جهود تحسين مناخ الاستثمار في المغرب تثمر عائدات قياسية

مامونيً

يعطي النمو في تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى المغرب لمحة عن التحسن الكبير في ثقة الشركات الدولية بمناخ الأعمال في البلاد، بعدما قامت الحكومة بسلسلة من الإصلاحات، التي تشجع أصحاب الأموال على إقامة مشاريع بفضل الميزات التنافسية الكثيرة.

سجلت عائدات الاستثمارات الأجنبية المباشرة رقما غير مسبوق في تاريخ المغرب حيث بلغت 13.1 مليار درهم (1.28 مليار دولار) في الثلث الأول من هذا العام، بحسب معطيات نشرتها وزارة الاستثمار.

وجاء تسجيل هذه التدفقات بفضل الميثاق الجديد للاستثمار والجهود الحكومية الكبيرة لتحسين مناخ الأعمال، وأيضا الجولات التي يقوم بها المسؤولون وهياكل الدولة في الأسواق الدولية.

وتقول وزارة الاستثمار إن تعزيز جاذبية البلد لرؤوس الأموال المحلية والخارجية وتسهيل عملية الاستثمار من أولويات الحكومة تنفيذا لتوجيهات العاهل المغربي الملك محمد السادس.

وأكدت الوزارة في رد على تساؤل برلمانيين من حزب الحركة الشعبية أنه تم تفعيل نظام الدعم الأساسي ونظام الدعم الخاص المطبق على مشاريع الاستثمار ذات الطابع الإستراتيجي.

وأشارت إلى أنه تم اعتماد حوكمة موحدة ولا مركزية عبر تعويض لجنة الاستثمارات باللجنة الوطنية للاستثمار، التي تتمتع بصلاحيات موسعة. وصادقت اللجنة الجديدة خلال خمس دورات على 115 مشروعا بقيمة إجمالية بلغت 173 مليار درهم (16.9 مليار دولار) ستمكن من توفير 96 ألف فرصة عمل.

وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، إن “هذا الارتفاع القياسي يعد ثاني أعلى مستوى للاستثمار الأجنبي المباشر في تاريخ الاقتصاد”.

وأوضح أن هذا “المؤشر الإيجابي” يعزى، أساسا، إلى الإصلاحات التي قامت بها الحكومة على مستوى ميثاق الاستثمار، ومناخ الأعمال.

 

مصطفى بايتاس: هذا المؤشر الإيجابي يعزى أساسا إلى الإصلاحات
مصطفى بايتاس: هذا المؤشر الإيجابي يعزى أساسا إلى الإصلاحات

 

ولفت الوزير إلى أن ارتفاع حجم الاستثمار انعكس على سوق العمل، مع تضاعف حجم الاستثمار المعتمد في اللجنة بأكثر من أربعة أضعاف، وزيادة عدد الوظائف المتوقعة المعتمدة بمقدار يتخطى ستة أضعاف.

ويرى خبراء أن هذه الديناميكية بدأت تؤتي ثمارها، ويمكن توقع تعزيز الاستثمارات الأجنبية المباشرة بفضل المشاريع الإستراتيجية الأخيرة، لاسيما على مستوى منظومة النقل الكهربائي، مع إنشاء أكبر مصنع في أفريقيا والوحدات المرتبطة بسلسلة القيمة للبطاريات.

وقال المحلل الاقتصادي رشيد ساري ، إن هذا النمو “يرجع الى ن المغرب يتمتع بمناخ أعمال متميز واستقرار أمني ومالي بالإضافة إلى تشجيعات ضريبية، وميثاق جديد للاستثمار”.

وأشار إلى أن ذلك يعني توفر مجموعة من الامتيازات، والدعم الذي يقدم للشركات الكبرى، مع تبسيط الإجراءات الإدارية.

وأوضح أنه تم تقليص ما يعادل 45 في المئة من الإجراءات الإدارية، عبر التخلي عن عدد كبير من الوثائق، وبالتالي يمكن الحديث عن ديناميكية داخل المغرب.

ويشكل اعتماد ميثاق الاستثمار بمثابة إصلاح لسياسة الدولة في مجال الأعمال بما يتلاءم مع التحولات المؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتكنولوجية، على الصعيدين المحلي والدولي، وكذلك الاستفادة من المؤهلات المتنوعة لكل الجهات والأقاليم.

ويظهر التقرير السنوي لقائمة مراقبة الاستثمار الأجنبي المباشر (أف.دي.آي) لعام 2023، والذي تم إصداره في شهر يناير الماضي، احتلال المغرب للمركز الثامن عالميا ضمن قائمة البلدان المستقطبة للاستثمارات الأجنبية.

وبحسب وزارة الاستثمار تم خلال العام الماضي إطلاق 70 في المئة من مبادرات خارطة الطريق الممتدة بين 2023 و2026 لتحسين مناخ الأعمال، 44 في المئة منها تم إنجازها استنادا على المبادرات المتبقية مستقبلا.

وترتكز خارطة تحسين مناخ الأعمال على 4 دعائم أساسية تتمثل في تحسين الظروف الهيكلية لعملية الاستثمار وريادة الأعمال، إلى جانب دعم التنافسية، من خلال التمويل والوصول إلى العقارات والطاقات المتجددة.

ويشكل تطوير بيئة مواتية لريادة الأعمال وللابتكار دعامة ثالثة للبرنامج، مع تكريس قيم الأخلاقيات والنزاهة وكذا الوقاية من الفساد. وقامت وزارة الاقتصاد والمالية ببلورة وتطوير وحدة وظيفية رقمية جديدة تحت اسم “استثمار”، وهي متاحة ضمن نظام “إي-بودجي 2”.

وتسمح هذه الوحدة بتعريف وبرمجة وتتبع التنفيذ المالي والمادي والميزانيات العمومية للمشاريع الاستثمارية المزمعة من طرف الوزارات المعنية والمؤسسات من هلال ما جاء في الميزانية العامة للدولة.

وتعد المنصة ترجمة لتطبيق ممارسات جديدة في التصرف في الاستثمار العمومي بغرض تحسين نتائج الآثار المستهدفة عبر مشاريع القطاع العام.

كما أنها تساعد في اتخاذ القرار المتعلق بالميزانيات من خلال تسهيل عملية برمجة الاستثمار العمومي وتوجيه المناقشات، وتوثيق المشاريع من خلال إنشاء قاعدة بيانات لمشاريع الاستثمار العمومي.

◙ 8 ترتيب المغرب عالميا في تقرير مراقبة الاستثمار الأجنبي المباشر (أف.دي.آي) في 2023

ويعتقد ساري أن مع مشروع القانون المتعلق بالمناطق الصناعية، لوحظ تتغير المنظومة وتصبح أكثر انسيابية، إضافة لعدد من الأمور التي “تدرس حاليا على مستوى للمناطق الصناعية لتصبح أكثر جاذبية وفعالية”.

وقال “في السابق كانت هذه المناطق تعرف عددا من الخروقات، فمثلا عند التأسيس كان المستثمر يأتي من أجل غرض صناعي وفيما بعد يتم تغيير النشاط إلى نشاط تجاري، وهو الأمر الذي أصبح محسوما اليوم”.

وتراجع مستوى الاستثمار الأجنبي المباشر خلال 2022 بنحو 12 في المئة عالميا، و44 في المئة في أفريقيا، بسبب مخلفات الوباء والأزمات الجيوسياسية والتي انعكست سلبا على الاقتصاد العالمي ككل، وأيضا بسبب التشديد النقدي بعد ارتفاع التضخم بشكل كبير.

وتؤكد الحكومة المغربية أنها ستواصل تعزيز جاذبية المملكة للاستثمارات من خلال استكمال تفعيل ميثاق الاستثمار ومواصلة الجهود الترويجية على المستوى العالمي مواكبة تطور القطاعات الواعدة وتعزيز دور المراكز الجهوية للاستثمار لمواكبة المستثمرين.

ومن المتوقع إطلاق منصة رقمية تمكن من تحديد المواقع الجغرافية للمشاريع، من أجل مواكبة وتسليط الضوء على الجهود المبذولة فيما يتعلق بالعدالة على مستوى توزيع الاستثمارات والحد من التفاوتات والفوارق بين الجهات.

وسيعمل المشرفون على المنصة على إعداد تقارير دورية حول مستوى تقدم تنفيذ محفظة مشاريع الاستثمار العمومي، خاصة المذكرة المتعلقة بالتوزيع الجهوي للاستثمار المرافقة لمشروع قانون المالية.

وتستفيد مجموعة من المؤسسات والشركات العمومية من تحويلات وإعانات من الميزانية العامة للدولة على مستوى نفقات الاستثمار.

ويتم صرف هذه التحويلات بغية تنفيذ المهام الموكلة إليها، في إطار دورها في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد خاصة مساهماتها المتعددة في مجالات الاستثمار الاستراتيجي لاسيما على مستوى تحديث البنيات التحتية وتقديم الخدمات العامة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: