مكافحة الإرهاب والتطرف محور تعاون أمني بين المغرب وألمانيا
تعزز التعاون الأمني بين المغرب وألمانيا بمباحثات رفيعة بين المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني (المخابرات الداخلية) عبداللطيف حموشي، وكبار مسؤولي الأمن والاستخبارات في ألمانيا.
وكشفت المديرية العامة للأمن الوطني، الأربعاء، أن المسؤول الأول عن الأمن في المملكة بحث خلال اللقاءات التي جمعته، خلال زيارة عمل، بكل من مسؤولي الشرطة الفيدرالية والمكتب الفيدرالي للشرطة الجنائية، سبل تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات الأمنية، خاصة في مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، وأمن التظاهرات الرياضية الكبرى.
وقالت المديرية العامة، في بيان، إنه تم خلال الزيارة، التي تمت بدعوة رسمية من الجانب الألماني، عقد لقاءات عمل مع كل من رئيس الشرطة الفيدرالية الألمانية ديتر رومان ورئيس المكتب الفيدرالي للشرطة الجنائية هولغر مينش، وأيضا مع عدد من المسؤولين الأمنيين الألمان المتخصصين في مكافحة الإرهاب والأمن الرياضي، تناولت تبادل وجهات النظر حول مختلف القضايا الأمنية ذات الاهتمام المشترك، وتقييم حصيلة التعاون الثنائي بين البلدين في المجال الشرطي، فضلا عن استعراض سائر التحديات الأمنية على المستويين الإقليمي والدولي.
وتؤشر هذه الزيارة الرسمية على أهمية التعاون الثنائي الأمني بين المملكة المغربية وجمهورية ألمانيا الاتحادية، بالنظر إلى تعدد المجالات الأمنية ذات الاهتمام المشترك، كما تترجم الانخراط الراسخ لمصالح المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني في المساعي الدولية الرامية إلى تحييد المخاطر والتهديدات المحدقة بالأمن الإقليمي والدولي للبلدين.
وقال هشام معتضد، الأكاديمي والخبير المغربي في العلاقات الدولية، إن “التعاون الأمني والاستخباراتي بين المغرب وألمانيا يندرج في إطار تنسيق الجهود بين البلدين لمواجهة التحديات المستقبلية بعد مراجعة ألمانيا لمواقفها القديمة تجاه المغرب”. وأضاف أن “المغرب بالنسبة للمسؤولين الألمانيين فاعل مهم في تحقيق الاستقرار والسلم في المنطقة، ومنصة موثوق بها على مستوى استتباب الأمن”.
وفتح مراجعة الموقف الألماني من ملف الصحراء المغربية بدعم مقاربة الرباط للحل التي تتمثل في الحكم الذاتي للصحراء تحت سيادتها الباب على مصراعيه أمام تسريع التعاون في مجالات إستراتيجية وتعزيز الشراكة الأمنية، حيث تطورت المناقشات بين المسؤولين الأمنيين المغاربة والألمان حول آفاق تعزيز العلاقات بين البلدين، وتتعلق بالقضايا والمجالات ذات الاهتمام المشترك، من قبيل الهجرة غير النظامية والإرهاب والمعلومات الاستخباراتية التي تعد من الملفات الأساسية للتداول بين الطرفين.
ويأتي لقاء حموشي مع المسؤولين الألمان ضمن لقاءات متعددة تعكس اتفاق المغرب وألمانيا على إطلاق حوارهما الإستراتيجي متعدد الأبعاد في يوليو الماضي ببرلين، الذي سيشكل أساسا للمضي قدما في إطار العلاقات الثنائية وسيعزز التناغم بين مختلف مجالات التعاون الثنائي على كافة المستويات، مع أهمية التعاون الأمني الدولي لتحييد المخاطر المرتبطة بالإرهاب والجريمة المنظمة، بما يضمن توطيد الأمن والاستقرار.
وتضمن برنامج الزيارة استعراض أشكال التعاون الممكنة بين المغرب وألمانيا وفي مجال الأمن الرياضي، وآليات تبادل الخبرات والمساعدة التقنية بين الجانبين في تأمين التظاهرات الكبرى، حيث اطلع المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني على جانب من الترتيبات الأمنية ومعايير الأمن والحماية التي تطبقها شرطة مدينة برلين لتأمين فعاليات كأس أمم أوروبا لكرة القدم، التي تحتضن دورتها الحالية جمهورية ألمانيا الاتحادية.
وأكد محمد الطيار، الباحث في الشؤون الإستراتيجية والأمنية، في تصريح لـه، أن “اللقاءات بين المسؤول الأول عن الأمن بالمغرب مع مسؤولي الشرطة الفيدرالية والمكتب الفيدرالي للشرطة الجنائية لألمانيا، ترجمة لتطور العلاقات الثنائية وتجاوز برلين لموقفها السلبي من الصحراء المغربية، ما كان له من انعكاسات إيجابية على التعاون الثنائي خصوصا في المجال الأمني والاستخباراتي الذي يخدم التعاون في قطاعات أخرى مرتبطة بالأمن، وهو ما جعل المسؤولين الأمنيين الألمان يشيدون بقوة وكفاءة أجهزة الاستخبارات المغربية”.
ويأتي الاطلاع على التجربة الألمانية في مجال تنظيم وتأمين التظاهرات الكبرى، من طرف الوفد الأمني المغربي رفيع المستوى، ضمن مسار التحضيرات المتقدمة التي وصلت إليها المصالح الأمنية المغربية، استعدادا لاحتضان المملكة لتظاهرات أمنية ورياضية عالمية وقارية، تنطلق باحتضان الدورة الثالثة والتسعين لأشغال الجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (إنتربول) بمدينة مراكش خلال السنة المقبلة، وكأس أمم أفريقيا لسنة 2025، ثم الاحتضان المشترك لكأس العالم 2030 مع كل من إسبانيا والبرتغال. وكان اللقاء مناسبة سانحة أكد فيها الجانبان ضرورة تعزيز دينامية تبادل المعلومات والخبرات، وسبل التعاون الممكنة في مجال مكافحة مخاطر التهديد الإرهابي في بعده العابر للحدود.
وسبق أن عقد وزير الداخلية عبدالوافي لفتيت، بالرباط، لقاء مع وزيرة الداخلية والإدارة الترابية في جمهورية ألمانيا الاتحادية نانسي فيزر، خصص لتدارس القضايا الثنائية ذات الصلة بمكافحة الإرهاب والتطرف والهجرة غير المشروعة وبحث السبل الكفيلة بتعزيز التعاون الأمني بين البلدين. واعتبرت السفارة الألمانية بالرباط أن “المملكة المغربية شريك محوري لألمانيا، من وجهة نظر الحكومة الاتحادية التي ستبقى مستعدة لشراكة تتطلع إلى المستقبل على قدم المساواة”.