حوافز ميثاق الاستثمار المغربي تغري الشركات الإسبانية

ماموني

يمنح الزخم الذي تقدمه الحكومة المغربية لقطاع الاستثمار فرصة كبيرة للشركات الإسبانية لضخ رؤوس أموال مباشرة والاستفادة من الامتيازات التي توفرها السلطات في ظل العلاقات الجيدة التي تربط الرباط ومدريد وسياق عالمي يتسم بالتنافسية المتزايدة.

يحظى المغرب باهتمام كبير من الشركات الإسبانية بعدما أضحت بيئته الاستثمارية مليئة بالحوافز والإغراءات التي تشجع على الأعمال والتوسع في المشاريع بالرغم من بعض التحديات التي تفرضها الظروف العالمية المتقلبة.

وكشفت تقارير استنادا إلى بيانات معهد التصدير والاستثمار الإسباني، عن تفضيل مئات الشركات نقل أعمالها إلى المغرب، لتفادي التعقيدات القانونية والضريبية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي، والاستفادة من الإجراءات الجمركية التي تنتهجها السلطات.

وتسعى الشركات الإسبانية باستمرار إلى إستراتيجيات جديدة لتحسين عملياتها وتعزيز وصولها إلى الأسواق الرئيسية، وذلك في سياق عالمي يتسم بالتنافسية المتزايدة.

وبناء على بيانات المعهد الإسباني للصادرات والاستثمارات، قررت أكثر من 360 شركة إسبانية نقل عملياتها إلى السوق المغربية خلال الفترة المقبلة.

وتظهر المعطيات أن 10 في المئة من هذه الشركات تعمل في قطاع الصناعات الغذائية، مشيرة إلى أن شركات كبرى في هذا المجال قررت الانتقال إلى المغرب عبر عقد شراكات وتحالفات مع شركات مغربية مثل أيبرو فود وبورغيس.

ومن الدوافع الرئيسية لهذه الهجرة التجارية هي تبسيط الإجراءات الجمركية، فقد اعتمدت الرباط سياسات تُسهل بشكل كبير تصدير المنتجات إلى أسواق أوروبا، مما يسمح للشركات بتجنب بعض الضوابط والتنظيمات الأكثر صرامة التي تواجهها داخل التكتل.

 

أكثر من 360 شركة إسبانية قررت نقل عملياتها إلى المغرب في الفترة المقبلة

وستستفيد الشركات الإسبانية بنقل أنشطتها إلى المغربية، من الإعفاءات الجمركية الأوروبية، في ظل وجود اتفاق بين بروكسل والرباط في مجال المنتجات الزراعية، تصل إلى 70 في المئة من الإعفاءات الجمركية.

وقد يوفر هذا المسار نحو 100 مليون يورو من الرسوم الجمركية على المصدرين الأوروبيين سنويا، كما يشكل التخفيض في التكاليف الجمركية ميزة تنافسية في السوق الأوروبية.

ودفع ثقة الحكومة الاسبانية في متانة علاقاتها بالمغرب، شركاتها المحلية للتوجه إلى سوق أحد أبرز شركائها في المنطقة، ولا سيما أنها تخطط لضخ مليارات اليوروهات خلال عقدين ونصف العقد بالسوق المغربية.

وأثناء زيارة عمل إلى الرباط في فبراير الماضي، أكد رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز أن بلاده تعد شريكا مرجعيا للمغرب باستثمارات متوقعة تناهز 45 مليار يورو بحلول 2050″، منوها بالتطور الإيجابي للمبادلات التجارية بين البلدين.

وقال سانشيز إن “الشراكة الاقتصادية الثنائية يجب أن تتعزز، خاصة في سياق التنظيم المشترك للبلدين مع البرتغال لكأس العالم لكرة القدم 2030″، مشيدا بـ”الجهود الكبيرة” التي يبذلها المغرب من أجل تطوير اقتصاده.

وقررت شركة إنديتكس توسيع إنتاجها في المغرب، مؤكدة أنه ذلك سيسمح لها بالاستجابة للطلب والتأقلم مع معايير اجتماعية وبيئية جديدة بسرعة وكفاءة. وقالت إن “القرب هو أحد المعايير الرئيسية في سلسلة التوريد لدينا، مما يمكننا من الاستجابة بسرعة للسوق”.

وتشير الشركة إلى أن جزءا من مصانع القص والخياطة والصباغة والغسيل والطباعة أو التشطيب، التي صنعت ملابسها في 2023 تقع في إسبانيا أو دول قريبة مثل البرتغال وتركيا والمغرب، والتي تضمن فرص عمل غير مباشر لأكثر من 94.5 ألف شخص.

45 مليار يورو حجم الاستثمارات التي تنوي مدريد ضخها في السوق المغربية بحلول العام 2050

كما تبحث شركة أكسيونا الإسبانية المتخصصة في البنية التحتية الاستثمار في مشروع بناء وإدارة وصيانة محطة تحلية مياه البحر الضخمة في الدار البيضاء، التي تعد أكبر وحدة تحلية في أفريقيا بسعة 548 ألف متر مكعب يوميا.

وعلاوة على ذلك، تضع الشركات الكبرى في إسبانيا، قطاعي السكك الحديدية وتحلية مياه البحر على رأس الأولويات الاستثمارية في المغرب.

وتبذل الرباط جهودا باتجاه تحديث الشبكة وتطوير البنية التحتية للنقل وتأهيل الخدمات المرتبطة بها، في مسعى لدفع النمو الاقتصادي وذلك من بوابة إنعاش الحركة التجارية بما يدعم خزينة الدولة مستقبلا.

وإلى جانب ذلك، تذهب شركات إسبانية على خطى نظيراتها الأوروبية كمجموعة ستيلانتس لتصنيع السيارات وشركة رينو الفرنسية، التي قامتا بنقل نشاطهما إلى السوق المغربية.

ووفق خبراء اقتصاد يشير هذا التوجه إلى أن المغرب يثبت نفسه كمركز إستراتيجي للشركات الأوروبية، التي تسعى إلى تحسين عملياتها وزيادة تنافسيتها في السوق العالمية.

وظلت إسبانيا الشريك التجاري الرئيسي للمغرب منذ أكثر من عقد، مع تدفق 19 مليار يورو في عام 2022، وطموح شركاتها التموقع بين المستثمرين الأجانب الرئيسيين عبر اقتناص فرص المشاريع الطموحة التي أطلقت الرباط مؤخرا.

المسؤولون الإسبان يعتقدون أن التنظيم المشترك لمونديال كرة القدم 2030 مع المغرب سيشكل نموذجا ملموسا للعلاقات المستقبلية

وحسب معطيات مكتب الصرف، فقد بلغت قيمة الصادرات المغربية نحو إسبانيا العام الماضي 7.6 مليار يورو بزيادة 18.7 في المئة مقارنة بنفس الفترة من العام 2022.

وتمثل صادرات المغرب نحو إسبانيا، وفق الأرقام الرسمية، نحو 20 في المئة من إجمالي الصادرات التي بلغت 38.76 مليار يورو بزيادة بنحو 8.37 مليار يورو عن العام 2022.

وكان وفد من رجال الأعمال الإسبان، يضم حوالي عشرين شركة، قد زاروا الرباط مطلع الشهر الماضي لمدة ثلاثة أيام لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية مع القطاعات الإنتاجية المغربية، مع اشادتهم بالنمو المستمر في المبادلات التجارية بين البلدين.

وذكرت كونفدرالية التشغيل في كاتالونيا، وهي المنظمة الرئيسية لأرباب العمل في الإقليم، أن الزيارة تأتي بعد تلك التي قام بها وزير الاستثمار المغربي محسن الجزولي إلى برشلونة في يناير الماضي، والتي ساهمت في توطيد العلاقات الاقتصادية بين الإقليم الإسباني والرباط.

وأشارت الكونفدرالية إلى أن وفد رجال الأعمال الإسبان عقد خلال هذه الزيارة لقاءات مع عدد من المسؤولين والفاعلين الاقتصاديين المغاربة، وزار منشآت كبرى تعد مرجعا في أفريقيا.

ويعطي الالتزام بتحفيز سوق العمل لدى الجانبين بتطوير العلاقات على أسس قوية ومستدامة من خلال العمل جنبا إلى جنب مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وهي منظمة تمثل شركات القطاع الخاص، لمواصلة تعميق العلاقات الاقتصادية والتجارية.

ولطالما أكدت مدريد على أهمية إسهام الشركات الإسبانية في التعاون مع المغرب في مجالات النقل والطاقة البديلة وقطاع المياه.

ويعتقد المسؤولون الإسبان أن التنظيم المشترك لمونديال كرة القدم 2030 مع المغرب سيشكل نموذجا ملموسا للعلاقات المستقبلية، والعزم المشترك للدفع بخارطة الطريق الثنائية المعتمدة سنة 2022.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: