البرلمان المغربي يتأهب للمصادقة على قانون الإضراب بعد عقود من التأجيل

ماموني

تتأهب الحكومة المغربية لطرح نسخة جديدة من قانون الإضراب، الذي يُعد أحد المطالب الأساسية للنقابات العمالية، بعد رفض النقابات مشروع قانون تنظيمي طرحته الحكومة السابقة في البرلمان منذ عام 2016، ومطالبتها بقانون يحترم جميع تشريعات العمل الدولية، دون المس بالحقوق والحريات العامة.

يستعد نواب البرلمان المغربي لمناقشة مشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب، بداية الأسبوع المقبل داخل لجنة القطاعات الاجتماعية بعد سلسلة من تأجيل البث فيه لسنوات طويلة. وكان ينتظر أن تلتئم مساء الخميس، لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب، من أجل الشروع في مناقشة المشروع. ويأتي ذلك في وقت وعدت فيه الحكومة المغربية على لسان رئيسها، عزيز أخنوش، بإخراج قانون الإضراب نهاية 2024، مع العمل على إنقاذ صناديق التقاعد من الإفلاس بحلول 2025.

وأكد عزيز أخنوش، أن ما تبقى في عمر الحكومة، سيتم العمل فيه على ثلاثة قوانين كلهامهمةمنها قانون الإضراب، معتبرا خلال جلسة الأسئلة الشهرية، الثلاثاء التي خصصت لموضوعالحوار الاجتماعي آلية للنهوض بأوضاع الشغيلة ورافعة لتحسين أداء الاقتصاد الوطني، أنهلم يعد مقبولا أن تبقى بلادنا، وهي التي راكمت مسارا ديمقراطيا نموذجيا، دون قانون تنظيمي يؤطر ممارسة حق الإضراب”.

ويذكر أن مشروع القانون التنظيمي بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب مازال رهين مجلس النواب منذ سنة 2016، في انتظار بدء إجراءات دراسته بلجنة القطاعات الاجتماعية، وسبق لهذه اللجنة أن عقدت اجتماعا خصص لتقديم المشروع،خلال الولاية الحكومية السابقة، ما أثار جدلا كبيرا بين الحكومة والنقابات، رفضت على أثرها النقابات الشروع في إجراء المصادقة على القانون، وطالبت بسحب المشروع من البرلمان، وفتح مشاورات جديدة بشأنه، قبل إعادة برمجته على أجندة أعمال البرلمان،وهو ما أدى إلى تأجيل دراسته بطلب من الحكومة.

علي لطفي: وجب على نقابات الشغل أن تكون مؤطرة

وستعمل الحكومة على برمجة مناقشة المشروع والمصادقة عليه خلال الدورة البرلمانية الربيعية الحالية، وسيتم إخراج القانون التنظيمي من خلال الاتفاق على المبادئ الأساسية المتمثلة في ضمان انسجام مشروع القانون التنظيمي مع أحكام الدستور، ومع التشريعات الدولية، وضمان التوازن بين ممارسة هذا الحق الدستوري وحرية العمل، وتدقيق مختلف المفاهيم المتعلقة بممارسة حق الإضراب، وضبط المرافق التي تستوجب توفير حد أدنى من الخدمة خلال مدة سريان الإضراب، وتعزيز آليات الحوار والتصالح والمفاوضة في حل نزاعات الشغل الجماعية.

وستنعقد الجلسة بحضور يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرىوالشغل والكفاءات، الذي سيقوم بتقديم بنود المشروع المذكور، الذي أثار الكثير منالجدل في الأشهر الماضية، خلال مرحلة المشاورات الحكومية مع النقابات التي أبدت تخوفا من مضامين قانونية تراجعية عن المكتسبات، في وقت تعتبر بعض التنظيمات النقابية بأن المغرب ليس في حاجة أصلا إلى تقنينالحق في الإضراب”.

وأوضح السكوري أن القانون التنظيمي للإضراب سيرى النور في الدورة الربيعية الحالية للبرلمان، ويحترم جميع تشريعات العمل الدولية، دون المس بالحقوق والحريات العامة، كما أبرز رئيس الحكومة، أن المشروع سيوازن بين حماية الحق في الإضراب وحرية العمل.

وأكد علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، على أنهقبل الحديثعن إصدار القانون التنظيمي للإضراب، وجب على النقابات أن تكون مؤطرة في القانونالذي تخضع إليه في تنظيمها ومؤتمراتها وأجهزتها”. وأكد في تصريح لـه أنالحكومة تستعجل إخراج القانون التنظيمي للإضراب، بغرض إغلاق باب الإضرابات والاحتجاجات التي تقوم بها عدد من الهيئات، على رأسها التنسيقيات القطاعية، والتي تطمح الحكومة إلى تقييد ممارستها لهذا الحق، بداعي أنها ليست نقابات”.

وعبر علي لطفي، عن خشيته من أنيكون هناك اتفاق بمنطق المقايضة بين الحكومة والنقابات، بالزيادة في الأجور، مقابل تمرير قانون الإضراب وإصلاح التقاعد، وأن هذا الأمر إن تم سيكون خطيرا جدا وسيكون ورطة للنقابات التي شاركت في الحوار الاجتماعي ضد الطبقة العاملة، مشيرا إلى أنالاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عبرتا عن رفضهما لمنطق المقايضة، ونرجو أن تثبتا على موقفهما هذا“.

الدستور المغربي ينصّ في فصله التاسع والعشرين على أن حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي مضمونة

وينص الدستور في فصله التاسع والعشرين على أنحريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة. ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات. ويحدد قانونٌ تنظيميٌّ شروطَ وكيفياتِ ممارسته، ولذلك فإن تحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب بموجب قانون تنظيمي يكسبه أهمية كبيرة، نظرا لكون القوانين التنظيمية تأتي في المرتبة الثانية بعد الدستور.

ويتكون مشروع قانون الإضراب الذي سيضبط الحقل النقابي، من 49 بندا، وتنص المادة 5 على أنكل دعوة إلى الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون التنظيمي تعتبر باطلة، ويعتبر كل إضراب لأهداف سياسية ممنوعا. كما يتوجب، وفقا للمادة 7، إجراء مفاوضات بشأن الملف المطلبي للعمّال قبل خوض الإضراب، للبحث عن حلول وينص على أنه في حالة تعذر المفاوضات أو فشلها، يتعين بذل جميع المساعي اللازمة لمحاولة التصالح بين الطرفين.

أما في حالة الإضراب، فيُمنع على المضربين، حسب المادة 13، عرقلة حرية العمل خلال مدة سريان الإضراب أو احتلال أماكن العمل أو مداخلها أو الطرق المؤدية إليها. ويعتبر مشروع القانون أن العمال المشاركين في الإضراب، وفي حال حدوث توقف مؤقت عن العمل خلال إضرابهم،لا يمكنهم الاستفادة من الأجر عن مدة إضرابهم“.

وبعد إنهاء الإضراب أو إلغائه باتفاق بين الأطراف المعنية، يُمنع حسب المادة 23 اتخاذ قرار إضراب جديد دفاعا عن المطالب نفسها، إلا بعد مرور سنة على الأقل. وفي حال ممارسة الإضراب خلافا لأحكام هذا القانون، يمكن لصاحب العمل، حسب المادة 26،أن يطالب بالتعويض عن الخسائر والأضرار التي لحقت بالمقاولة.

وأكد الميلودي مخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، أن الحكومة الحالية التزمت بإعادة صياغة قانون يحظى بالتفاوض والتراضي مع النقابات، ويضمن أساسا الحق في الإضراب، ويحمي الأجراء والنقابيين، ولنا الرغبة في استقرار الشركات، التي تضمن حقوق الأجراء، وتقوم بتطبيق القوانين الاجتماعية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: