‎مجلس المستشارين في المغرب يصادق على العقوبات البديلة للحد من اكتظاظ السجون

صادق مجلس المستشارين في المغرب، بالأغلبية، على مشروع قانون يتعلق بالعقوبات البديلة، في خطوة للحد من اكتظاظ السجون، وذلك خلال جلسة عامة تشريعية.

ووافق على المشروع 36 مستشارا برلمانيا وامتنع 6 مستشارين برلمانيين عن التصويت، بعدما حسمت لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب الجدلَ المتعلق بمقترح “الغرامة المالية” أو “شراء أيام السجن”، الذي أسقطته الحكومة من مشروع قانون العقوبات البديلة، حيث عادت الأغلبية الحكومية لتقدم مقترحا بشأنه، تضمنته ورقة تعديلات الأغلبية.

ونص تعديل الأغلبية على “إضافة عقوبة الغرامة اليومية” إلى العقوبات البديلة تماشيا مع توجهات السياسات الجنائية لبعض الدول، وحدد مقترح التعديل مبلغ الغرامة اليومية بين 100 و2000 درهم عن كل يوم من العقوبة السجنية المحكوم بها، على أساس أن المحكمة تراعي في تحديد الغرامة اليومية الإمكانيات المادية للمحكوم عليه وتحملاته المالية وخطورة الجريمة المرتكبة والضرر المترتب عليها، كما يمكن الحكم بعقوبة الغرامة اليومية على القاصرين في حالة موافقة ولي أمرهم أو من يمثلهم.

وشرط الحكم بالغرامة المالية أنه لا يمكن الحكم بها إلا بعد الإدلاء بما يفيد وجود صلح أو تنازل صادر عن الضحية أو ذويه أو قيام المحكوم عليه بتعويض أو إصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة.

 

رشيد لزرق: هناك مخاوف من شرعنة شراء أيام السجن بالمال

وأكد وزير العدل عبداللطيف وهبي، قبل بدء التصويت على هذا النص، أن “مشروع قانون العقوبات البديلة يسعى إلى وضع إطار قانوني متكامل سواء من حيث تأصيلها وفق القواعد الموضوعية لمجموعة القانون الجنائي المرتبطة بالعقاب، أو من خلال وضع آليات وضوابط إجرائية على مستوى قانون المسطرة الجنائية تهم تتبع وتنفيذ العقوبات البديلة”.

ويهدف النص القانوني حسب وزير العدل إلى “إيجاد حلول للإجرام البسيط وفق مقاربة تأهيلية وإدماجية بعيدة عن السجن، وغرس روح المواطنة والواجب والالتزام خاصة من خلال عقوبة العمل من أجل المنفعة العامة”.

ويؤكد النص التشريعي الجديد على عدم جواز الاستفادة من العقوبات البديلة في حالة العود، تحقيقا للردع المطلوب، في مقابل منح إمكانية تطبيق العقوبات البديلة في حق الأحداث المخالفين للقانون وفق شروط وضوابط محددة تراعي مصلحتهم الفضلى وتحقق إدماجهم داخل المجتمع، حيث أن الرهان هو اختبار المحكوم عليه للتأكد من استعداده لتقويم سلوكه واستجابته لإعادة الإدماج، بعدما تضمنت العقوبات مزاولة المحكوم عليه نشاطا مهنيا محددا أو تتبعه دراسة أو تأهيلا محددا، وكذلك إقامته في مكان محدد، والتزامه بعدم مغادرته، أو بعدم مغادرته في أوقات معينة، أو منعه من ارتياد أماكن معينة، وتعويضه وإصلاحه الأضرار الناتجة عن الجريمة.

ويقرّ المشروع، الذي تعول الحكومة عليه لتقليص اكتظاظ السجون، عقوبات بديلة حددت في العمل لأجل المنفعة العامة والمراقبة الإلكترونية وفرض تدابير تأهيلية أو علاجية، كالخضوع لعلاج نفسي أو العلاج من الإدمان على الكحول والمخدرات والمؤثرات العقلية، وأخرى تقييدية كعدم الاقتراب من الضحية والخضوع للمراقبة لدى مصالح الشرطة والدرك الملكي والخضوع لتكوين أو تدريب وغير ذلك، كما تمت في إطار إقرار العدالة التصالحية إضافة عقوبة إصلاح الأضرار الناتجة عن الجريمة.

وقال رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، “هناك مخاوف من استغلال العقوبات البديلة وشرعنة شراء أيام السجن بالمال، بما فيها ارتكاب الجرائم، لتجنيب الأغنياء العقوبات السجنية، ما يهدد بنسف مبدأ المساواة بين المواطنين المكرس في التعاقد  الدستوري”.

مشروع قانون العقوبات البديلة يسعى إلى وضع إطار قانوني متكامل سواء من حيث تأصيلها وفق القواعد الموضوعية لمجموعة القانون الجنائي المرتبطة بالعقاب

وأوضح في تصريح لـه أنه “بعد التصويت على المقترح لا بد من المراقبة القبلية حماية لفلسفة العقاب حتى تكون أكثر فاعلية في إعادة تأهيل المحكومين حماية للمجتمع من الإجرام، ولضمان محاكمة عادلة وحماية الحقوق والحريات، تفاديا للزيادة في منسوب الجرائم لدى أولاد الأغنياء طالما أنه بالإمكان شراء العقوبة التي سيحكم بها”.

وفي أكتوبر الماضي صادق مجلس النواب على مشروع قانون العقوبات البديلة، حيث صوت 115 مستشارا على مشروع القانون المذكور، مقابل 41 صوتا معارضا و5 ممتنعين.

وتعتبر ظاهرة الاكتظاظ في السجون المغربية من أبرز المشاكل التي تعاني منها المندوبية العامة للسجون، كما تعد مراجعة السياسة الجنائية بشكل سريع وعاجل، والتفعيل السريع للقانون المتعلق بالعقوبات البديلة، حلا لمواجهة الظاهرة حسب مسؤولين حكوميين.

وتقول وزارة العدل إنها حرصت في مناقشة هذا المشروع، أمام لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين، على مراعاة عدم التمييز عند تطبيق العقوبات البديلة على أفراد المجتمع بغض النظر عن وضعيتهم الاجتماعية والاقتصادية، ورصد جميع الملاحظات والمقترحات المقدمة، بهدف بلورة تصور شامل ومتكامل على مستوى التنزيل السليم لمقتضيات وأحكام هذا المشروع، وصولا إلى صيغة تحقق أهداف العقوبة.

وأكد خليهن الكرش، عن مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، بالبرلمان أن الإمكانيات غير كافية لتنفيذ قانون العقوبات البديلة، بالنظر إلى حجم التحديات والرهانات التي تواجهها المندوبية العامة لإدارة السجون التي ستشرف عليه.

وتدافع الحكومة عن هذا القانون لأنه يأتي لمواكبة التطورات التي يشهدها العالم في مجال الحريات والحقوق العامة من خلال إيجاد بدائل للعقوبات السالبة للحرية قصيرة المدة والحد من آثارها السلبية وفسح المجال أمام المستفيدين منها للتأهيل والاندماج داخل المجتمع، وذلك قصد المساهمة في الحد من مشكلة الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية وترشيد التكاليف.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: