170 دبلوماسيا فرنسيا يعبّرون عن مخاوفهم من تداعيات وصول اليمين المتطرف إلى السلطة على بلادهم وأوروبا
في مقال جماعي نشروه بصحيفة “لوموند” دون الكشف عن أسمائهم، عبّر 170 دبلوماسيا حاليا وسابقا ووكيلا لوزارة الخارجية الفرنسية، عن مخاوفهم في حال فوز حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف بالانتخابات التشريعية التي ستشهدها البلاد يومي 30 يونيو و7 يوليو، بما في ذلك بشأن مخاطر تدخل القوى الأجنبية.
وقال الموقّعون على المقال، إنه منذ مطلع القرن العشرين تضاعفت الأزمات، والمخاطر آخذة في الظهور، وتتراكم التهديدات. مضيفين القول: “رأينا العالم كله مغلقا أثناء الوباء، ورأينا أوروبا تستجيب بالعدالة والتضامن وبكفاءة فاقت كفاءة أي قارة أخرى، أو الأنظمة الاستبدادية. لقد رأينا القوى الأجنبية وهي تتراجع عن المبادئ الدولية التي أرستها تضحيات أجدادنا، والتي أعطتنا على مدى عقود، إمكانية جعل القانون والحوار ينتصران على المواجهة والتعسف” بحسب قولهم.
المخاطر
تابع الديبلوماسيون القول: “رأينا روسيا تغزو دولا ذات سيادة وتدمر بوابل من الدبابات ما كان يضمن السلام في القارة الأوروبية. لقد رأيناها، مع آخرين، تشرح أن ديمقراطياتنا نماذج عفا عليها الزمن ومنحطة، ومحكوم عليها بالاختفاء السريع، لصالح الأنظمة الاستبدادية العنيفة والإمبريالية. كما رأينا نفس الأشخاص يزرعون في ديمقراطياتنا، من خلال أسلحة الدعاية والتدخل والأكاذيب، تأجيج الانقسام والكراهية، على أمل إضعاف سيادتنا وحرياتنا”.
وواصلوا القول: “لقد شهدنا الإرهاب يضرب الديمقراطيات، والأنظمة غير الليبرالية تقلل من تعددية وسائل الإعلام وحريتها، وترتفع معاداة السامية بشكل غير مقبول، والانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي في قطاع غزة، الأمر الذي يؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة بأكملها”.
وفي مواجهة هذه المخاطر، يقول الدبلوماسيون إن “الفرنسيين اختاروا أوروبا بشكل ثابت في الأعوام الأخيرة. أوروبا التي تحميهم رغم عيوبها. كما اختارت فرنسا أيضا دعم الشعب الأوكراني من أجل حريته وأمن أوروبا. وكانت هذه الاختيارات السيادية في مصلحة فرنسا وكانت في كل مرة مصدر فخر ورسالة تحتاجها أوروبا والعالم”.
وأضافوا: “الخضوع لروسيا، والأنظمة الاستبدادية، والتراجع عن أوروبا وتحالفاتنا، وتجاهل القانون الدولي، هو بمثابة اختيار العجز والعبودية. والاعتقاد بأن فرنسا قادرة على إخراج نفسها من مسيرة العالم بالانسحاب، هو بمثابة التخلي عن أي نفوذ لها وعن السيطرة على مصيرنا. ففرنسا ليست ولن تكون أبدا جزيرة محمية من رياح العالم وموجاته”، بحسب الدبلوماسيين الفرنسيين.
دعونا لا نخون تراث أسلافنا
وشدد الموقعون على المقال أنه لا يمكنهم القبول بأن يؤدي انتصار اليمين المتطرف إلى إضعاف فرنسا وأوروبا بينما الحرب مستمرة، قائلين: “في أوروبا، نحن شهود على حقيقة القومية، التي لا تستعيد أي ماض أسطوري ولكنها تفكك التحالفات وتفكك المجتمعات، من خلال الهجمات الخطيرة على المؤسسات والتعددية في المجر والولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب، وفقدان النفوذ الدولي من البرازيل في عهد جاير بولسونارو أو من المملكة المتحدة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”.
واعتبر الدبلوماسيون الفرنسيون أن خصوم بلادهم سينظرون إلى انتصار اليمين المتطرف باعتباره إضعافا لفرنسا ودعوة إلى التدخل في سياساتها الوطنية، وإلى العدوان ضد أوروبا، بما في ذلك على المستوى العسكري، وإلى التبعية الاقتصادية لفرنسا والقارة الأوروبية.
كما أن درع فرنسا المشروخ سيعرضها للمزيد من الضربات التي تواجهها بقوة متزايدة، مما ينشر سموم الانقسام والطائفية والعنصرية ومعاداة السامية ويهدد التماسك الوطني والأمن، يحذر الموقعون على المقال.
ويوضح الدبلوماسيون أن السياسة الخارجية الفرنسية تتمتع بقوة ديمقراطيتها، واقتصادها، وجيشها، وتاريخها. مُشددين على أنهم لا يريدون أن تصبح فرنسا أداة في أيدي أولئك الذين يبدو أنهم يريدون ذلك بسبب تنبئهم بإضعاف فرنسا. وبالتالي فهم حريصون على البقاء أوفياء لفرنسا و أوروبا وفي العالم، ولتراث أجدادهم.
ويقولون إن لديهم ثقة في عظمة بلادهم فرنسا، التي كما هو الحال في كل مرة، تتعرض فيها قيمها وقوتها للخطر، ستختار السلام والاستقلال والحرية. والحقيقة هي أن فرنسا، التي ترحب بالعالم لحضور الألعاب الأولمبية، ستكون قادرة على أن تقول لهم إنها أجمل وأعظم من أي وقت مضى، مدفوعة بالأخوة والحرية والمساواة، بحسب رأيهم.