الحكومة المغربية توافق على مطالب النقابات لإنهاء الاحتقان في قطاع الصحة
أعلن التنسيق النقابي لقطاع الصحة في المغرب موافقة الحكومة على معظم مطالب العمّال، ما يمثل انتصاراً مهماً لموظفي القطاع الصحي وذلك بعد اجتماع بين وزير الصحة والحماية الاجتماعية والنقابات الممثلة للعاملين في القطاع، لأجل إنهاء الاحتقان بعد إضرابات واحتجاجات مستمرة آخرها الأربعاء عندما قامت السلطات بتفريقهم من شوارع العاصمة.
وعقد وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت الطالب، الجمعة، بتكليف من رئيس الحكومة عزيز أخنوش اجتماعا مع ممثلي الهيئات النقابية في القطاع.
وأكدت الحكومة موافقتها على كافة البنود ذات الطابع الاعتباري والقانوني، بما فيها الحفاظ على الوضعية الإدارية والقانونية لمهنيي الصحة، وبالنسبة إلى النقاط ذات الأثر المالي، فقد وافقت الحكومة على 12 نقطة من أصل 17، وعبّرت عن تحفظها على خمس نقاط وربط بعضها بشروط معينة، ولكن التنسيق النقابي لقطاع الصحة أكد أنه بعد نقاش طويل أبدى تمسّكه بتنفيذ جميع النقاط المطلبية، مبديا بعض الملاحظات.
وقام التنسيق النقابي المؤلف من ثماني نقابات بقطاع الصحة بمسيرة للعاملين بالقطاع، الأربعاء، بالعاصمة الرباط من باب الحد في اتجاه البرلمان للتعبير عن غضبه إزاء عدم تلبية مطالبه المشروعة بشكل هادئ سلمي وحضاري، تدخلت على إثره قوات حفظ الأمن لتفريق المحتجين.
“تجاهل الحكومة لمطالب العمال، وعدم التزامها بالتعاقدات سيدفع فئة جديدة من الكفاءات من أطباء وممرضين وإداريين إلى التفكير في الهجرة للاشتغال في ظروف أحسن”
وقال مصطفى الشناوي الكاتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة إن “القطاع مقبل على إصلاح عميق، وركيزته الأساسية هم العاملون بقطاع الصحة، بالتالي إذا لم يوجد أيّ تحفيز لن يكون هناك إصلاح، وسبق أن أوقفنا النقاش حول القوانين وتنزيل القوانين الجديدة، إلى حين تحقيق المطالب، ونعتذر للمواطنين والمواطنات لأننا كنا مضطرين لخيار الإضرابات، ونحمّل المسؤولية للحكومة، التي تعاملت مع الصحة كقطاع حيوي وإستراتيجي بهذا الشكل”.
وفي محاولة لنزع فتيل الأزمة عبر وزير الصحة عن امتنانه لحصيلة المقاربة التشاركية مع الهيئات النقابية، والتي أسهمت في إخراج العديد من النصوص القانونية والتنظيمية في ظل مختلف البرامج الإصلاحية التي تعرفها المنظومة الصحية الوطنية.
وتعود الأزمة في القطاع إلى شهر دجنبر الماضي، بعدما قرّرت الحكومة ومن خلال لجنة وزارية مكوّنة من كل من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، والوزارة المنتدبة المكلفة بالميزانية والأمانة العامة للحكومة، التفاعل مع رسالة وجهها مهنيو الصحة، تطالب بالاهتمام بوضعية موظّفي الصحة وتحسين الأجور.
وعلى الرغم من توقيع اتفاق “يناير 2024” مع القطاعات النقابية لموظفي الصحة بالمغرب، الذي أكد زيادة الأجور بمقدار 1500 درهم للممرضين ومهنيي الصحة و1200 درهم للإداريين والتقنيين، إضافة إلى الإبقاء على صفة موظف عمومي لمهنيي القطاع، إلا أن الحكومة لم تلتزم بتنفيذ أيّ من بنود هذه الاتفاقات، وتبرر الحكومة موقفها بأن هذه الاتفاقيات ليست ملزمة لأنها وُقعت فقط من قبل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.
