الجزائر: تبون يتسبب في فضيحة بإقالة سفيره في القاهرة بعد يوم واحد فقط من تولي منصبه
يظهر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مرة أخرى أن قراراته غير مدروسة ومتسرعة. بإقالة سفيره في القاهرة يوم السبت 8 يونيو، بعد 24 ساعة فقط من تسليم أوراق اعتماده لوزير الخارجية المصري، أثار تبون فضيحة تكشف عن الطريقة الكارثية التي تدار بها الجزائر.
لم يقض حسن رابحي إلا يوما واحدا في منصبه كسفير للجزائر في مصر، فقد قدم أوراق اعتماده كسفير جديد لوزير الخارجية المصري سامح شكري يوم الجمعة 7 يونيو، وبالتالي يمكن أن يدخل اسمه في موسوعة غينيس للأرقام القياسية. ففي اليوم التالي لتولي منصبه الجديد في القاهرة، حيث كان من المقرر أن يتولى أيضا منصب المندوب الدائم للجزائر لدى جامعة الدول العربية، تفاجأ الدبلوماسي الجزائري بقرار إقالته من قبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
إنها حالة فريدة في تاريخ الدبلوماسية، خاصة وأن هذا السفير كان يحمل رسالة رسمية ومكتوبة، وهي أصل أوراق اعتماده الموقعة من تبون، والتي كان عليه تسليمها شخصيا، وخلال مراسم رسمية، إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وهذا الأخير أيضا، كما هي الأعراف الدبلوماسية في هذا المجال، هو الذي أعطى، في أبريل الماضي، موافقته على طلب الرئيس تبون بتعيين حسن رابحي في هذا المنصب.
كما حمل هذا السفير أوراق اعتماده ليسلمها إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية كممثل للجزائر في هذه المنظمة. وهكذا، فإن الرئاسة المصرية والأمانة العامة للجامعة العربية هما أول المستغربين من هذا التراجع غير المتوقع للرئيس الجزائري.
يبقى أن نعرف ما هو الخطأ الذي ارتكبه حسن رابحي حتى يصبح أول سفير يقضي فترة قصيرة في منصبه. ولم ير قصر المرادية ولا وزارة الخارجية الجزائرية أنه من المفيد إبلاغ الرأي العام بأسباب هذا القرار المفاجئ.
ويبدو أن حسن رابحي، السفير السابق في بكين والأمين العام السابق لوزارة الخارجية الجزائرية، الشخصية المناسبة التي كان يمكن للنظام الجزائري أن يستغلها لتحسين صورته. إلا إذا كان خطأه هو كونه كان، في عهد عبد العزيز بوتفليقة وحتى الانتخابات الرئاسية لسنة 2019، وزيرا للاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة.
هل يتعلق الأمر باستدعاء مُقَنًّع للسفير، إذ أن العلاقات بين الجزائر والقاهرة لم تكن جيدة على الإطلاق، واتسمت عموما بالريبة بدلاً من الثقة؟ فأمام مصر، كما هو الحال أمام المغرب، تتحرك الجزائر دائما على ضوء هذا المرض المزمن والخطير الذي تعاني منه، وهو عقدة كونها لم تكن قط أمة ولم يكن لها تاريخ عريق يسمح لها بفرض هيمنتها الإقليمية.
وفي أقل من خمس سنوات، قام عبد المجيد تبون بتغيير سفرائه في مصر أربع مرات. ومن الأمثلة على ذلك حالة عبد العزيز بن علي الشريف، الذي تم تعيينه في يوليوز 2023 سفيرا في القاهرة ومندوبا دائما لدى جامعة الدول العربية، قبل أن يتم نقله بعد ثمانية أشهر (أبريل الماضي) إلى البرازيل.
وأوحى النظام الجزائري أن هذا النقل هو بمثابة عقاب لعبد العزيز بن علي الشريف، لأنه، وفقا للدعاية المحلية، لم يدافع بشكل كاف عن القضية الفلسطينية داخل… جامعة الدول العربية.
وهو ما يشير إلى أن حسن رابحي تم تعيينه خصيصا حتى يبقى الصوت الجزائري نشازا بخصوص الحرب في غزة. تماما كما يفعل حاليا عمار بن جامع، الذي أقيل بطريقة مهينة عام 2016 من منصبه كسفير للجزائر في باريس، والذي ظل في عزلة تامة قبل أن يعاد تعيينه في نيويورك، حيث يقتصر دوره اليوم على التطبيل بأن تدارس أو صدور قرار إيجابي من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن فلسطين يعد بمثابة انتصار للدبلوماسية الجزائرية.
لا تزال العديد من وسائل الإعلام العربية متفاجئة من هذه الإقالة غير المسبوقة في سرعتها وغير المدروسة من حيث عواقبها الكارثية على المصداقية الضئيلة التي لا تزال تتمتع بها النظام الجزائري، داخليا ودوليا.
وهكذا، فإن الموقع الإلكتروني لصحيفة العربي الصادرة بلندن يرى أن هذه الإقالة لا يمكن ربطها إلا باستدعاء حسن رابحي لتولي منصب رفيع في الجزائر. لكن أحد المدونين الجزائريين في المنفى يعتقد أن « هذه القضية تكشف حقا المرض الخطير الذي ينخر السلطة الجزائرية ويمنعها من تنمية البلاد: عدم الاستقرار الدائم في عملية صنع القرار ».
هل الأمر صدفة أن يأتي هذا القرار المشين بالتراجع عن تعيين سفير في نفس توقيت إعلان الرئيس الجزائري عن الدعوة الرسمية للهيئة الانتخابية للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يوم 7 شتنبر المقبل.
كما يأتي بعد ثلاثة أيام فقط من فضيحة أخرى. فقد أعلن موقع قصر المرادية، يوم 5 يونيو الجاري، إقالة مفاجئة لمحمد بوعكاز، مستشار عبد المجيد تبون المكلف بالتشريفات في الرئاسة الجزائرية، « بسبب ارتكابه أخطاء جسيمة ومخالفة أخلاقيات المهنة ». وهو ما أشارت إليه بعض المصادر المتطابقة إلى وجود علاقة خارج إطار الزواج بين هذا المستشار وإحدى ابنتي تبون، مها أو سلوى.