبلة.

وبعد تشبث وزير العدل بأغلب مضامينه وقفت جمعية هيئات المحامين بالمغرب ضد ما أسمته التراجعات المسجلة في مشروع القانون، قائلة إنها تشكل مساسا خطيرا بحقوق المتقاضين وبالمكتسبات الدستورية والحقوقية وبالأمن القانوني والأمن القضائي.

واعتبر النقيب الحسين الزياني رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، على هامش مناظرة أقيمت في الرباط، أنها تأتي كمحطة أولى بعد ما عاينه من سرعة في إخراج مشروع القانون المدني و”الذي سجلنا عليه العديد من التراجعات والنقائص التي سبق أن تم تقديم مذكرات ومقترحات بشأنها لم يستجب لها ولم يجب عنها، رغم فتح المحامين باب الحوار”.

وأشار الزياني إلى أن مشروع القانون المدني ينطوي على نقائص ومخالفة لدستور المملكة والمبادئ الكبرى، لاسيما الخطب الملكية التي تؤسس لمفهوم جديد للعدالة، يجعلها في خدمة المواطن، وأنه “لا يمكن القبول بتقزيم دور المحامين في المحاكمات، ولا يمكن أن نقبل بجعل المواطن يلج العدالة غير متبصر وغير عارف بالمقتضيات التشريعية المعقدة والمتعددة، ولا يمكن أن نقبل بحرمانه من حقه في الطعن بالاستئناف”.

مشروع القانون الجديد تضمن جملة من التعديلات أهمها إرساء قواعد الاختصاص النوعي على مبدأي وحدة القضاء والتخصص

وشدد رئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب على مبدأ المساواة أمام القضاء، مضيفا أن المشروع ينص على أنه حين صدور الحكم الاستئنافي إذا طعنت فيه الدولة لا يمكن التنفيذ ولكن إذا طعن المواطن فإنه لا يتم إيقاف التنفيذ بالنسبة إلى الأشخاص العاديين، علما أن الدستور ينص على أن المواطنين سواسية أمام القانون سواء كانوا أشخاص ذاتيين أو اعتباريين.

وفي رده قال وزير العدل المغربي إن “مشروع القانون المدني موضوعٌ عصي على النقاش، إذ هيمنت على تفاصيله لغة الشعارات أكثر من لغة التحليل القانوني الرصين”، وإن القول بأن مشروع القانون يتضمن مجموعة من المقتضيات المخالفة للدستور والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، يستلزم استعراض أوجه هذه المخالفة بشكل علمي رصين، في إطار الترافع الفكري والقانوني المنتج، الذي من شأنه أن يشكل إبداعا اقتراحيا وجديا لتفادي كل القصور الذي يمكن أن يعتري النص القانوني، ويسهم في تجويده وتحقيق غاياته النبيلة المتمثلة في ضمان حماية حقوق المتقاضين.

من جهتهم حذر برلمانيون من إطلاق يد القضاة في مشروع القانون المدني، ومنحهم سلطة مطلقة لتحديد ما إذا كان هناك تقاض بسوء نية أو بحسن نية، منبهين إلى أن استخدام مصطلحات “فضفاضة” و”أحيانا مبهمة” قد يجعل من المشرع مساهما في إفساد العملية القضائية.

وكانت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في مجلس النواب قد صادقت السبت الماضي على مشروع القانون المدني، وحظي بموافقة 21 عضوا من فرق الأغلبية ورفض 8 أعضاء من المعارضة دون تسجيل أي امتناع.

وفي هذا الصدد قالت البرلمانية فطيمة بن عزة، عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، خلال مناقشة مشروع القانون بلجنة العدل والتشريع في مجلس النواب إن الولوج إلى القضاء والعدالة حق مطلق للمتقاضي، ولا يمكن تقييده أو تخويفه بإثارة التقاضي بسوء نية، أو تغريمه لهذا السبب وبدون وعي منه، وعدم منح سلطة مطلقة للقاضي، حتى يكون الولوج إلى العدالة بأريحية ودون أن يكون المواطن متخوفا.

وفي تفاعله مع مداخلات النواب تشبث وزير العدل بما أسماه “حرية القاضي”، رافضا تقليص صلاحياته في القانون المدني، ومبررا ذلك بأن القاضي “قد يصدر أحكاما بدون قناعة، وبالتالي علينا منحه الحرية، ويكون مستقلا في اتخاذ القرارات المناسبة عندما تحصل لديه القناعة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: