المغرب يقر خطة رقمنة قطاع العدل لتحسين جودة العمل القضائي

ماموني

أعلنت وزارة العدل المغربية عن تنزيل مجموعة من المشاريع المعتمدة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، لاستخدامها في تحسين كفاءة الإدارة القضائية والزيادة من جودة العمل القضائي وتسهيل ولوج المواطنين للعدالة، وإرساء منظومة رقمية ذكية ومندمجة.

وأكد وزير العدل عبداللطيف وهبي، ضمن جوابه على سؤال كتابي، وجهته إليه النائبة البرلمانية سكينة لحموش عن فريق الحركة الشعبية، أن أحد هذه المشاريع يتعلق بتحرير الأحكام عبر الإملاء الصوتي المدعوم بتقنيات الذكاء الاصطناعي بالاعتماد على آلية تتيح تحويل الصوت تلقائيا إلى نص مكتوب، مما سيساعد القضاة على تحرير الأحكام في مدة أقل، كما سيمكن من تسريع تنفيذ باقي الإجراءات القضائية.

وتفاعلا مع إمكانيات الذكاء الاصطناعي في تطوير رقمنة الخدمات، أكد وزير العدل أنه من المرتقب استغلال الاجتهادات القضائية باستخدام الذكاء الاصطناعي من خلال تسهيل إمكانية الاطلاع على الأحكام المتوفرة في الأنظمة المعلوماتية لمساعدة القاضي على تكوين رؤية حول القضايا المعروضة عليه، وكذلك تسجيل وتدوين الجلسات باستخدام الذكاء الاصطناعي لتوثيق كل ما يجري في الجلسات بشكل آلي، مع مراعاة التحديات المتعلقة باللهجة الدارجة واللغة الأمازيغية.

 

شريفة لمويير: هذا البرنامج تحد حقيقي لتوفير شروط أسهل للتقاضي

ويجمع القضاة والمحامون على أن الإصلاح الرقمي يعد برنامجا أساسيا من أجل الدفع بمسار الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة بالمغرب، والذي يتقاطع مع التوجهات الإستراتيجية للنموذج الجديد للتنمية، الذي يعتمد تحديث الترسانة التشريعية وملاءمتها مع التحولات العميقة والمهمة التي يعرفها المغرب على جميع المستويات، وعلى رأسها برامج تعديل قانون الإجراءات المدنية وقانون الإجراءات الجنائية والترسانة القانونية المنظمة لمجال إدخال التكنولوجيات الحديثة في مجال تصريف العدالة بالمحاكم، وفقا للقواعد والمعايير المعمول بها وطنيا ودوليا.

وعلى المستوى التنفيذي أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، مؤخرا، أن الحكومة المغربية تضَع التحول الرقمي على رأس أولوياتها، كاشفاً عن “قُرب خروج إستراتيجية ‘المغرب الرقمي 2030’ التي أعدتها الحكومة إلى حيز الوجود في غضون الأسابيع المقبلة”، ومشيرا إلى أن المغرب وقّع مجموعة من الاتفاقيات مع عدد من الشركات العالمية الرائدة المتخصصة في تكنولوجيا المعلومات والبحث والتطوير، ما من شأنه أن يسرّع التحول الرقمي ويضاعف الإمكانيات البشرية المحلية المتخصصة.

وأكدت شريفة لمويير، أستاذة العلوم السياسية، أن “دعوة وزير العدل إلى تبنّي مشاريع تعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي لها أهداف جد هامة أولها بلوغ عدالة فعالة، ومقاربة الرقمنة في منظومة العدالة خطوة مهمة ستمكن من الانصهار في الثورة الرقمية، وذلك للتعامل مع التحديات التي تواجهها الإدارة المغربية وضمنها قطاع العدالة ومواجهة مختلف المعوقات لبلوغ إدارة فعالة مع نجاعة المنظومة القضائية، مع ما يمكن أن تساهم به الرقمنة بشكل فعال في تعزيز قيم النزاهة والشفافية”.

وأكدت في تصريح لـه أن “هذا البرنامج بمثابة تحدّ حقيقي من أجل توفير شروط أسهل للتقاضي بالمغرب والبت في النزاعات وإنهاء الملفات بسرعة، ووجب الإسراع بمشروع رقمنة الإدارة القضائية بالمغرب باعتباره برنامجا إستراتيجيا وإرادة تنزيله سوف تحقق مرحلة انتقالية من إدارة تقليدية إلى إدارة متطورة تواكب التحولات العالمية”.

ولفتت شريفة لمويير إلى أن “الوصول إلى تحقيق رقمنة القطاع القضائي الذي يبتغي تحقيق عدالة فعالة ومرفق قضائي يكرس الحقوق الأساسية للمواطنين ومحكمة متطورة، لا بد أن يوازيه تأهيل حقيقي للعنصر البشري من أجل تحقيق مرحلة انتقالية فعالة في منظومة العدالة بالمغرب”.

وزارة العدل تسعى إلى إقامة شراكات مع جهات دولية رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي من أجل دعم تنفيذ هذه المشاريع بتعاون وثيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية

وستوفر وزارة العدل، إمكانية الأداء الإلكتروني للغرامات والمخالفات والجنح التي تمت إحالتها إلى المحاكم وإصدار حكم قضائي في شأنها من خلال البحث برقم المحضر أو رقم بطاقة التعريف الوطنية.

ومن توصيات ميثاق إصلاح العدالة أن نجاعة منظومة العدالة وإرساء مقومات المحكمة الرقمية يقتضيان اعتماد وسائل الاتصال الحديثة لتسريع الإجراءات القضائية، وتحديد المحاضر لضمان معالجتها الحينية في إطار التواصل عن بعد باستعمال التكنولوجيا الحديثة.

وأفاد عبداللطيف وهبي أن وزارته قرّرت بالاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي والرقمنة، توفير المرجع الوطني الإلكتروني للمهن القانونية والقضائية والذي يهدف إلى تجميع بيانات مهنيي القضاء في قاعدة معطيات مندمجة يتم تحيينها بصفة مستمرة وتكون رهن إشارة عموم المواطنين، وبوابة تقديم طلبات العفو والإفراج المقيد بشروط والأمر بالإفراج لتمكين المعنيين بالأمر وذويهم والجهات المخول لها ذلك قانونيا من تقديم طلبات العفو والإفراج في وقت وجيز وفق خطوات مبسطة وسلسة.

كما أشار إلى أنه من بين مشاريع وزارته توفير المكتبة القانونية الرقمية لوزارة العدل “عدالة” والتي تتيح البحث عن النصوص القانونية والاجتهادات القضائية وقرارات المحكمة الدستورية والاتفاقيات الدولية باعتماد محرك بحث ذكي ومتعدد المعايير، بالإضافة إلى توفير منصة التبادل الإلكتروني مع المفوضين القضائيين والتي تهدف إلى رقمنة عملية التبادل بين المحكمة والمفوض القضائي، وذلك من أجل ضبط وتسريع عمليتي التبليغ والتنفيذ.

وتسعى وزارة العدل إلى إقامة شراكات مع جهات دولية رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي من أجل دعم تنفيذ هذه المشاريع بتعاون وثيق مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وذلك لتوفير خدمة السجل العدلي الإلكتروني والتي تنبني على الرقمنة الشاملة لطلبات السجل العدلي، دون عناء التنقل إلى مراكز السجل العدلي، وكذلك خدمة الحصول على وثيقة الجنسية المغربية عن بعد كما تمكّن هذه المنصة من تقديم طلب إصدار شهادة الجنسية والحصول عليها إلكترونيا باستعمال الهوية الرقمية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: