فوز تاريخى للعمال فى انتخابات بريطانيا

كشفت الهزيمة المدوية التي مني بها المحافظون أن البريطانيين قد فقدوا الثقة بالحزب وممثليه وحكوماته المتتالية منذ 14 سنة، وبدت هزيمة المحافظين أشبه بإطاحتهم من الحكم، خاصة بعد أن خسرت رموز الحزب في الانتخابات وفقد مواقع تأثيره ونفوذه الانتخابي.

وأغلب وزراء حكومة ريشي سوناك إما أنهم لم يرشحوا أنفسهم أصلا أو خسروا مقاعدهم مثل وزيرة العلاقات مع البرلمان بيني موردانت التي كانت مرشحة لتولي زعامة الحزب مستقبلا، وكذلك وزير الدفاع غرانت شابس الذي هُزم في دائرته الانتخابية.

وأطيح بنحو 250 من المشرعين المحافظين في الهزيمة الساحقة، ومن بينهم عدد قياسي من كبار الوزراء ورئيسة الوزراء السابقة ليز تراس.

أغلب وزراء حكومة ريشي سوناك إما أنهم لم يرشحوا أنفسهم أصلا أو خسروا مقاعدهم مثل وزير الدفاع

وفي الإجمال خسر تسعة وزراء مقاعدهم وكان العدد القياسي السابق سبعة في سنة 1997. وخسرت تراس مقعدها بعد أن تمتعت بغالبية 24 ألف صوت عقب الانتخابات الأخيرة في دائرتها.

ويعتقد محللون سياسيون أن الهزيمة الشاملة التي مني بها المحافظون تظهر أن البريطانيين قد فقدوا الثقة بالحزب فقدانا تاما، وأنهم صبروا عليه كثيرا وتحملوا أخطاءه قبل أن يقرروا معاقبته بشكل جماعي.

ولم يكن العقاب ناجما فقط عن فشل المحافظين في إدارة الأزمة الاقتصادية وتأثيراتها السلبية الواسعة على البريطانيين. والجانب الأهم من هذا العقاب سياسي بعد انحدار أداء الحزب والحكومات التي يديرها إلى مستويات غير مسبوقة.

وبلغ انهيار الحزب ورموزه حدا غير مسبوق على يد رئيس الوزراء الأكثر إثارة للجدل في بريطانيا بوريس جونسون والمحيطين به؛ وقد وصل الأمر إلى مستوى مسلسلات التلفزيون الحافلة بالفضائح والمؤامرات. وأدت الحفلات التي أقامها هو وموظفوه داخل المقر الرسمي للحكومة في داونينغ ستريت خلال أزمة جائحة كورونا إلى اتهامه بأنه غير لائق لمنصب رفيع مثل رئيس الوزراء، وقادته الضغوط إلى إعلان استقالته.

وبذل سوناك، الذي استلم رئاسة الوزراء منذ عشرين شهرا خلفا لتراس التي اضطرت إلى الاستقالة بعد 44 يوما في داونينغ ستريت، كل ما في وسعه لتجنب الكارثة المحدقة بحزبه؛ فقد أعلن عن خفض الضرائب ووعد بأيام أفضل مع التحذير من زيادة هائلة للضرائب في ظل حكومة حزب العمال.

وبالنسبة إلى سوناك، خامس رئيس حكومة محافظ خلال 14 عاما، تعني هذه الانتخابات نهاية حملة كانت صعبة جدا. حاول أخذ زمام المبادرة في نهاية مايو الماضي عبر الدعوة إلى انتخابات في يوليو بدل الانتظار إلى الخريف كما كان مقرّرا، غير أنّ الوقت كان كفيلاً بإظهار ضعف حزبه وهشاشة موقفه.

 

ولم يحقق النتائج التي انتظرها البريطانيون بعد سنوات صعبة عاشوا خلالها تجربة خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي والأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتفشي كورونا وحدوث فضائح وعدم استقرار سياسي مع تعاقب ثلاثة رؤساء وزراء محافظين عام 2022 وخمسة منذ عام 2010؛ حيث حسم الناخبون أمرهم باتجاه التغيير واختاروا منح الثقة لحزب العمال.

وتعهد رئيس حزب العمال كير ستارمر بإحداث تغيير في بريطانيا. وقال في كلمة احتفالا بالفوز “فعلناها… التغيير يبدأ الآن… قلنا سننهي الفوضى، وسنفعل، قلنا سنطوي الصفحة، وفعلنا”.

وأضاف “اليوم نبدأ الفصل التالي، نبدأ العمل من أجل التغيير، مهمة التجديد الوطني وإعادة بناء بلدنا”.

وفاز حزب العمال الذي ينتمي إلى يسار الوسط بأغلبية ساحقة في البرلمان المؤلف من 650 مقعدا، فيما عانى حزب المحافظين بزعامة رئيس الوزراء ريشي سوناك من أسوأ أداء في التاريخ الطويل للحزب بعد أن عاقبه الناخبون بسبب أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة وضعف الخدمات العامة وسلسلة من الفضائح.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: