توصيات برلمانية تدعم مكافحة الفساد الانتخابي في المغرب

ماموني

أوصت لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في مجلس النواب المغربي بتعزيز دور النيابة العامة في تحصين العملية الانتخابية من كافة أشكال الفساد الانتخابي، لضمان نزاهتها وشفافيتها، كأحد شروط البناء الديمقراطي. وشددت اللجنة البرلمانية خلال اجتماع لها الثلاثاء على ضرورة أن يبذل قضاة النيابة العامة أدواراً أكبر باستعمال السلطات التي يخولها لهم القانون لحماية وتحصين العملية الانتخابية من كل زيغ أو انحراف.

وأشارت اللجنة المذكورة إلى غياب أرقام حول عدد المتابعات التي حركتها النيابة العامة، خاصة أن المشهد لم يخلُ من مجموعة من الممارسات التي تستدعي ذلك، حيث إنها جرت في زمن الطوارئ الصحية، وبدليل عدد الطعون المقدمة أمام القضاء. ودعت إلى تجريم الإثراء غير المشروع وتشديد العقوبات على مرتكبي جرائم الفساد والرشوة مع اعتماد نصوص واضحة ودقيقة.

وأكد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، أن “هذا المطلب يروم تقوية دولة القانون والمؤسسات والقطع مع أي ممارسة تشوش على صورة المغرب الذي يسير في تعزيز الخيار الديمقراطي، وبهدف أخلقة العملية الانتخابية المقبلة وتحصينها من كل ما قد يمس بإرادة الناخبات والناخبين واختيارهم الحر”.

وأضاف أن “المؤسسات مطالبة بالمضي قدما في محاربة الفساد السياسي بمفهومه الواسع وإسقاط القيادات الشعبوية، كشروط أساسية للتغيير الذي نصبو إليه وإعطاء العمل السياسي المصداقية كأساس لتحقيق التنمية بكل تجلياتها التي نحتاجها”. واعتبر لزرق أن “المغرب يحتاج إلى فاعلية إدارية وسياسية لتكريس تعددية حزبية عقلانية، فتغيير نمط الانتخاب آلة يجب أن تكون للمصلحة الوطنية الجامعة وليس لمصلحة طرف دون آخر”.

وأوصى أعضاء لجنة العدل بتمكين النيابة العامة من الدعم اللازم لتطوير عملها وتحديثه، وذلك بزيادة عدد القضاة بهدف تحسين أداء النيابات العامة في المحاكم وتعزيز أدوارها في تنفيذ السياسة الجنائية ومعالجة القضايا بالسرعة والجودة المطلوبتين، خاصة بالنسبة إلى ملفات المعتقلين. كما طالبوا بمدها بالموارد البشرية والمالية والعقارية أو المعدات اللوجستية الكفيلة بتوفير الأنظمة المعلوماتية لدى مختلف النيابات العامة في إطار تعزيز التحول الرقمي بمختلف محاكم المملكة.

 

رشيد لزرق: تغيير نمط الانتخابات يجب أن يكون للمصلحة الوطنية الجامعة

وشملت التوصيات البرلمانية تفعيل التكوين المستمر واعتماد التكوين المتخصص في بعض المجالات، خاصة تلك المرتبطة بالحريات وبحقوق الإنسان، وفي مجال الجرائم المعلوماتية من أجل ضمان مواكبة قضاة النيابة العامة للمستجدات التشريعية والحقوقية والرقمية والرفع من قدراتهم المعرفية.

واجتهد المشرع في إحاطة المسلسل الانتخابي، بكافة مراحله، بجملة من الضمانات، تبدأ من مرحلة التسجيل في اللوائح الانتخابية وصولا إلى ما بعد إعلان النتائج، تاركا للقضاء سلطة الفصل في المنازعات والبت في الطعون التي تثيرها نتائج صناديق الاقتراع.

وخلال الانتخابات السابقة تم تعديل القانون التنظيمي لمجلس النواب، باعتماد تغيير طريقة حساب القاسم الانتخابي على أساس المسجلين في اللوائح الانتخابية بدل عدد المصوتين، والذي توزع من خلاله المقاعد البرلمانية، ومجالس الجماعات الترابية (المحلية)، بعد عملية الاقتراع. كما دعا رئيس النيابة العامة آنذاك كل الوكلاء العامين للملك لدى محاكم الاستئناف ووكلاء الملك لدى المحاكم الابتدائية إلى السهر على أن تجرى العمليات الانتخابية المقبلة في جو من النزاهة والمصداقية.

ودعا البرلمانيون إلى العمل على تسريع وتيرة رقمنة الإجراءات الداخلية وإحداث منصة رقمية قضائية لمواكبة التحولات الاجتماعية التي يعرفها المغرب والتطلعات الجديدة للمواطنات والمواطنين، وتطوير النظم المعلوماتية ذات الصلة بعمل النيابة العامة.

وتحرص كل التنظيمات الحزبية على الاستعداد الجيد للانتخابات المقبلة، بما يضمن لها مواقع سياسية مهمة داخل المشهد. وتحث أحزاب المعارضة الخطى لقطع الطريق على الأحزاب التي تشكل التحالف الحكومي المكون من التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال، التي تطمح إلى الدخول مجتمعة إلى الانتخابات المقبلة لتحقيق الفوز بولاية حكومية ثانية.

وتراهن كل الأحزاب على الاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026 لتحقيق مكاسب سياسية، حيث طالب البرلمانيون النيابة العامة بتتبع سير مختلف مراحل العمليات المذكورة، للحفاظ على سلامتها والتصدي في حينه لكل ما قد يمس بها، ابتداء من التسجيل في اللوائح الانتخابية إلى غاية الإعلان عن نتائج الاقتراع وانتخاب أجهزة وهياكل مجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية.

وتعي كل المؤسسات المنتخبة والأحزاب السياسية بالدور المحوري الذي يلعبه القضاء في مواكبة العمليات الانتخابية والعمل على مرورها في أجواء حرة ونزيهة، وتحصين الاستحقاقات من كل ما قد يمس بإرادة الناخبات والناخبين واختيارهم الحر، بما يسهم في تثبيت الاطمئنان والثقة لدى كل المواطنين والسهر على تحقيق الأمن الانتخابي، تماشيا مع المقتضيات الدستورية التي تنص على أن الانتخابات الحرة والشريفة والشفافة هي أساس مشروعية التمثيل الديمقراطي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: