المغرب قاطرة أساسية لتعزيز العلاقات بين كوريا الجنوبية وأفريقيا
عبّرت السلطات المغربية عن استعدادها للمساهمة في شراكة جوهرية وعملية مع كوريا الجنوبية، تندرج في إطار أجندتها الطموحة بالقارة الأفريقية وملاءمتها للاحتياجات والتحديات المحددة للبلدان الأفريقية.
وخلال اجتماع وزاري نظم في إطار أشغال الدورة الأولى للقمة الكورية – الأفريقية، أكد ناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أن “المغرب الذي جعل من التعاون والتضامن جنوب – جنوب ركيزة إستراتيجية لسياسته الخارجية، أطلق عدة مبادرات في مجالات رئيسية وذات أولوية للقارة، لاسيما تغير المناخ، والأمن الغذائي، والصحة، والبنية التحتية للاتصالات”، مشددا على أن “البلدان الأفريقية منفتحة وترغب في إرساء شراكة متبادلة المنفعة مع كوريا لصالح تنمية الاقتصاد”.
كما أشاد بوريطة بتنظيم الدورة الأولى من القمة الكورية – الأفريقية، التي ستنعقد يومي 4 و5 يونيو الجاري بالعاصمة الكورية سيول، واصفا الحدث بـ”اللحظة التاريخية والخطوة المهمة نحو تنسيق أوثق مع بلد صديق، كوريا، التي أثبتت أنها شريك ذو مصداقية بالنسبة إلى البلدان الأفريقية، وأبدت اهتماما صادقا بالتعاون في احترام مع الأفارقة، وأثبتت قدرتها على المساهمة في إرساء مسار مبتكر للتنمية المشتركة في أفريقيا، الشيء الذي توليه المملكة المغربية، والملك محمد السادس، أهمية كبيرة”.
وشكلت المبادرة الملكية لتعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، محط اهتمام في الاجتماع الثنائي باعتبارها تتيح الطرق والموانئ، وشبكات السكك الحديد بالمملكة لدول الساحل غير المطلة على المحيط، ومبادرة الدول الأفريقية الأطلسية، التي تهدف إلى هيكلة فضاء جيوستراتيجي، وتوحيد بلدانه حول أهداف وإجراءات مشتركة، ومشروع خط أنبوب الغاز الأطلسي المغرب – نيجيريا الذي يشكل رافعة حقيقية للتكامل الإقليمي.
وأكد محمد الطيار الباحث في الدراسات الأمنية والإستراتيجية أن “مكانة المغرب الجيوستراتيجية جعلت منه بوابة أفريقيا بامتياز، فضلا عن مكانته كمركز سياسي واقتصادي يشهد استقرارا أمنيا كبيرا مقارنة مع محيطه الإقليمي، وهو ما دفع العديد من القوى الدولية منها كوريا الجنوبية للتنافس من أجل ربط شركات متنوعة، وتوقيع اتفاقيات تجارية معه”.
وأضاف في تصريح أن “التطور الذي تشهده العلاقات بين البلدين أصبح يشمل التعاون للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، والتصدي للآثار المرتبطة بالتغيرات المناخية، فضلا على تقديم قروض للمغرب من الصندوق الكوري للتعاون من أجل التنمية الاقتصادية في إطار تشجيع الاستثمارات وإنجاز مشاريع مشتركة، وكلها تجسّد التطور الحاصل بين الدولتين في علاقاتهما المتنوعة وهذا يخدم إيجابيا سياسة جنوب – جنوب وتنمية القارة الأفريقية”.
ولفت محمد الطيار إلى أن “العلاقات بين المغرب وكوريا وصلت الآن إلى محطة مهمة، من أجل معالجة عدة قضايا مرتبطة باهتمامات واحتياجات مواطني البلدين وتطوير العلاقات والاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتجاري، خاصة المتعلقة بالحماية الكاملة، والمساواة في المعاملة”.
بدوره أكد وزير الشؤون الخارجية النيجيري يوسف توغار أن “المغرب الرائد في عدة مجالات، من بينها التجارة، والأعمال، يضطلع بدور رئيسي ومركزي في تعزيز العلاقات بين كوريا والقارة الأفريقية”، مشيرا في تصريحات صحفية على هامش الاجتماع الوزاري المنظم في إطار الدورة الأولى للقمة الكورية – الأفريقية إلى “العلاقات التاريخية التي تجمع بين المغرب ونيجيريا”، مؤكدا في هذا الصدد “على الجهود التي يبذلها البلدان لفائدة السلام والاستقرار والتنمية بأفريقيا”.
وتحدث وزير الشؤون الخارجية النيجيري حول مشروع خط أنبوب الغاز المغرب – نيجيريا، فضلا عن التعاون بين البلدين في مجالي الأسمدة والفوسفات، لافتا إلى استعداد نيجيريا لمواصلة العمل إلى جانب المغرب في هذا المجال.
المبادرة الملكية لتعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي شكلت محط اهتمام في الاجتماع الثنائي باعتبارها تتيح الطرق والموانئ، وشبكات السكك الحديد بالمملكة لدول الساحل
كما سجل الوزير بوريطة أن الأمر يتعلق بشراكة تحفز التجارة والاستثمار، وتعزز البنية التحتية، مع الاستثمار في المجالات الصاعدة، من قبيل الابتكار، والتكنولوجيا، والتحول الرقمي، فضلا عن الاقتصاد الأخضر والأزرق، معتبرا أنه من أجل تعزيز فوائد الشراكة الكورية – الأفريقية، يتعين أن يحظى التعاون الثلاثي باهتمام خاص، مع مشاركة أكبر للوكالة الكورية للتعاون الدولي، معتبرا أن الأمر يتعلق بقناة مفيدة حيث يساهم جميع الشركاء بخبراتهم، مما يشجع الابتكار والإبداع المشترك، ويقود المنافع المتبادلة.
وتظل التجارة الكورية مع أفريقيا منخفضة نسبيا من حيث القيمة المطلقة، رغم أنها ارتفعت بأكثر من 150 في المئة منذ 2015، والاستثمار الأجنبي المباشر لكوريا لصالح أفريقيا يمثل 1.5 في المئة من إجمالي الاستثمارات الدولية للبلد، وهو اتجاه يتعين استغلاله لصالح الاستدامة.
ويتوقع بحلول سنة 2030 أن تمثل أفريقيا أكثر من 6.7 مليار دولار من مجموع نفقات المستهلكين والشركات.
وبحسب بوريطة فإنه مع توقع بلوغ الإنتاج الاقتصادي لأفريقيا 29 مليار دولار بحلول سنة 2050، يتعين على القطاع الخاص، الأفريقي والكوري، الاستفادة من الفرص المهمة الحالية لتطوير أو توسيع أنشطتهما معا بأفريقيا.
وعلى المستوى الثنائي وقع بوريطة ووزير التجارة الكوري إنكيو تشيونغ على بيان مشترك حول إطلاق مباحثات استكشافية لإرساء إطار قانوني للتجارة والاستثمار بين المملكة المغربية وجمهورية كوريا، في أفق اتفاق شراكة معززة، حيث اتفق الطرفان على مواصلة التعاون الاقتصادي رفيع المستوى، واستكمال المباحثات الاستكشافية في أقرب وقت ممكن من أجل بدء المفاوضات، بهدف تعزيز إطار الشراكة القائمة بين البلدين وتنشيط التنمية الاقتصادية.