ّ”محاكمة سياسية”.. حقوقيون يرفضون “الحكم الثقيل” ضد زيان
“كنت متوقعاً هذا الحكم بحقي نظراً لمشاكلي السياسية”. هكذا عقّب النقيب محمد زيان (81 عاماً) أثناء مغادرته قاعة المحاكمة التي آثر فيها الصمت على نقاش القاضي بشأن التهم الموجهة إليه صباح اليوم، السبت 20 يوليوز 2024، وهو “مستاء متأسف” للأحكام التي تلقاها زملاؤه في نفس الملف، متسائلاً: “لكن ما ذنب هؤلاء؟”، حسب إفادة نجله علي رضا زيان.
وطغت حالة من الاستياء في أوساط المتعاطفين مع وزير حقوق الإنسان الأسبق وزملائه وأصدقائه، بعد صدور قرار محكمة الاستئناف في الرباط بحبسه 5 سنوات سجناً نافذاً وغرامة مالية قدرها 5000 درهم دون الإجبار، بتهمة “اختلاس وتبديد أموال عمومية”، وهو ما عده نجله ومحاميه علي زيان “بمثابة حكم بالمؤبد في حق والده الثمانيني”.
أحكام محبطة
في هذا الصدد، استنكر عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان سجن النقيب محمد زيان 5 سنوات، وقال ، إن هذه الأحكام بحق زيان ورفاقه أصابت الجميع بالإحباط، مضيفاً “كنا ننتظر على الأقل نظراً لوضعه الصحي وعوامل أخرى انفراجاً حقوقياً”، علماً أنه يقضي ثلاث سنوات حبساً داخل سجن العرجات في قضية أخرى.
وشدد غالي على أنها “سنوات قاسية بحقه ولا تراعي ظروفه الإنسانية”، وهو ما ذهب إليه حسن بناجح الناشط الحقوقي في الهيئة المغربية لمساندة المعتقلين السياسيين (هِمَم)، الذي عد الحكم “إعداماً معنوياً للرجل بتغييبه في السجن، ومادياً باعتباره متقدماً في السن”، مشدداً على أن تعزيز الحكم السابق بآخر ثقيل رغم وضعيته الصحية المتدهورة “دليل على أن هناك رغبة في أن يموت بداخل السجن”.
محاكمة سياسية
واعتبر حسن بناجح الحكم بحق النقيب محمد زيان “تعسفياً وظالماً”، وأفاد في حديثه، بأن متابعته تُعد “محاكمة سياسية بدافع انتقامي من مواقفه وأدواره ومعارضته لخيارات رسمية في البلاد”، مشيراً إلى أن كلا المحاكمتين “افتقدتا لأبسط شروط المحاكمة العادلة”.
وقال القيادي في جماعة العدل والإحسان إن الحكم الأخير بحق زيان صدر بعد محاكمة “هُضِمت خلالها كل حقوقه بما فيها الحق في توفر وثائق أساسية تبرئه براءة تامة”، لكن اختفاءها بعدما أدلى بها دفاعه الذي خاض معركة من أجل ضمها إلى ملف المحاكمة، يضيف بناجح “يكفي ليدل على أن الحكم بعيدٌ عن أطوار الملف، وأن القضاء يُستعمل لتصفية الحسابات مع أصحاب الرأي والمعارضين السياسيين في البلاد”.
وكانت محكمة الاستئناف بالرباط قد أدانت، في الساعات الأولى من صباح اليوم النقيب محمد زيان بخمس سنوات سجناً نافذا، في الملف المتعلق بتبديد أموال الدعم العمومي المخصص للحزب المغربي الحر، كما قضت على زميليه رشيد بوروة بالسجن النافذ لمدة خمس سنوات، وعلى ميلود شطاط بالسجن لمدة سنتين، بينها سنة نافذة وأخرى موقوفة التنفيذ.
ويذكر أن زيان رفض استنطاقه من طرف هيئة الحكم مبرراً قراره بعدم ثقته في محاكمته، مستنداً إلى أسباب ذكرها في رسالة تلاها أمام المحكمة بينها سحب وثائق من ملفه دون علمه، أبرزها تقريرين عن الحزب الوطني الحر لسنتي 2022 و2023، فضلاً عن سحب وثائق تهم كيفية تسخير أحزاب الحكومة للمال العام لشراء منشورات ومطبوعات تهمّ الحملة الانتخابية.
ويقضي النقيب والوزير السابق، فبراير 2022، حكماً بثلاث سنوات حبساً نافذاً في قضية أخرى، إثر شكوى رفعتها ضده وزارة الداخلية شملت إحدى عشرة تهمة، بينها “إهانة رجال القضاء وموظفين عموميين، وإهانة هيئات منظمة، والتشهير، والتحرش والمشاركة في الخيانة، وغيرها”.