سفيرة واشنطن في الجزائر: مغربية الصحراء حقيقة تاريخية ومخطط الحكم الذاتي قابل للتطبيق
ماموني
أفادت إليزابيث مور أوبين سفيرة واشنطن في الجزائر أن الولايات المتحدة لم تغير موقفها من مغربية الصحراء، مؤكدة أن السلطة الأميركية تعتبر إعلان مغربية الصحراء حقيقة تاريخية، كما أن مخطط الحكم الذاتي الذي تتبناه الرباط قابل للتطبيق.
أكدت سفيرة الولايات المتحدة في الجزائر إليزابيث مور أوبين في الحوار الذي أجرته مع صحيفة “لاباتري نيوز” الجزائرية، أن موقف واشنطن من قضية الصحراء لن يتغير بعد اعتراف الرئيس دونالد ترامب سنة 2020 بمغربية الصحراء، والذي لم يلحقه أيّ تغيير من طرف إدارة الرئيس جو بايدن، “لاعتباره حقيقة تاريخية”، مع اختيار “دعم الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص إلى الصحراء والسعي إلى إيجاد حل مستدام لنزاع الصحراء”.
وحتى تقطع الطريق على أيّ تأويل يخدم جبهة بوليساريو الانفصالية، اعتبرت السفيرة الأميركية بأن الحل الذي تريده الولايات المتحدة هو الحل الذي يلبي احتياجات سكان الأقاليم الجنوبية، ومخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب هو الحل القابل للتطبيق، لافتة إلى أن “الولايات المتحدة ملتزمة بضمان توصل الأمين العام للأمم المتحدة وفريقه الذي يقوده ستيفان دي ميستورا إلى حل دائم متفق عليه”.
وأكد محمد الطيار الخبير في الدراسات الأمنية والإستراتيجية أن “تصريحات إليزابيث مور أوبين أكدت بشكل قاطع ومن الجزائر أن الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء لن يتغير، وأن هذا الاعتراف هو قرار سيادي أميركي لا علاقة له بما كان يروّج له الإعلام الجزائري بأن الأمر لا يعدو تغريدة للرئيس السابق ترامب، كما أن تصريحها العلني والواضح يؤكد كذلك فشل محاولات اللوبي الجزائري في واشنطن ثني الإدارة الأميركية عن الاعتراف بمغربية الصحراء، ويؤكد أن الأموال التي صرفها النظام الجزائري في واشنطن ضاعت دون تحقيق أيّ نتيجة”.
وشدد في تصريح لـه أن “حديث السفيرة الأميركية يؤشر إلى استمرارية الإدارة الأميركية في النهج نفسه رغم المحاولات العديدة لخصوم المملكة لثنيها عن ذلك، كما كشفت إليزابيث مور أوبين زيف العديد من الأمور التي كان يروج لها النظام الجزائري على المستوى الداخلي، منها قرار الجزائر قطع علاقاتها مع المملكة المغربية، بأن هناك أسبابا أخرى لا علاقة لها بالعلاقات المغربية – الإسرائيلية”.
ولفت محمد الطيار إلى أن “كل المؤشرات، ومنها تصريحات سفيرة واشنطن في الجزائر، توضح بأن الإدارة الأميركية قدمت عدة إشارات ومواقف كلها في مصلحة الوحدة الترابية، وتؤكد أنها غير مبالية بالدعوات المعاكسة للمغرب، وأن العلاقات مع المغرب إستراتيجية ودائمة ولا تخضع لنتائج الانتخابات الرئاسية، مع دعم قرارات الأمم المتحدة التي تؤكد الاستحالة المطلقة لإمكانية تنظيم الاستفتاء بالصحراء كما أرادت الصحافة الجزائرية أن تنتزعه من السفيرة”، موضحا أن “ما صرحت به السفيرة يؤكد أن الموقف الأميركي ينسجم مع التطورات والمعطيات الجديدة على الأرض والتي تؤكد زيف الادعاءات الجزائرية، فمختلف المؤسسات السيادية الأميركية اعتمدت خريطة المغرب كاملة بشكل رسمي، وهي إشارة واضحة لمن ما زال في شك من أمره”.
ولم تسقط السفيرة الأميركية في فخ أسئلة الصحيفة الجزائرية التي كانت تحاول توريطها بسؤال حول موقف الإدارة الأميركية من تنظيم استفتاء لتقرير المصير، لكنها أكدت في حوارها أن الحل الذي تريده واشنطن يدعم الحل الذي يخرج ملف الصحراء المغربية من الركود الذي عمّر طويلا، قائلة “نعتقد أن أفضل مجموعة للقيام بذلك هي الأمم المتحدة، بقيادة المبعوث الشخصي ستيفان دي ميستورا، وبأن الحل الذي تريده الولايات المتحدة هو الحل الذي يلبي احتياجات سكان الأقاليم الجنوبية، وهذا ما عملنا عليه لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة”.
وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قد أنهى فترة رئاسته في ديسمبر 2020 بإصدار مرسوم يعترف بمغربية الصحراء عقب اتفاق ثلاثي بين واشنطن والرباط وإسرائيل يقضي بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة والدولة العبرية.
المغرب يواصل دعمه لجهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي إلى الصحراء، ستيفان دي ميستورا
وكرّس تصريح الدبلوماسية الأميركية موقف الولايات المتحدة الثابت، الذي ساهم في الاعتراف التاريخي، سنة 2020 من طرف هذه القوة الدولية والعضو المؤثر في مجلس الأمن الدولي، بسيادة المغرب الكاملة والتامة على أراضيه، بما في ذلك أقاليمه الجنوبية.
وحرصت إدارة بايدن على ثبات الموقف الأميركي بدعم مقترح الحكم الذاتي ودعم جهود الأمم المتحدة في الملف من أجل التوصل إلى حل سياسي مقبول من الطرفين، وأشارت إلى عدم رغبتها في تعديل قرار ترامب على لسان ماثيو ميلر، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، العام الماضي، بأن بلاده اتخذت بالفعل خطوة الاعتراف بمغربية الصحراء وأن هذا الموقف لم يتغير.
ورفضت الإدارة الأميركية اقتراح السيناتور جاك ريد الموالي لبوليساريو من الحزب الديمقراطي، الرامي إلى جعل تمويل برامج التعاون العسكري مع المغرب مشروطا بقبول المملكة خطة سلام في الصحراء المغربية، كما أكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أن الولايات المتحدة “تواصل اعتبار مخطط الحكم الذاتي في الصحراء جادا وذا مصداقية وواقعيا”، من أجل وضع حد للنزاع المفتعل حول الصحراء.
وفي سياق متصل أكد الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة السفير عمر هلال في مداخلته خلال الجلسة العادية للجنة الـ24 التابعة للأمم المتحدة، في يونيو الماضي، بنيويورك، أنه “على الجزائر، الطرف الرئيسي في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، إما الانخراط ضمن مقاربة سلمية تحترم مبدأ حسن الجوار والتسوية السلمية للنزاعات، أو التمادي في الإخفاق الذريع وباهظ الثمن لأجندة بوليساريو، بالملايين من الدولارات، وعلى حساب رفاه الشعب الجزائري الذي يصطف في طوابير لاقتناء أبسط المواد الغذائية”.
ويواصل المغرب دعمه لجهود الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي إلى الصحراء، ستيفان دي ميستورا، الهادفة إلى إعادة إطلاق مسلسل الموائد المستديرة، بالصيغة ذاتها والمشاركين أنفسهم، وخاصة الجزائر، الطرف الأساسي في النزاع، وذلك طبقا لقرار مجلس الأمن 2654 في أكتوبر 2022، مع التأكيد على أن الحل النهائي لهذا النزاع الإقليمي لن يكون إلا سياسيا وواقعيا وعمليا، ومبنيا على التوافق.