المغرب يدفع نحو تسريع برنامج التصنيع الدفاعي محليا

ماموني

أقر المغرب قانونا لتسريع وتيرة توطين الصناعة العسكرية، من خلال إنشاء منطقتين صناعيتين في مجال الدفاع، في خطوة لاستكمال إستراتيجية الرباط لبناء مناطق صناعية متخصصة في مجال الصناعات الدفاعية، خصوصا بعد تلقي الرباط عروضا أجنبية للاستثمار في هذا المجال.

أعلن المغرب عن إنشاء منطقتين صناعيتين في مجال الدفاع للاهتمام بمعدات وآليات الأمن وأنظمة الأسلحة، وذلك خلال مصادقة المجلس الوزاري برئاسة العاهل المغربي الملك محمد السادس على أربعة مراسيم في عدة مجالات.

ويهدف مشروع المرسوم الأول، بحسب بيان للناطق باسم القصر الملكي عبدالحق المريني، نشرته وكالة الأنباء الرسمية، إلى “إحداث منطقتين للتسريع الصناعي للدفاع، بهدف توفير مناطق صناعية لاحتضان الصناعات المتعلقة بمعدات وآليات الدفاع والأمن وأنظمة الأسلحة والذخيرة”.

وبحسب البيان يمنح مشروع المرسوم الثاني الأساتذة رؤساء المراكز بالمؤسسات الاستشفائية العسكرية تعويضا عن المهام.

وبخصوص مشروع المرسوم الثالث، فيتعلق “بإحداث اللجنة الوطنية للتنسيق في مجالات علم المحيطات والخرائطية البحرية، في حين يتعلق مشروع المرسوم الرابع بإحداث منصب ملحق عسكري لدى سفارة المملكة ببرازيليا”.

وسبق أن أكد الملك محمد السادس القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، بمناسبة الذكرى الثامنة والستين لتأسيسها، على تطوير قدرات القوات المسلحة الملكية وتمكينها من كل الوسائل التقنية الحديثة والتجهيزات الضرورية، من خلال برامج التكوين والتأهيل للعنصر البشري، مع وضع خطط مندمجة تكفل الجاهزية العملياتية الدائمة وتعزيز قدراتها الدفاعية في كل الظروف.

وأضاف الملك محمد السادس، بالقول “إن العالم اليوم، يعرف توترات مقلقة وتحولات سريعة غير مسبوقة، تتجسد في التقاطبات واختلاف التحالفات وتزايد احتمالات الحرب في مناطق مختلفة عبر العالم. وقد فرضت هذه الظروف حتمية إعادة التفكير في مفاهيم الأمن والدفاع، وضرورة تكييف البرامج والإستراتيجيات مع تعاظم التهديدات والتحديات، ما يستوجب مسايرة هذه الوضعية والتأقلم معها”.

وحقق المغرب نتائج إيجابية في مجال الاستقلالية الدفاعية، وقطع أشواطا  مهمة على صعيد تحديث المنظومة العسكرية، وخاصة في قطاع القوات الجوية.

وأكد الباحث في العلاقات الدولية والإستراتيجية، هشام معتضد أن “تصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية خيار مغربي إستراتيجي يهدف إلى التحول إلى قطب صناعي وتصدير السلاح إلى الخارج، سيعزز موقع المغرب على المستويين الإقليمي والقاري في مجال الاستثمارات العسكرية، التي لها بعد أمني واقتصادي مرتبط بالتطورات الجيوستراتيجية في المنطقة وحساسية ميدان تصنيع الأسلحة الذي يتسم بالتعقيد ويرتبط مباشرة بالأمن القومي للدولة”.

وأقر المغرب قانونا في العام 2020، للشروع في تصنيع الأسلحة ومعدات الدفاع، ومنح تراخيص تسمح بتصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية والأمنية المستخدمة من قبل القوات المسلحة وقوات الأمن ويجنّبها ثقل تكاليف الصفقات العسكرية، وتصديرها إلى دول أخرى كذلك.

 

هشام معتضد: المغرب يسعى لتعزيز موقعه في مجال الاستثمارات العسكرية

وتم الإعلان لأول مرة في مشروع قانون مالية 2022، على مواصلة ورش الصناعة الدفاعية، سيسمح بالتأسيس لصناعة دفاعية تخفف من كلفة الصفقات العسكرية، لتحقيق الاكتفاء الذاتي ونوع من الاستقلالية في توفير حاجيات البلاد من المعدات الحربية والعتاد العسكري وقطع الغيار.

