لقاء الدبيبة – ولد الشيخ الغزواني يربك حسابات الجزائر المغاربية
أرسل تأكيد عبدالحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني على ضرورة تفعيل الاتحاد المغاربي إشارة واضحة إلى الجزائر تفيد باستحالة إنشاء هيكل مغاربي جديد، وهو ما كانت تخطط له من خلال دعوتها إلى لقاء ثلاثي تشاوري بينها وبين تونس وليبيا يهدف إلى عزل المغرب عن المؤسسات المغاربية.
وهذه المرة لم تكن الأولى التي تحرص فيها ليبيا على تأكيد دعمها لتفعيل الاتحاد المغاربي، والأمر نفسه بالنسبة إلى موريتانيا. ويظهر تجديد الموقف حرصا من البلدين على طمأنة المغرب بأنهما لا يدعمان خطط الجزائر وأنهما حريصان على استمرار المؤسسات المغاربية، وأن يكون المغرب طرفا رئيسيا فيها.
ويشار إلى أن تونس بدورها لم تعلن عن دعمها لإنشاء اتحاد مغاربي جديد، وأن صمتها تأكيد منها على أنها تريد الحفاظ على الاتحاد المغاربي كمؤسسة جامعة يمكن أن تدير الخلافات بين الدول الأعضاء بدلا من إحداث قطيعة ستعني تقسيم الاتحاد.
وأرسلت ليبيا مباشرة بعد نهاية اللقاء الثلاثي التشاوري، الذي احتضنته تونس في أبريل الماضي، وفدا دبلوماسيا رفيع المستوى إلى الرباط لتأكيد أن طرابلس تنأى بنفسها عن خطة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون لإنشاء اتحاد ثلاثي مع تونس وليبيا.
ويتماشى الموقف الليبي مع موقف موريتاني سابق معارض للاصطفاف وراء الجزائر على حساب العلاقة التاريخية مع المغرب، ويُظهر أن مساعي الجزائر لاستفزاز المغرب انتهت إلى استفزاز الدول المغاربية التي يحاول تبون استمالتها لدعم خطته.
ونقل مبعوث رئيس المجلس الرئاسي الليبي سامي المنفي، على لسان رئيس بلاده محمد المنفي، في لقائه مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بالرباط تأكيده على دور المملكة المغربية كدولة فاعلة ومؤثرة في اتحاد المغرب العربي.
وغاب الرئيس الموريتاني عن الاجتماع السابق في الجزائر الذي كان هدفه التحضير لاجتماع تونس، وضم رؤساء تونس والجزائر وليبيا على هامش قمة الغاز، وفُسر ذلك بأنه نأي من نواكشوط بنفسها عن هذا الملف.
ويرجح أن عدم لحاق نواكشوط بلقاء تونس ناجم عن محاولة الجزائر توجيه العلاقة بطريقة تكون محصلتها ازعاج المغرب فرأت موريتانيا أن لا مصلحة لها في خلق مثل هذه العداوة، خاصة أن العلاقات الموريتانية – المغربية تحسنت كثيرا بعد وصول ولد الشيخ الغزواني إلى الحكم.
وسعى وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف إلى الترويج للمبادرة واعتبر في تصريحات إعلامية سابقة أن “اتحاد المغرب العربي الذي أنشئ قبل 35 سنة في الإنعاش ولا يقوم بأي نشاط”. لكن ردود الفعل الرسمية والشعبية على المستوى المغاربي دفعت الجزائر إلى التراجع وتأكيد أن اللقاء التشاوري لم يكن يهدف إلى خلق كيان مواز. وعاد عطاف ليؤكد لاحقا أن الاجتماع التشاوري “ليس وليد ظروف خاصة”، كما أنه “ليس بديلا عن اتحاد المغرب العربي”.
◙ الموقف الليبي يتماشى مع موقف موريتاني سابق معارض للاصطفاف وراء الجزائر على حساب العلاقة التاريخية مع المغرب
وصرح عطاف لوسائل إعلام محلية بأن “اللقاء التشاوري بين القادة الثلاثة بتونس ليس موجها ضد أيّ طرف، وإن اتحاد المغرب العربي يظل مشروعا وهدفا تاريخيا، وإن باب المشاورات يبقى مفتوحا أمام الجميع إذا توفرت النية والإرادة السياسية”.
وإن لم يفصح عن الطرف أو الأطراف المعنية بتصريحه، فإن رسالة أحمد عطاف كانت وجهتها واضحة، وهي موجهة إلى المغرب تحديدا بعد اللغط المثار في الرباط، واعتبار الخطوة الجزائرية حلقة جديدة في مسلسل تصفية الحسابات السياسية، من خلال جر دول في المنطقة إلى مغامرة تستهدف إيجاد بديل عن الإطار التاريخي والتقليدي لدول المنطقة.
ويحتاج المسؤولون الجزائريون إلى الحديث بلغة ثابتة وليس بلغة متذبذبة، فماذا يعني أن تسعى الجزائر بكل ما أوتيت من قوة لعقد قمة وتتحدث عن موت الاتحاد المغاربي ثم تعود لتقول أنا لا أقصد أن هدف القمة هو محاولة استهداف المغرب.
ومن الواضح أن ردة الفعل السياسية والإعلامية الواسعة، ليس في المغرب فقط بل في الإقليم وحتى عربيا، قد فاجأت النظام الجزائري الذي كان ينظر إلى مبادرته على أنها ستكون ناجحة، وأنه سيسجل نقطة على حساب المغرب يرد فيها على النقاط التي سجلتها الرباط من خلال مبادرتها الأطلسية التي قوبلت بتفاعل من دول الساحل والصحراء.