وشمل هذا الاتفاق، زيادة عامة في أجور المهنيين، وتحفيزات مالية، إلى جانب الالتزام بتنظيم لقاءات لتعزيز التواصل بشأن إصلاح المنظومة الصحية.
وطالب التنسيق النقابي بتنفيذ كل مضامين الاتفاقات ومحاضر الاجتماعات الموقعة بين وزارة الصحة وكل النقابات في شقها المادي والمعنوي والقانوني والتي تعبّر عن مطالب موظّفي الصحة بكل فئاتهم، والحفاظ على كل حقوق ومكتسبات مهنيي الصحة وعلى رأسها صفة موظف عمومي وتدبير المناصب المالية والأجور من الميزانية العامة للدولة والحفاظ على الوضعيات الإدارية الحالية المقررة في النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية وكل الضمانات التي يكفلها.
الأزمة في القطاع وتعود إلى شهر ديسمبر الماضي، بعدما قرّرت الحكومة ومن خلال لجنة وزارية، التفاعل مع رسالة وجهها مهنيو الصحة، تطالب بالاهتمام بوضعية موظّفي الصحة وتحسين الأجور
وسجلت النقابة الوطنية للصحة، في بيان لها، أن الحكومة التي تسعى إلى تعميم الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، وما يفرضه ذلك من إصلاح عميق للمنظومة، تعتمد على انخراط مهنيي القطاع لإنجاح هذا البرنامج، ولا يجب أن تتنكر لمطالب هذه الفئة وانتظاراتهم مع تحسين أوضاعهم المادية والمهنية والاجتماعية.
وأكدت تورية بوطيب، عن التنسيق النقابي لقطاع الصحة، في تصريح لـه أن “تجاهل الحكومة لمطالب العمال، وعدم التزامها بالتعاقدات سيدفع فئة جديدة من الكفاءات من أطباء وممرضين وإداريين إلى التفكير في الهجرة للاشتغال في ظروف أحسن”.
وعبّر وزير الصحة لممثلي الهيئات النقابية عن قناعته الراسخة في مواصلة تفعيل المقاربة التشاركية لإيجاد الحلول لمختلف الصعوبات التي يمكن أن تعترض التنزيل السليم لمضامين الاتفاق بما ينعكس إيجابا على تثمين الموارد البشرية باعتبارها رافعة لإنجاح مختلف البرامج الإصلاحية، وذلك تنفيذا للتوجيهات الملكية الرامية إلى النهوض بالمنظومة الصحية الوطنية وتحسين جاذبيتها، بما يضمن تقديم الخدمات الصحية لفائدة المواطنات والمواطنين بشكل منصف ومتكافئ وعادل على الصعيد الترابي.
وصادقت الحكومة، الخميس، على مشروعي مرسومين في شأن النظام الأساسي الخاص بهيئة الممرضين بوزارة الصحة، والنظام الأساسي الخاص بهيئة الممرضين وتقنيي الصحة المشتركة بين الوزارات، في إطار استكمال التدابير المتعلقة بتحسين الدخل بالقطاع العام، تنفيذا لاتفاق الحوار الاجتماعي لـ29 أبريل 2024، من خلال إقرار زيادة في أجور كل من هيئة الممرضين بوزارة الصحة وهيئة الممرضين وتقنيي الصحة المشتركة بين الوزارات، بمبلغ شهري صاف محدد بـ1000 درهم (102.29 دولار).
وأكد الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، والناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، أن صرف هذه الزيادة سيتم على قسطين متساويين، يهم الأول زيادة 500 درهم (51.14 دولار) صافية في الشهر، ابتداء من بداية يوليو 2024، ويهم الثاني زيادة 500 درهم صافية في الشهر، ابتداء من بداية يوليو 2025.