وأكد الملك محمد السادس في عدة مناسبات، على البحث العلمي والتطوير الذاتي للصناعات العسكرية مع خلق الكفاءة العلمية المؤهلة، والعمل المتواصل على تطوير منظومة التخطيط والقيادة مع تفعيل شبكة واسعة من وسائل الاتصال والمعلوماتية من أجل تنفيذ المهام الأساسية بانضباط واحترافية، وبناء قدرات استشرافية للمستقبل.

وأفاد عبداللطيف لوديي، الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني، في وقت سابق، أن “المغرب شرع في العمل على إعداد تصور لإحداث مناطق صناعية متخصصة في مجال الصناعة الدفاعية”، موضحا أن “إرساء المملكة أسس صناعة دفاعية متطورة من شأنه أن يلعب دورا مهما في التنمية الاقتصادية والتجارية، والتحقيق التدريجي للاستقلالية في مجال الصناعة الدفاعية، والاستفادة من نقل التكنولوجيا المتطورة واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وتوفير مناصب شغل جديدة”.

وعرفت ميزانية الدفاع المغربية زيادة مهمة لعام 2024، حيث بلغت 12.4 مليار دولار، مواصلة في تعزيز للقوات المسلحة الملكية لترسانتها الدفاعية والهجومية من خلال عملية اقتناء وإصلاح معدات متنوعة، فضلا عن إستراتيجية تعزيز وتطوير صناعة الدفاع الوطنية.

واعتبر محمد الطيار، الخبير في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، أن “المغرب عازم على امتلاك الإمكانيات التقنية الحديثة في مختلف المجالات الحساسة والدقيقة والتي تشمل إدارة العمليات ونظم الدفاع والرصد والرقمنة، والتي تتطلب إعداد وتأهيل العنصر البشري لمواكبة التغيرات، وهو ما يفرض بناء إستراتيجية متكاملة تقوم بتحديد المخاطر والتهديدات المحتملة ودرجة خطورتها ورسم الخطط لمواجهتها وسرعة التعافي منها في حالة حدوثها”.

 

محمد الطيار: المغرب عازم على امتلاك الإمكانيات التقنية الحديثة في مختلف المجالات الحساسة والدقيقة

وأكد الطيار، في تصريح لـه أن “البرازيل تعد الأقوى عسكريا واقتصاديا بين دول أميركا اللاتينية، وقصة نجاحها ونهضتها خلال العشرين سنة لا تختلف كثيرا عن النجاح والمسار الذي حققه المغرب طيلة العقدين السابقين، إذ أصبح يتطلع إلى بناء صناعة خاصة به للدفاع وتطوير ترسانته العسكرية بما يناسب المتغيرات الحالية”.

وصادق المجلس الوزاري برئاسة الملك محمد السادس، على مشروع مرسوم يهدف إلى إحداث منصب ملحق عسكري لدى سفارة المملكة ببرازيليا، تجسيدا للعلاقات القوية التي تجمع المغرب والبرازيل.

وهذا التنصيب سيخدم سعي المغرب لتحقيق صناعة عسكرية محلية بالتعاون مع شركاء دوليين منهم البرازيل كأحد أهم الوجهات الصاعدة التي تقدم تجارب مهمة، ومواكبة تطوير منظومتها الدفاعية عبر أسواق صاعدة.

وكشفت منصة “ديفنس ويب” أن “السوق العسكرية بالبرازيل أصبحت تجذب الجيش المغربي، فمع مصادقة مجلس الشيوخ البرازيلي على مشروع مرسوم يقضي بالتعاون الدفاعي مع الرباط، أصبحت الشراكة العسكرية بين البلدين تأخذ أبعادا جديدا”.

ولتوسيع دائرة الشركاء الدوليين، تم إبرام اتفاق الشراكة العسكرية بين المغرب والولايات المتحدة، الممتد بين 2020 و2030، حيث ينصّ أحد بنوده على تشجيع واشنطن للاستثمارات التي تهدف إلى خلق صناعة عسكرية في المغرب.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: