المغرب يترقب تطورات الساحة السياسية بفرنسا بعد صعود اليمين

ماموني

أظهرت استطلاعات رأي تم تنظيمها في فرنسا في الأيام الأخيرة، تصدر اليمين الفرنسي لتصويت المشاركين، مقابل تراجع للمعكسر الرئاسي بقيادة إيمانويل ماكرون، مما ينذر بقرب حدوث تحولات كبيرة في المشهد السياسي الفرنسي، مع اقتراب الانتخابات التشريعية لاختيار أعضاء الجمعية الوطنية الفرنسية، المزمع إجراؤها في الثلاثين من يونيو الجاري.

وتكشف الاستطلاعات في فرنسا عن أن اليمين الفرنسي يقترب من تصدر الانتخابات التشريعية، وسيتعزز حضوره حتى في الدورة الثانية التي ستُجرى في السابع من يوليو المقبل، وهو ما يثير قلق أحزاب الوسط واليسار، سواء في فرنسا أو في أوروبا.

وحسب نتائج معهد “إيلاب” التابع لصحيفة “لاتريبو”، فقد يتصدر حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف وحلفاؤه، من ضمنهم حزب “الجمهوريون” الذي يقوده إريك سيوتي، النتائج بأكثر من 35 في المئة من مجموعة المشاركين في الاستطلاعات.

 

محمد الطيار: اليمين سيشكل دفعة قوية لعلاقة فرنسا بالمغرب
محمد الطيار: اليمين سيشكل دفعة قوية لعلاقة فرنسا بالمغرب

 

وأشارت العديد من التقارير إلى أن أحزاب اليمين الفرنسي تميل إلى تعزيز العلاقات مع المملكة المغربية، منهم زعيم حزب “الجمهوريون” اليميني إريك سيوتي، الذي أعلن عند زيارته المغرب العام الماضي، عن موقف صريح مساند للرباط في قضية الصحراء المغربية، مؤكدا أن “سيادة المغرب على الصحراء أمر لا جدال فيه”.

وعبّر إريك سيوتي عن رغبته في التحالف مع التجمع الوطني الفرنسي في الانتخابات التشريعية، في وقت لا تزال باريس بقيادة الرئيس إيمانويل ماكرون لم تعلن رسميا اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، وتعلن فقط دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية لحل هذا النزاع.

وفي ندوة صحفية مع نظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه، في فبراير الماضي، بالرباط، شدد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة على أن “العلاقات بين البلدين هي علاقات تجمع دولة بدولة، والأساس فيها هو المتابعة والإشراف من رئيسي البلدين”، موضحا أن “فرنسا شريك مميز للمغرب، سواء سياسيا أو اقتصاديا أو إنسانيا.. لنا أسس متينة”.

ويحتكر الرئيس إيمانويل ماكرون دستوريا قرار السياسة الدفاعية والخارجية، ولن تتأثر بحصول أحزاب اليمين على الأغلبية البرلمانية، رغم أنه سيمكنها من صلاحية إصدار تشريعات وقرارات قد تؤثر على موقع المهاجرين، خصوصا وأنها تجاهر بالعديد من المواقف على رأسها قضايا الهجرة والتأشيرة.

وأكد محمد الطيار، الباحث في الدراسات الأمنية والإستراتيجية، أن “خلال تناول العديد من التطورات والمحطات السابقة التي عرفتها العلاقات الفرنسية – المغربية، يتبين أن اليمين الفرنسي كان يعبر بشكل صريح عن مواقف مساندة للمغرب في قضاياه الوطنية، بخلاف بعض الدوائر السياسية المحسوبة على اليسار أو الوسط”.

وقال في تصريح لـه، من المنتظر أن يشكل صعود اليمين في فرنسا دفعة قوية للعلاقات الفرنسية – المغربية، ويمكن أن يفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين متنوعة ومتوازنة وفي إطار الاحترام المتبادل”، مستدركا “لكن يبقى السؤال المطروح هل الدولة العميقة في فرنسا ستتخلى عن أسلوب الابتزاز والانخراط المزدوج الذي تعتمده في قضية الصحراء المغربية، أم ستستمر في نفس النهج رغم صعود اليمين الذي عبّر عدد من قادته في عدة مناسبات عن اعترافهم الصريح بمغربية الصحراء”.

أحزاب اليمين الفرنسي تميل إلى تعزيز العلاقات مع المملكة المغربية

وأكد محمد الطيار أن “صعود اليمين في الانتخابات الأوروبية له انعكاسات متعددة، وتصدّر اليمين الفرنسي لأصوات الناخبين، بشكل كبير ولافت، يؤشر على بداية دخول فرنسا والمشهد السياسي فيها في منعطف جديد على مستوى التوازنات السياسية وعلاقاتها الدولية، وكذلك في المواقف من العديد من الملفات الداخلية والدولية”، لافتا إلى أن “المتضرر من صعود اليمين الفرنسي سيكون بلا شك الجزائر، بحكم المواقف التي وسبق أن عبر عنها اليمين الفرنسي في ما يخص الملفات العالقة بين فرنسا والجزائر، كملف الذاكرة، والهجرة وغيرهما”.

وتعمل أوساط سياسية واقتصادية وحكومية فرنسية على استعادة مسار العلاقات بين باريس والرباط بعد فترة طويلة من البرود الدبلوماسي دامت نحو سنتين ونصف السنة، وحضر عدد من أعضاء الحكومة الفرنسية اجتماعات مع نظرائهم المغاربة، على رأسهم وزير الخارجية، لأجل تمتين الروابط على جميع الأصعدة والمستويات، وهناك من يرى أن صعود حزب اليمين المتطرف في فرنسا، بقيادة لوبان، بقوة وحصد نتائج غير مسبوقة لن يقوض تلك المحاولات لاستعادة زخم العلاقات الثنائية بين المغرب وفرنسا.

وحققت أحزاب اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية نتائج إيجابية، حيث فاز التجمع الوطني اليميني في الانتخابات الأوروبية في فرنسا، حاصدا 31.36 في المئة من الأصوات، متقدما بفارق كبير عن المعسكر الرئاسي الذي أيده 14.6 في المئة من الناخبين، ما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى اتخاذ قرار بحل البرلمان، والدعوة إلى انتخابات نيابية مبكرة خلال الثلاثين يوما المقبلة.

وتعي الدوائر السياسية بكل مكوناتها دور المغرب في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والبحر المتوسط، وهو ما جعل وزير الداخلية الفرنسي جيرالد درامانين، أثناء لقائه بنظيره عبدالوافي لفتيت في أبريل الماضي، يصف التعاون بين البلدين في المجال الأمني في ظل الرهانات المشتركة، بالمتميز من قبيل مكافحة المخدرات، والشبكات الإرهابية والجريمة، مؤكدا أنه “لولا أصدقاؤنا المغاربة والعمل المتميز الذي تقوم به الشرطة القضائية المغربية، لكانت فرنسا في خطر أكثر مما هي عليه”.

وكانت مجلة “جون أفريك” الفرنسية المهتمة بالشؤون الأفريقية، قد قالت في تقرير نشرته في الأيام الماضية، إن صعود اليمين في فرنسا، عكس المغرب ستكون له تداعيات “كارثية” على العلاقات بين باريس والجزائر، ولاسيما في ظل التوقعات الكبيرة بتحقيق اليمين لنتائج إيجابية في الانتخابات التشريعية المرتقبة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: