قياديان في البوليساريو يشعران بالقلق من احتمال زوال الحركة الانفصالية
تحولت مخيمات لحمادة في الأشهر الأخيرة إلى ساحة حرب حقيقية حيث تتواجه باستمرار العشائر القبلية والسياسية والمافيوية، هذا إذا لم يتعلق الأمر بالمتظاهرين الغاضبين الذين يحرقون المباني وعربات ميليشيات البوليساريو المسلحة. وأمام هذه الفوضى، دق قياديان في الحركة الانفصالية ناقوس الخطر بإعلانهما أن ذلك مؤشر على النهاية الوشيكة لجبهة البوليساريو.
قام كل من أوبي بوشراية، ممثل جبهة البوليساريو في أوروبا، والبشير مصطفى السيد، العضو الدائم بالأمانة الوطنية للحركة الانفصالية، بخرجتين إعلاميتين متزامنتين، حذرا فيهما من موجة العنف الحالية التي تجتاح مخيمات تندوف، والتي قد تؤذن بزوال جبهة البوليساريو.
وكتب أوبي بوشراية في تغريدة، نشرها يوم السبت 6 يوليوز على موقع إكس، «أن التوترات المسجلة (في مخيمات تندوف)، والتي تضاعفت بشكل مقلق في الآونة الأخيرة (…) تجعل العالم كله، بما في ذلك أصدقاءنا، يشككون في قدرتنا على إنشاء دولة»!.
أوبي بوشراية، الذي استقال في دجنبر 2022 من قيادة الحركة الانفصالية بسبب خلافات عميقة مع زعيم جبهة البوليساريو، لكن سرعان ما أعادته الطغمة العسكرية الجزائرية إلى منصبه، طالب إبراهيم غالي، بين أمور أخرى عاجلة، بـ«التخلي عن المقاربة الضيقة التي نختزل الأمن في مسألة الحفاظ على النظام العام، والذي لا ينتج إلا حلقات مفرغة من الأفعال وردود الأفعال».
كما طالب، ولكن بشكل غير مباشر، السلطات الجزائرية بالتدخل سريعا، وإلا فإن الوضع سيتدهور أكثر و«يتحول إلى خلافات عميقة، ولا سمح الله، يقود نحو المجهول!»، يختم أوبي بوشراية تدوينته.
وبعبارة أخرى، فإن أوبي بوشراية، الذي تتمثل إحدى مهامه في تحسين صورة جبهة البوليساريو وخدمة دعاية النظام الجزائري المناهضة للمغرب، دق ناقوس الخطر بشأن احتمال زوال جبهة البوليساريو. ونظرا للدور المنوط به، فإن خرجته الإعلامية، رغم أنها حبلى بالعبارات الملطفة، تؤشر على الأزمة العميقة التي تهدد بزوال جبهة البوليساريو، على الرغم من التعتيم الذي فرضته ميليشيات بن بطوش والطغمة العسكرية الجزائرية. كما دعا أوبي بوشراية الطغمة العسكرية الجزائرية إلى إخماد التمرد في المخيمات الصحراوية، لأنه قد يؤدي إلى انقراض جبهة البوليساريو.
من جانبه، يرى البشير مصطفى السيد، عضو المكتب الدائم للأمانة الوطنية لجبهة البوليساريو، والذي شغل مناصب مهمة مختلفة داخل قيادتها على مدى أربعة عقود قبل أن يصبح المعارض الرئيسي لإبراهيم غالي في مخيمات الرابوني، أن «الوضع متفجر» في مخيمات لحمادة، بل «وصل إلى درجة من التدهور لم يعد تحت السيطرة، مما ينذر بالأسوأ».
ففي مقال مقتضب نشر يوم الأحد الماضي على أعمدة إحدى وسائل الإعلام الانفصالية، أوصى الأخ الأصغر للوالي مصطفى السيد، مؤسس جبهة البوليساريو، بتنظيم ما سَمّاه «ندوة وطنية» لتقييم حالة الفوضى التي تعرفها مخيمات تندوف، ومحاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه. ووفقا له، فإن الدور الوحيد لجبهة البوليساريو، منذ وصول إبراهيم غالي على رأسها، هو شن حروب داخلية من خلال مهاجمة الساكنة.
كما أشار القيادي ببجهة البوليساريو بأصابع الاتهام إلى النظام الجزائري، منتقدا بشكل غير مباشر إخفاقاته الدبلوماسية في قضية الصحراء المغربية، وهي الإخفاقات التي ساهمت بشكل كبير في تأجيج غضب الصحراويين في المخيمات الذين يعتقدون أنهم تعرضوا للخداع على مدى نصف قرن من قبل دعاية النظام الجزائري والذين يريدون اليوم مغادرة الأراضي الجزائرية.
وهكذا، تكاثرت في الأيام الأخيرة في مخيمات تندوف الدعوات، التي تناقلتها شبكات التواصل الاجتماعي، لتشجيع العائلات الصحراوية على اغتنام أدنى فرصة للفرار من الأراضي الجزائرية.
وبحسب مقال منشور على موقع فرساتين «Forsatin»، بتاريخ الاثنين 8 يوليوز، فإن «تطبيقات أبرزها الواتساب، مكتظة بالرسائل المتبادلة بين الأفراد والمجموعات على شبكة الإنترنت (…)، التي تدعو العائلات وأقربائهم إلى مغادرة مخيمات تندوف بأي ثمن وتحت أي ذريعة وبأي وسيلة ومهما كانت العواقب».
وأوضح الموقع ذاته أن حرارة الصيف الشديدة في المخيمات سبق أن استخدمت كذريعة من قبل العديد من العائلات للهروب إلى موريتانيا، في انتظار الهروب الكبير لبقية ساكنة المخيمات.
يشار إلى أن الحراك الجاري حاليا في تندوف هو نتيجة مباشرة لنجاح الاستراتيجية العسكرية التي يقودها المغرب منذ نونبر 2020. فمن خلال طرد البوليساريو بشكل نهائي من معبر الكركرات ومن جميع المناطق العازلة في الصحراء المغربية، سد المغرب الباب أمام الدعاية الجزائرية-الانفصالية التي مفادها أن الانفتاح على المحيط الأطلسي أصبح في متناول اليد. ومع منع الوصول إلى المحيط، تعرت دعاية النظام الجزائري والجماعة الانفصالية. وهذا وحده كاف لتفاقم العنف بين العشائر السياسية والقبلية المتنافسة، التي أدركت أنها أصبحت محاصرة في سجن حقيقي.