أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بورطة، أن بلاده ترفض بشدة “سياسات تقديم الدروس لبلدان الساحل الأفريقي”، من قبل أطراف لم يسمّها، تسعى إلى ابتزاز دول المنطقة.
وقال بوريطة، خلال مؤتمر صحفي عقب مباحثات أجراها مع نظيره البوركيني كاراموكو جان ماري تراوري إن “المغرب يثق في نخب وفي عبقرية بلدان الساحل من أجل إيجاد السبيل الأمثل الذي يتيح مواجهة الوضع المعقد في المنطقة وإنجاح الانتقال الديمقراطي”.
وأوضح بوريطة أن “المغرب ملتزم بوضع خبرته وتجربته رهن إشارة هذه البلدان من أجل مواكبتها في برامجها وطموحاتها”
وكان اللقاء مع وزير خارجية بوركينافسو مناسبة أبرز فيها الوزير المغربي أن “هناك بلدان بجوار الساحل، تريد تدبير الوضع عن طريق الابتزاز وتسوية مشاكلها على حساب الاستقرار الإقليمي، مقابل ما تقوم به المملكة التي انخرطت في منطق الثقة في قدرة هذه البلدان على حل مشاكلها، وأن العاهل المغربي الملك محمد السادس يولي اهتماما خاصا بمنطقة الساحل، كما تدل على ذلك المبادرات التضامنية العديدة التي أطلقها المغرب لفائدة بلدان هذه المنطقة”.
وأعلن “تحالف دول الساحل” الذي يضم كلا من مالي وبوركينا فاسو والنيجر الانسحاب من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، نتيجة لخضوع المنظمة لتأثير بعض القوى الأجنبية التي تعمل ضد أهداف المجموعة ومبادئها العظيمة التي تأسست من أجلها.
وإلى جانب محاولات التدخل الأجنبي، تواجه دول الساحل تحديات الإرهاب والجماعات الانفصالية، حيث أكد كاراماكو جان ماري تراوري، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإقليمي والبوركينابيين بالخارج، على أن “بوركينافاسو تسير في الطريق الصحيح نحو تثبيت الاستقرار وتواصل العمل على هذا النحو، مشددا على أهمية العلاقات بين بلاده والمملكة المغربية، وإن المغرب وبوركينافاسو يجمعهما تاريخ مشترك، وبالتالي وجب الحفاظ على هذه العلاقات وتثمينها.
وأكد نبيل الأندلوسي، رئيس المركز المغاربي للأبحاث والدراسات الإستراتيجية لـه، أن “المرجعية التي أسس عليها وزير الخارجية موقفه هي الدفاع عن قناعة مبدئية تتبناها الدبلوماسية والسياسة الخارجية المغربية وهي عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول كآلية من آليات الحفاظ على السلم والاستقرار الدوليين، وخصوصا داخل أفريقيا، واستمرار مثل هذه الممارسات يبقى عائقا حقيقيا أمام تحقيق الأمن والتنمية ببلدان الساحل”.
وكانت مبادرة الأطلسي التي أعلنها الخطاب الأخير للملك محمد السادس الموضوع الأبرز في علاقات المغرب مع دول الساحل لكونها تحقق مبدأ الاندماج بين النيجر وتشاد، وبوركينافاسو، ومالي، إلى جانب موريتانيا كجزء أساسي، حيث أشاد الوزير المغربي بتفاعل بلدان الساحل، بشكل سريع وتلقائي، مع هذه المبادرة، من خلال الانخراط فيها ودعمها.
وشدد بوريطة، أنه حان الوقت لوضع الثقة في بلدان الساحل من أجل مساعدتها على تطوير الرؤية الخاصة بها، فهي ليست بحاجة إلى أوصياء، بل إلى شركاء، مشيرا إلى أن المغرب، وطبقا للتعليمات السامية للملك محمد السادس، ينخرط في هذا المنطق، سواء في إطار علاقاته الثنائية مع كل واحدة من هذه البلدان أو رؤيته للمنطقة بأكملها.
وأشاد وزير خارجية بوركينافاسو بالمبادرة، كما أرسلت بلاده الفرق الفنية والتقنية إلى المغرب وعملت على إنفاذ الرؤية الملكية حول هذه المبادرة التي ستسمح لبلداننا بالولوج إلى الفضاء البحري الأطلسي.
وقال هشام معتضد الأكاديمي والخبير في العلاقات الدولية، إن “تصريحات بوريطة تمثل موقف المغرب المبدئي تجاه الأهمية الاستراتيجية لدول الساحل بالنسبة للمغرب نظرا لعمق العلاقات الذي يمر عبر شراكات استراتيجية مع عواصم تلك الدول، إلى جانب الموروث الديني والتاريخي المشترك والتوافق السياسي وعلاقات اقتصادية وتجارية”.
وأوضح معتضد في تصريح لـه أن القيم السياسية والمبادئ الدبلوماسية التي تؤطر العلاقات الدولية للرباط مع محيطها الخارجي وخصوصا دول الساحل الأفريقي، تتمثل في مبدأي احترام السيادة الترابية للدول، ورفض التدخلات الأجنبية، وهو ما تحققه عمليا مبادرة الأطلسي لتنفيذ الأجندة القارية للتنمية ببناء قنوات التواصل السياسي وتحقيق الاستقرار السياسي والتنمية المشتركة المستدامة والشاملة، وتجاوز هشاشة السياق الأمني”.
وتَسِير المبادرة الأطلسية الملكية الرامية إلى تعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي نحو تحقيق مزيد من المكاسب الجو-سياسية والاقتصادية، حيث أكد المسؤول الحكومي البوركينابي أن “بلاده لديها الكثير من التطلعات بخصوص المبادرة الأطلسية التي لدينا توجه إيجابي حيالها، خاصة أنها تنطوي على أبعاد قارية وستمكن بلادنا من تخطي مجموعة من العقبات والتحديات”.
وجدد كاراماكو جان ماري تراوري، دعم بلاده لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية ووحدة أراضيه، مؤكدا أن “مخطط الحكم الذاتي الذي تقدمت به الرباط يتماشى مع أجندة الأمم المتحدة لتحقيق السلام، وأيضا مع رؤية السلم التي يدفع بها الملك محمد السادس، تماشيا مع هدف التأسيس لفضاء السلم والحوار على الصعيد القاري”.