حرص إسباني على تعزيز العلاقات مع المغرب تجنبا لتهديدات أمنية

ماموني

أشادت وزارة الداخلية الإسبانية بتعاون المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في المملكة المغربية، ما ساعد بشكل احترافي في توقيف 9 أشخاص كانوا يستعدون لتنفيذ هجمات دامية بمدينة مليلية، إلى جانب مجموعة من المدن الإسبانية بما في ذلك العاصمة مدريد، إذ تمكّن الجهازان من تفكيك خلية إرهابية تضم تسعة شبان متورطين في نشر محتويات إلكترونية باستخدام الذكاء الاصطناعي، تحرّض على ارتكاب أعمال عنف. وأضافت الداخلية الإسبانية أن “هذا التنسيق يبرز كذلك أهمية التعاون الدولي بين الخدمات المضادة للإرهاب لمواجهة هذه التهديدات، والتحدي الكبير المتمثل في توقع الخطوات التالية للإرهابيين”.

وبحسب بلاغ للحرس المدني الإسباني تم تحديد هويات الشبان التسعة والقبض عليهم، أولا عبر عملية يوم الاثنين الماضي بمدينة برشلونة، التي أسفرت عن اعتقال إرهابي مزعوم متخصص في إنشاء ونشر المحتويات الجهادية، قام بتصميم المحتوى الجهادي متعدد الوسائط بالاعتماد على تطبيقات التحرير المتخصصة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، ورغم صغر سنه فقد ظهر كـ”مقاتل إرهابي افتراضي معروف وله تأثير كبير على الأفراد الذين حاول جعلهم متطرفين”.

وأضاف البلاغ أنه في عملية ثانية نفذت الثلاثاء الماضي تمكّنت مصالح الاستخبارات التابعة للحرس المدني الإسباني، بالتعاون مع المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني المغربية، من القبض على ثمانية أشخاص آخرين متورطين في نشر هذه المحتويات، في مناطق مليلية المحتلة، وألكوبينداس وسان سيباستيان دي لوس رييس بالعاصمة مدريد، ومدينة مالقة.

وقام وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا في يناير الماضي بزيارة إلى الرباط، مؤكدا على العمل المهم للغاية الذي تقوم به الأجهزة الأمنية المغربية في مجال مكافحة الإرهاب، الذي يشكل مصدر قلق لكل من المغرب وإسبانيا، خاصة في ظل عدم الاستقرار وتواجد جماعات إرهابية في بعض بلدان منطقة الساحل، مع حرص بلاده على تنسيق جهود توسيع مجال التعاون ونقله إلى مجالات جديدة ومثيرة للقلق في علاقتها بالإجرام الدولي والإرهاب.

 

خالد الشرقاوي السموني: هناك ثقة إسبانية في الأجهزة الأمنية المغربية

وأكد خالد الشرقاوي السموني، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن “التنسيق بين الأجهزة الأمنية الإسبانية والمغربية أصبح يعتمد إستراتيجية أمنية متعددة الأبعاد في مجال مكافحة التطرف العنيف والجريمة الإرهابية خصوصا مع ما يعرفه العالم من تقدم في مجال التكنولوجيا الحديثة، والمخاطر التي تشكلها الجرائم السيبرانية”.

وقال إن “ثقة إسبانيا في الأجهزة الأمنية المغربية ساعدها على رصد العديد من الخلايا الإرهابية داخل المجال الجغرافي لإسبانيا، ونتج عن ذلك تفكيك مجموعة من عصابات التهريب الدولي للمخدرات والبشر، مع حرص المغرب على إقامة علاقات وطيدة مع إسبانيا”.

وفي مايو الماضي بحث المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني بالمغرب عبداللطيف حموشي مع المدير العام للشرطة الوطنية الإسبانية فرانسيسكو باردو بيكيراس، بأغادير (جنوب)، سبل تعزيز التعاون الأمني الفعال بين البلدين، لاسيما في 3 مجالات أساسية، وهي مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والجرائم السيبرانية، حيث أسفر التنسيق الأمني بين المغرب وإسبانيا، خلال السنوات الأخيرة، عن تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية والشبكات الإجرامية التي تنشط في مجالي تهريب المخدرات والاتجار بالبشر.

وفي سياق التعاون المشترك والتنسيق الثنائي المستمر وبشكل مواز شدد وزير السياسة الترابية والذاكرة الديمقراطية الإسباني أنخيل فيكتور توريس، في اجتماع له مع أعضاء الحكومة المحلية في مدينة مليلية المحتلة، على إقامة أفضل العلاقات مع المغرب لتحقيق الاستقرار الأمني في المنطقة، حيث أن المناطق الحدودية تواجه الصدمات وتكون الأكثر تضررًا في حالة حدوث أي نزاع غير مرغوب فيه.

وذكّر أنخيل فيكتور توريس الأحزاب التي تجاهر بعدائها للمغرب بالدور الذي تلعبه المملكة على الحدود البرية، وذلك تفاعلا مع الشكاوى التي عبّرت عنها حكومة مليلية بخصوص التأخير في إعادة فتح الجمارك التجارية منذ إغلاقها من طرف المغرب. وفي  بداية أغسطس 2018 أعرب المسؤول الحكومي عن ثقته في تنفيذ جميع هذه المطالب وتفعيلها على أرض الواقع قريبًا بفضل العلاقات الجيدة بين المملكتين والتي تستوجب الحفاظ عليها، داعيًا إلى ضرورة تحسين العلاقات مع الجيران.

وأفاد محمد الطيار، الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، بأن “التنسيق بين المغرب وإسبانيا كان دائما وطيدا خصوصا خلال السنوات الماضية في مجال الهجرة ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، باعتبار حرص المغرب على بناء الاستقرار والأمن الإقليمي، لذلك تسعى إسبانيا إلى توطيد العلاقات الدبلوماسية والأمنية وتطويق أي خروج من طرف أحزاب سياسية على مسار هذا التعاون، بحكم الخبرة المغربية في هذا المجال والنتائج التي حققتها المنظومة الأمنية، حيث استطاعت تجنيب أوروبا خسائر كبيرة باعتبار المعلومات الاستخبارية التي قدمتها لهذه الدولة”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: