هلال يدعو الجزائر للإقرار بفشلها والعودة لتسوية سلمية لنزاع الصحراء
دعا مندوب المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة عمر هلال، الجزائر إلى الانخراط في مقاربة سلمية على أساس احترام مبدأ حسن الجوار لتسوية النزاع المفتعل في الصحراء، بدلا من الركض وراء الأوهام باحتضانها جبهة بوليساريو ودعم الطرح الانفصالي تحت ما يسمى “تقرير المصير”، مشيرا إلى الأثمان الباهظة التي تدفعها الدولة الجزائرية من قوت الشعب، مؤكدا أن الجارة الشرقية فشلت فشلا ذريعا في الدفع بأجندة الجبهة الانفصالية.
كما دعا في مداخلته أمس الثلاثاء خلال الجلسة العادية للجنة الـ24 بنيويورك، الجزائر باعتبارها الطرفي الرئيسي في النزاع حول الصحراء، إلى الإقرار بالإخفاق الذريع لمشروعها الانفصالي.
وقال إن “الجزائر اليوم أمام خيارين إما الانخراط ضمن مقاربة سلمية تحترم مبدأ حسن الجوار والتسوية السلمية للنزاعات، أو التمادي في الإخفاق الذريع باهظ الثمن لأجندة بوليساريو، بمليارات الدولارات، وعلى حساب رفاه الشعب الجزائري الذي يصطف في طوابير لاقتناء أبسط المواد الغذائية.”
وتابع “بدلا من اجترار خطاباتها حول دفاعها المزعوم عن حق تقرير المصير وادعاء حياد زائف لا يصدقه أحد سواها، كان بالأحرى على الجزائر أن تقر بثلاث حقائق ثابتة: وهي أن الصحراء كانت على الدوام مغربية وستظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وأن مبادرة المغرب للحكم الذاتي تعد الحل الوحيد والأوحد لهذا النزاع، في إطار سيادة المملكة ووحدتها الترابية، كما أن المغرب سيواصل، بكل عزيمة إستراتيجية تنمية أقاليمه الجنوبية، التي في طور أن تصبح قطبا إقليميا وقاريا”.
وتعد الجزائر الداعم الرئيسي لجبهة بوليساريو الانفصالية ولعبت دورا سلبيا في حل النزاع المفتعل برفض العودة إلى محادثات “المائدة المستديرة” بشأن الصحراء المغربية بعد أيام من تعيين ستيفان دي مستورا مبعوثا جديدا للنزاع عام 2021.
وأشار عمر هلال إلى مكامن الخلل الذي يعتري، منذ سنوات، تنفيذ القرار 1514، الذي يكرس مبدأ تقرير المصير وكانت الجمعية العامة للأمم التحدة نفسها اعتمدته في 14 ديسمبر 1960، فضلا عن توظيف غير لائق لمهام لجنة الـ24، مضيفا أن من قاموا بصياغة القرار حرصوا، من صميم حكمتهم، على الشرح التفصيلي لآليات تنفيذه عبر استكماله بقرار آخر، ألا وهو القرار 1541.
وأبرز أن “قرار الجمعية الأممية الذي يسعى البعض لتجاهله، يحدد بوضوح الخيارات الثلاثة لتطبيق مبدأ تقرير المصير والتي تشمل الاستقلال أو الارتباط الحر بدولة مستقلة أو الاندماج، لافتا إلى أن القرار 2625 الصادر في 1970 أضاف خيار أي وضع سياسي آخر يتم اختياره بحرية.”
وأوضح ” أن بعض الدول التي أعمتها إيديولوجيات تعود لحقبة بائدة، وركزت على الخيار الوحيد للاستقلال على حساب الخيارين البديلين الآخرين، كثفت مناوراتها الخبيثة بهدف جعل لجنة الـ24 لجنة للبلقنة”، مضيفا أن “تقرير المصير لا يعني أنه مسار نحو الاستقلال، ولا يمكن أن يتم على حساب السيادة الترابية للدول”.
وأشار الدبلوماسي المغربي إلى أن هذه الدول ذاتها تغالي في تأويل القرارين 1514 و1541 من خلال ربط تقرير المصير بعملية الاستفتاء والحال أن هذين القرارين لا يحيلان البتة إلى الاستفتاء الذي لا يعدو إلا أن يكون مجرد آلية للتعبير، موضحا أن القرارين لا يشترطان أيضا، لكي تدخل مقتضياتها ذات الصلة حيز التنفيذ، أي استشارة استفتائية.”
ويؤكد القرار 1514 (المادة 6)، بشكل جلي، على أن “كل محاولة تستهدف التقويض الجزئي أو الكلي للوحدة الوطنية والسيادة الإقليمية لأي بلد، هي منافية لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه”.
واستنكر هلال حياد لجنة الـ24 عن مهمتها الأصلية، وهي عرض قضية المغرب الخاصة بأقاليمه الصحراوية التي كانت خاضعة للهيمنة الاسبانية، والباسها حمولة أيديولوجية.
وتأتي تصريحات هلال فيما يقطع الغرب بثبات من خلال دبلوماسية هادئة، خطوات واثقة ومدروسة في تفكيك أحزمة دعم بوليساريو التي تواجه أزمة داخلية وتعيش عزلة غير مسبوقة على وقع توارت الاعترافات الدولية والإقليمية بمغربية الصحراء وبمقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة حلا وحيدا وواقعيا لإنهاء النزاع المفتعل.
وتواجه الجزائر باعتبارها حاضنة للجبهة الانفصالية ولطروحاتها التي يصفها كثيرون بالعبثية، عزلة مماثلة وأشد تأثيرا على مصالحها وعلاقاتها الخارجية، إضافة إلى تحملها أعباء مالية وسياسية ضخمة في محاولاتها على إبقاء النزاع متقدا وفي سعيها لعدم تفكك بوليساريو.
وفي تطور آخر نفت سلوفينيا أمس الثلاثاء صحة ما نسب من تصريحات لرئيس وزرائها روبرت غولوب، تداولته وسائل إعلام جزائرية، وادعت أنه دعم فيها ما يسمى حق تقرير المصير.
وجددت موقفها الداعم لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية وهو المقترح الذي طرحته المملكة منذ العام 2007 ويلقى زخما كبيرا من التأييد الدولي والإقليمي، مؤكدة في الوقت ذاته على أن المبادرة المغربية هي السبيل الوحيد لإنهاء النزاع. وقالت إنها تدعم خطة الحكم الذاتي للتوصل إلى تسوية نهائية ومتوافق عليها للنزاع الإقليمي حول الصحراء.
وقبل أيام قليلة أكد تبرأ لبنان من ندوة عقدتها جهات داعمة لبوليساريو في بيروت وحاولت ترويجها على أنها اعتراف لبناني رسمي بالطرح الانفصالي.
وأكد وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب أن لبنان يدعم الوحدة الترابية للمغرب وسيادته على كامل أراضيه، مشددا على حرص بلاده على علاقات متينة ووثيقة مع المملكة.
كما جددت الغابون اليوم الأربعاء على لسان المستشار الأول في بعثة ليبرفل الدائمة لدى الأمم المتحدة جان بيير هيميري دومبينيني ندزيجنا، دعمها لمغربية الصحراء، داعية إلى الاستئناف السريع لعملية الموائد المستديرة بنفس الصيغة وبمشاركة الأطراف المعنية بالنزاع أي المغرب والجزائر وموريتانيا وجبهة بوليساريو.
وكانت محكمة العدل الدولية قد أنصفت المملكة في عام 1975 من خلال إثبات وجود روابط البيعة القانونية بين سلاطين المغرب وقبائل الصحراء المغربية، مما يؤكد سيادته بشكل قاطع على صحرائه.
كما أبرمت المملكة اتفاقية مدريد في نفس العام، مكرسة بذلك عودة الصحراء إلى الوطن الأم بعد 91 سنة من الاحتلال الإسباني. وصادقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على هذا الاتفاق في قرارها رقم 3458 بتاريخ 10 ديسمبر 1975، مما يجعل عملية استعادة المغرب لسيادته الترابية تتوافق مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وروح ومنطوق القرار 1514.