المغرب يؤازر الجهود الأممية لحل الأزمة الليبية
أكد المغرب الإثنين أن استقرار ليبيا سينعكس إيجابا على أمن واستقرار منطقتي شمال أفريقيا والساحل داعيا لأن تكون المشاورات المتعلقة بالملف الليبي تحت المظلة الأممية.
ويحمل المغرب على عاتقه الدفع بالمصالحة الليبية والتوصل إلى حل “سلمي وسطي” يرضي جميع الأطراف، وتبذل الدبلوماسية المغربية جهودا كبيرة في هذا الشأن عبر لقاءات مكثفة مع الفاعليين الليبيين والدوليين لطي صفحات الخلاف.
ولعب المغرب أدوار حاسمة عديدة لحل الأزمة الليبية منذ بدايتها، فاحتضن جولات عديدة من الحوار بين الفرقاء الليبيين، من اتفاقات الصخيرات إلى مشاورات بوزنيقة وصولا إلى رعايته لأشغال اللجنة الليبية المشتركة “6+6” لإعداد القوانين الانتخابية في يونيو الماضي، التي توجت بتوافقات حظيت على إثرها الرباط بإشادة دولية على دورها المهم في هذا الإطار.
وقال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة للصحافيين في العاصمة الرباط عقب مباحثات مع الممثلة الخاصة بالنيابة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني خوري التي بدأت الاثنين زيارة إلى المملكة غير محددة المدة إنه “من الضروري اليوم أن تجد الأزمة الليبية مخرجا، لأن ذلك له تأثير إيجابي كبير على أمن واستقرار (منطقتي) شمال أفريقيا والساحل”، وفق ما نقلته وكالة الأنباء المغربية الرسمية.
وتقع منطقة الساحل الأفريقي جنوب الصحراء الكبرى في شمال أفريقيا، وتضم العديد من الدول أبرزها مالي والنيجر ونيجيريا والسنغال وبوركينا فاسو وتشاد.
وأربكت الحالة الأمنية التي تعيشها ليبيا منذ أكثر من عقد من الزمان منطقتي شمال أفريقيا والساحل والصحراء، بسبب فوضى السلاح التي تشهدها المنطقة.
ولم تكن عمليات الانتشار داخل ليبيا فقط، إذ عرفت عمليات انتشار السلاح الليبي نحو دول الساحل من خلال المعاملات التجارية، وهي صفقات التبادل التي يقوم بها المرتزقة ورجال الصحراء كونهم عارفين بتضاريس المنطقة، وهذا من أجل تسهيل نشاطات الجماعات الإرهابية، فكان امتداد السلاح الليبي عبر طول الشريط الحدودي لليبيا على مستوى 12 دولة، منها مالي، والجزائر.
وقال بوريطة إن بلاده “كانت دائما مقتنعة بأن المظلة الأممية ضرورية لإضفاء الشرعية على أي مسار وأي حل للأزمة الليبية” مشيرا في هذا الصدد إلى حرص المملكة على أن تكون الأمم المتحدة متابعة للملف الليبي، وأن تكون على علم بالتحركات الدبلوماسية التي تقوم بها في إطار هذا الملف.
وذكر أن هذا الحرص تجسد منذ الحوار السياسي الليبي الذي استضافته مدينة الصخيرات المغربية في ديسمبر 2015، حيث اشتغل المغرب مع الأمم المتحدة، وكذلك في الحوار الليبي بمدينة بوزنيقة جنوب الرباط في سبتمبر 2020، وفي كل الاجتماعات.
وأوضح أن زيارة العمل التي تقوم بها خوري للمغرب حاليا “تأتي في إطار التنسيق والتشاور الدائم بين المملكة المغربية والأمم المتحدة من منطلق تعليمات العاهل المغربي الملك محمد السادس بأن تحرك المغرب في إطار الملف الليبي يكون دائما بتشاور وبتنسيق مع الأمم المتحدة، باعتبارها الراعي الأساسي لمسار الملف الليبي”.
وتحرص المملكة على تقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين دون التدخل في شؤونهم، وأكد بوريطة أن المغرب “كان دائما مقتنعا بأن حل الأزمة الليبية هو في يد الليبيين، وأن حل مسألة الشرعية في ليبيا لا يمكنها أن تمر إلا عبر الانتخابات”.
ويعكس حضور المغرب في الملف الليبي ثقة الفاعلين الإقليميين والأمم المتحدة في مصداقية الجهود الدبلوماسية التي تقودها الرباط على الساحة الليبية، لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين من أجل استكمال المسار الانتخابي على أساس توافقي بما يخدم مصالح الشعب الليبي. فالدور المغربي يبرز الالتزام الثابت في مواكبة الانتقال نحو الديمقراطية في ليبيا وإرساء نموذج سياسي متماسك على أساس قاعدة دستورية صلبة.
ويأمل الليبيون بإجراء انتخابات لإنهاء نزاعات وانقسامات تتجسد منذ مطلع 2022 في وجود حكومتين إحداهما برئاسة أسامة حماد وكلفها مجلس النواب (شرق) والأخرى مقرها العاصمة طرابلس (غرب) وهي حكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة.
وبحسب بوريطة، فإن “المملكة المغربية تشتغل دائما مع كل المؤسسات الليبية في إطار من الاحترام والمصداقية ولها علاقات إيجابية وعلاقات احترام مع كل المؤسسات الليبية وكل أطرافها”.
من المرتقب أن يحتضن المغرب الذي يعتبر حاضنة أمينة لاجتماعات الفرقاء الليبيين من دون التدخل في شؤونهم، قمة ثلاثية بين الأطراف السياسية، في مسعى للتوافق حول عدة نقاط أهمها تشكيل حكومة جديدة موحدة تشرف على الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
وينتظر الليبيون ما ستشهده الأيام القليلة القادمة من مشاورات مهمة خلال قمة ثلاثية تحتضنها المملكة المغربية ويشارك فيها رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة محمد تكالة.