محاولات اغتيال شنقريحة المتكررة تكشف صراع الأجنحة داخل نظام العصابة
كشف موقع ساحل انتيليجنس نقلا عن مصادر عسكرية جزائرية عن محاولة اغتيال فاشلة لرئيس الأركان سعيد شنقريحة بعبوة ناسفة كانت مخبأة في سيارة متوقفة على الطريق، انفجرت بعد مرور موكبه. وتسببت في وقوع حادث تصادم أعقبه حريق أدى إلى مقتل ستة أشخاص. في حين أمرت السلطات الجزائرية بالتكتم على الحادثة وعدم نشر أية معلومات عنها، باعتبارها تهز أسس أجهزة الأمن الجزائرية وتكشف صراع الأجنحة داخل السلطة.
وقال الموقع إن هذه المحاولة تكشف عن الانقسامات العميقة داخل الجيش الجزائري والأجهزة الأمنية، حيث تشكك الفصائل في القيادة الاستبدادية للجنرال شنقريحة وسيطرته المطلقة على البلاد. وقد بدأ الضباط والجنود الذين كانوا موالين للنظام، في التعبير عن سخطهم وخلافهم، مما أثار مخاوف من احتمال حدوث انهيار داخل الجيش.
ولسنوات، قام النظام بقيادة الجنرال شنقريحة بقمع جميع أشكال المعارضة والاحتجاج، وفرض حالة من الخوف والصمت في جميع أنحاء البلاد. وأصبحت الاعتقالات التعسفية والتعذيب والاختفاء القسري أمراً شائعاً، في حين تُنتهك الحريات المدنية وحقوق الإنسان باسم الأمن القومي واستقرار النظام. يضاف إليها حالة الصراع الخفية التي تسبق الانتخابات الرئاسية، وفق الموقع.
واستنفرت مختلف الأجهزة الأمنية الجزائرية عناصرها للتحقيق في الحادث، وقال الدكتور المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، إن العديد من الملاحظين والمتابعين للوضع في الجزائر يؤكدون أنه لم يسبق أن وصلت درجة الاحتقان داخل الجيش إلى الوضع الذي يعيشه اليوم.
وأشار اسليمي إلى أن “الأجنحة بالجيش الجزائري باتت متعددة وعمليات الانتقام بينها باتت مشهدا يوميا، بين جناح شنقريحة الذي يتآكل يوميا وجناح القايد صالح الذي يقوده بوعزة واسيني الفار من السجن الذي لازال مكان اختبائه مجهولا، وجناح توفيق وجبار مهنا وناصر الجن الذي قد يكون وراء هذه العملية الأخيرة ضد شنقريحة.
وتابع أن محاولة اغتيال شنقريحة تكشف عن أربعة مؤشرات كبرى، الأول يتعلق بوجود اختراق أمني مع ملاحظة وجود معلومات تقول أن شنقريحة لم يعد يركب الطائرات منذ مدة ويغير مكان مبيته باستمرار . والمؤشر الثاني ارتفاع سقف الاقتتال بين الأجنحة العسكرية الثلاثة في الجزائر جناح شنقريحة وجناح جبار مهنا وناصر الجن وتوفيق مدين وجناح القايد صالح وهو اقتتال بسبب رفض ولاية ثانية للرئيس عبدالمجيد تبون المدعوم من طرف شنقريحة .
والمؤشر الثالث، أن الوضع في الجزائر قريب من الانفجار، وأن نفسية الجيش باتت متدمرة ودرجة الإحتقان مرتفعة، لأنه لا يوجد جيش في العالم نصف قادته في السجون، ومنهم من لازال مصيره مجهولا بعد اختفائه. كما لا يوجد جيش في العالم تركب فيه قيادات برتبة جنرالات قوارب الموت للهروب إلى أوروبا.
والمؤشر الرابع، أن الجيش الجزائري بدأ يتفكك والأجنحة باتت متعددة داخله وعمليات الانتقام والانتقام المضاد باتت مشهدا يوميا بين جناح شنقريحة الذي يتآكل يوميا وجناح القايد صالح وجناح توفيق وجبار مهنا وناصر الجن الذي قد يكون وراء هذه العملية الأخيرة ضد شنقريحة، ومن المتوقع أن يبدأ الجيش الجزائري في الانهيار بعد توالي هذه العمليات .
ومنذ تحديد موعد الانتخابات الرئاسية في سبتمبر/أيلول القادم بدأت تتواتر المعلومات التي تتحدث عن وجود صراع أجنحة بين قادة الجيش الجزائري وأجهزة المخابرات، التي تعتبر المحرك الأساس للسلطة في البلاد، في ظل عدم وجود إجماع حول الشخص الذي سيكون المرشح المقبل.
وقالت مصادر مطلعة أن الجيش وأجهزة المخابرات لا يُبديان الكثير من الثقة في تبون للاستمرار في منصب رئيس الدولة خلال الفترة القادمة، الأمر الذي اتضح في ديسمبر/كانون الأول الماضي، عندما منع الجيش البث المباشر لخطاب الرئيس خلال افتتاح السنة التشريعية أمام البرلمان بمجلسيه، على الرغم من الإعلان عن ذلك من طرف القنوات التلفزيونية العمومية.
وقد تزامنت هذه الخطوة مع رغبة تبون في أن يبرز في صورة الشخص الذي يُطالبه “نواب الأمة” بالترشح لولاية جديدة، حيث دعاه مجموعة من أعضاء البرلمان إلى الترشح في انتخابات 2024، ليُجيب “إن شاء الله ربي يعطيني الصحة الكافية”، غير أن التلفزيون العمومي اكتفى ببث لقطات مُحددة من هذه الكلمة، ولم يظهر تبون وهو يؤكد ترشحه.
ويبدو أن تبون بدوره لا يثق تماما في العسكر والمخابرات، لذلك يحاول تحصين نفسه ما أمكن، فمع نهاية العام الماضي وبداية العام الجاري بدأت تبرز معالم الصراع بين مؤسسة الرئاسة وجهاز المخابرات، حين قرر الرئيس نقل التحكم في مديرية التنصت الاستعلاماتي إلى مكتبه.
وأعفى تبون الجنرال إسماعيل أجافن، من منصبه على رأس المديرية العامة للاستخبارات التقنية، المعروفة اختصارا بـDGRT، العام الماضي، بعد 4 سنوات قضاها في هذا المنصب، بعدما عُين فيه في أبريل/نيسان من سنة 2019 مباشرة بعد استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ليكون بذلك من بين أول الوجوه الجديدة لنظام ما بعد الحراك في المواقع الحساسة.