مبدع بيوتكنولوجي ومرشح رئاسي سابق يصبح بائع خضار مثيرا غضب الجزائريين
عبّر ناشطون جزائريون عن صدمتهم من الواقع المؤسف لبلادهم بعد انتشار مقطع فيديو لبروفسور في البيوتكنولوجيا وسياسي بارز كان يوما ما مرشحا للرئاسة في البلاد، فتحول إلى بائع خضار بسبب إهمال الدولة لمبدعيها وعدم اهتمامها بمصلحة البلاد خصوصا أنه صاحب مشروع استغلال الصحراء.
انتشر مقطع فيديو السياسي الجزائري السابق رابح بن شريف كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي مثيرا صدمة بين الناشطين حيث يُظهر “أول بروفسور في البيوتكنولوجيا في الجزائر” وهو يبيع الخضروات في أحد أسواق العاصمة الجزائر، بعد أن ضاق به الحال بسبب وضعه المادي الصعب وإهمال الدولة لطاقاتها البشرية وإمكانياتها.
وسبق أن شارك رابح بن شريف، مؤسس الحزب الوطني للتضامن والتنمية سنة 1989، في الانتخابات النيابية وفاز بمقاعد في البرلمان الجزائري، واعتبر أيقونة سياسية بارزة في البلاد.
وعبّر جزائريون عن حسرتهم للوضع الذي ظهر عليه بن شريف بعد سنوات من الغياب، حيث كان قد ترشح للانتخابات الرئاسية سنة 2014، وأعرب عن نيته للترشح لانتخابات 2019، التي أوقفتها مسيرات الحراك الشعبي.
وخلال ساعات قليلة تحول اسم #رابحبنشريف إلى ترند على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أعاد ناشطون نشر المقطع الذي شرح فيه بعضا من أفكاره التي لطالما أثارت الجدل في سنوات سابقة، قبل أن يعترف الكثير من المختصين بجدواها، وبأنها كانت سابقة لعصرها واستشرافية.
ومن تلك الأفكار ما صار يطلق عليه “بحر الصحراء”، ما يعني شق نهر من البحر الأبيض المتوسط نحو الصحراء لتكوين بحيرة كبيرة تستغل للفلاحة.
وأثار الفيديو موجة من التعاطف لدى جزائريين عبّروا عن تضامنهم معه وأسفوا لحال مبدعي البلاد الذين من المفترض أن يحظوا بمكانة
مرموقة.
ووفق نشطاء فإن مسيرته تميزت بالمساهمات الفكرية والأفكار الإصلاحية التي تأرجحت بين الترحيب والانتقاد، لكن جعلته محل احترام وتقدير. وأعرب العديد من الجزائريين عن أسفهم إزاء وضعية شخصية سياسية بارزة مثل بن شريف، ودعوا إلى مساعدته وتقديم الدعم له. وكتب مدون:
وتباينت آراء المدونين حول أسباب وصول بن شريف إلى هذه الحالة، حيث اعتبر البعض أن ذلك ناتج عن “قلة الدعم” الذي يتلقاه السياسيون المعارضون في الجزائر، بينما رأى آخرون أن بن شريف “اختار العيش بهذه الطريقة” وأن ذلك “لا يقلل من شأنه”.
وبينما انتقد هؤلاء المغردون ما وصفوه بـ”تهميش” بن شريف، أكد آخرون أنه لا يوجد عيب في العمل في بيع الخضر، خاصة بعدما ظهر الرجل في الفيديو وهو يشدد على أن أصحاب المهن والحرف، مثل الميكانيكيين والباعة والدهانين، أكثر نفعاً من الأطباء والمهندسين، نظراً لأن “التعليم في الجزائر مبني على الهف (الخداع)”، على حد وصفه.
وفي مايو الماضي، عاد اسم رابح بن شريف إلى واجهة الأحداث على خلفية مشروع اقترحه، بداية التسعينات يتضمن إنجاز بحر اصطناعي في جنوب البلاد اعتمادا على المياه الجوفية. وقد جلب هذا التصريح، وقتها، العديد من الانتقادات لصاحبه، الذي اتهم بـ”الترويج لطرح خيالي غير قابل للتجسيد”، قبل أن تتراجع مؤخرا مجموعة من المدونين والنشطاء عن موقفها القديم وتقرّر إعادة الاعتبار للرجل على خلفية المشاريع الفلاحية المكثفة التي أطلقتها الحكومة في المناطق الجنوبية.
وفي برنامج عرضه التلفزيون العمومي، قبل 30 سنة، عرض بن شريف جزءا من برنامجه التنموي تحدث فيه عن إمكانية إقامة “بحر اصطناعي” من خلال استغلال المياه الجوفية.
وكشف آنذاك، أن “الصحراء الجزائرية تتوفّر على طاقة هائلة من المياه الجوفية تقدر بحوالي 66 ألف مليار متر مكعب”، مؤكدا أن “المشروع سيسهم في جلب السياح إلى البلاد، كما يسمح بتشغيل الأيادي العاملة”.
في برنامج عرضه التلفزيون العمومي، قبل 30 سنة، عرض بن شريف جزءا من برنامجه التنموي تحدث فيه عن إمكانية إقامة “بحر اصطناعي” من خلال استغلال المياه الجوفية
ويتطابق هذا الكلام مع دراسة تحليلية أجراها موقع “واتر فاناك”، نهاية 2022، حيث أشار إلى أن “الجزائر تقع فوق نظام طبقات المياه الجوفية في الصحراء الشمالية الغربية، وهو احتياطي ضخم من المياه الجوفية الأحفورية العابرة للحدود”، مضيفا أن “الموارد المائية في هذا النظام محصورة ضمن خزانين متداخلين رئيسيين، وهما الحوض المتداخل القاري وحوض المركب النهائي، وكلاهما يحتوي على حوالي 60 ألف مليار متر مكعب من المياه الجوفية”.
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر بمجموعة من التعليقات أجمعت على “صحة الآراء التي قدمها السياسي رابح بن شريف في بداية التسعينات” بخصوص ‘القدرة الهائلة” التي يتمتع بها الجنوب الجزائري بخصوص المياه الجوفية.
وكتب الباحث في التاريخ الجزائري، محمد آرزقي فراد، على فيسبوك، “ما أكثر العقول التي أضاعتها الرداءة السياسية في الجزائر في مجالات كثيرة.. من هذه العقول السيد رابح بن شريف (خبير في الفلاحة)، الذي تحدث كثيرا قبل 30 سنة عن مشروع استغلال المياه الباطنية الموجودة في صحرائنا (60 ألف مليار متر مكعب) من أجل تعميم الزراعة المسقية فيها”. وأضاف “بعد مرور عقود من الزمن، ها هي الأيام تؤكد صواب مشروعه الزراعي. لذا فهو جدير بأن يعاد له الاعتبار ولو رمزيا”.