أكدت إيران معاداتها للوحدة الترابية للمملكة المغربية، وذلك بإعلانها مناصرة مواقف الجزائر خلال انعقاد ندوة اللجنة الرابعة والعشرين التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، المخصصة لمناقشة نزاع الصحراء المفتعل.
وأعلن ممثل إيران، في كلمة له خلال الندوة، عن “مسؤولية الأمم المتحدة تجاه شعب الصحراء وحقه في تقرير مصيره، وأن بلاده ملتزمة بدعم جميع جهود المجتمع الدولي لإعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة، وقرارات الجمعية العامة ذات الصلة”.
وأردف ممثل إيران، المتواطئ مع بعثة الجزائر، أن “بلاده تؤكد على حق الشعوب في التعبير عن رغباتها السياسية بحرية وممارسة حقها في تقرير المصير وكذلك سيادتها وسلامة أراضيها الوطنية، وفقا لميثاق الأمم المتحدة وإعلان منح الاستقلال”.
واعتبر الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة السفير عمر هلال أن “القرار 1541، الذي يسعى البعض لتجاهله، يحدد بوضوح الخيارات الثلاثة لتطبيق مبدأ تقرير المصير، وتشمل الاستقلال أو الارتباط الحر بدولة مستقلة أو الاندماج”. وأردف أن “القرار 2625 الصادر في 1970 أضاف خيار أي وضع سياسي آخر يتم اختياره بحرية”.
وخلال الجلسة العادية للجنة الـ24 التابعة للأمم المتحدة، المنعقدة ما بين العاشر والحادي والعشرين من يونيو الجاري، أكد عمر هلال أن “بعض الدول التي أعمتها أيديولوجيات تعود لحقبة بائدة، (الجزائر وإيران)، وركزت على الخيار الوحيد للاستقلال على حساب الخيارين البديلين الآخرين، كثفت مناوراتها الخبيثة بهدف جعل لجنة الـ24 لجنة للبلقنة”، لافتا إلى أن “تقرير المصير لا يعني أنه مسار نحو الاستقلال، ولا يمكن أن يتم على حساب السيادة الترابية للدول”.
وتوترت العلاقات الثنائية بين الرباط وطهران بشكل غير مسبوق باستمرارها في نهجها المعادي للمملكة، دفعها إلى قطع علاقاتها مع إيران سنة 2018، نتيجة دعم بوليساريو عسكريا ولوجستيا بما في ذلك تسليمها الطائرات المسيرة، من خلال عناصر من “حزب الله” والذي أشرف عليه أمير موسوي عضو الحرس الثوري الذي كان يعمل، حينها، تحت غطاء دبلوماسي كمستشار ثقافي في السفارة الإيرانية في الجزائر.
وأكد محمد الطيار، الباحث في الدراسات الأمنية والإستراتيجية، أن “تصريحات سفير طهران بالأمم المتحدة تعكس ازدواجية المواقف مع الحرص على توسيع علاقاتها الأمنية والعسكرية مع النظام الجزائري وتوقيع عدة اتفاقيات عسكرية، منها مثلا تزويده بالذخيرة والطائرات المسيرة في الوقت الذي يلوح به بتهديد المغرب”.
وأضاف في تصريح لـه أن “إيران منخرطة بقوة في المشاريع المعادية للمغرب وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية حيث اعترفت بجمهورية بوليساريو الوهمية، إلى جانب توافق مع الجزائر في تسليح وتدريب عناصر الجبهة الانفصالية”.
ويتماهى الموقف الإيراني مع احتضان الجزائر لأطروحة انفصاليي بوليساريو في كل المناسبات وكل المحافل الدولية، مقابل دعم دول الخليج العربي ومجموعة من الدول الأفريقية خلال أشغال هذه اللجنة الأممية، الوحدة الترابية للمملكة المغربية.
وأكد السفيران القطري والبحريني دعمهما الثابت لمغربية الصحراء، وأهمية الشراكة الإستراتيجية التي تجمع الرباط ودول مجلس التعاون الخليجي، مؤكدان التزامها بالحفاظ على أمن واستقرار المغرب وسلامة أراضيه، كما ساندت الغابون وجزر القمر وبوركينا فاسو والسنغال وغينيا بيساو، السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، ودعمها خطة الحكم الذاتي التي تقدمت بها الرباط لتسوية هذا النزاع المفتعل.
العلاقات الثنائية بين الرباط وطهران توترت بشكل غير مسبوق باستمرارها في نهجها المعادي للمملكة
وأفاد محمد لكريني، أستاذ القانون والعلاقات الدولية، بأن “طهران تسعى إلى تقوية موقعها في المنطقة من خلال دعمها لوجستيا للنزاعات الإقليمية والميليشيات المسلحة والمشاريع الانفصالية منها بوليساريو، على غرار ما تقوم به في الشرق الأوسط”.
وقال إن “مجاهرة إيران بدعمها لبوليساريو مرتبطة بالعديد من السياقات الإقليمية والدولية، وعلى رأسها نجاحات الحضور الديني والاقتصادي المغربي داخل أفريقيا وتمتين علاقاته مع الولايات المتحدة، لهذا تريد من خلال دعمها لبوليساريو تحويل تركيز المغرب على الدور الهام في أفريقيا في إطار تعاون جنوب – جنوب”.
وتأسّف سفير المغرب لدى الأمم المتحدة لكون هذه القضية تحولت إلى نزاع إقليمي ثنائي، بعد أن تورطت الجزائر في انتهاك المادة السادسة من القرار 1514 المذكور، بسعيها لمعاكسة الحقوق المشروعة للمغرب في صحرائه والمساس بسيادته ووحدته الترابية، من خلال تشكيل جماعة بوليساريو الانفصالية المسلحة وإيوائها وتسليحها وتمويلها.
وفي وقت سابق، أكد وزير الخارجية والمغتربين اللبناني عبدالله بوحبيب حرص بلاده على أواصر الأخوة التاريخية والمتجذرة التي تربطها بالمملكة المغربية وشعبها، وعلى موقفها الدائم الداعم لسيادة المملكة ووحدة ترابها، وحرصها على أمن المغرب ورفضها أي مساس به.
وكان المغرب قد اتهم في أكتوبر الماضي، بشكل رسمي، جبهة بوليساريو بوقوفها خلف استهداف منطقة مدنية بمدينة السمارة بمقذوفات متفجرة راح ضحيتها شخص وأصيب اثنان آخران، واعتبر ممثل المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة عمر هلال أن هجوم بوليساريو هو “عمل إرهابي”.
وفي رسالة موجهة لداعمي بوليساريو وعلى رأسهم الجزائر وإيران، أكد سفير المغرب بالأمم المتحدة، أمام اللجنة الرابعة، أن الصحراء كانت على الدوام مغربية وستظل كذلك وأن المبادرة المغربية للحكم الذاتي تعد الحل الوحيد لهذا النزاع، كما أن المغرب سيواصل بكل عزيمة إستراتيجية تنمية أقاليمه الجنوبية، حتى تصبح قطبا إقليميا وقاريا.