قدرات جزائرية محدودة للاستقطاب السياحي أمام المغرب وتونس
أطلق وزير السياحة الجزائري مختار ديدوش تصريحات متفائلة عن استقطاب الملايين من السياح خلال 2030، دون الحديث عن آليات القطاع لمنافسة وجهتين مهمتين في المنطقة وهما تونس والمغرب، وهل أن الجزائر قادرة على تأمين البنية السياحية القادرة على المنافسة في سنوات قليلة.
وتوقع ديدوش استقبال 12 مليون سائح في غضون الست سنوات القادمة، الأمر الذي يثير الشكوك حول بلوغ المبتغى قياسا بمحدودية ونوعية المرافق والخدمات السياحية المتواجدة، والمنافسة التي يفرضها البلدان الجاران شرقا وغربا.
وقال وزير السياحة والصناعات التقليدية الجزائري إن بلاده “ستستقبل أكثر من 12 مليون سائح أجنبي في آفاق 2030، وأن ذلك يتحقق من خلال إنجاز الهياكل اللازمة ورفع طاقة الإيواء وتحسين الخدمات”.
وتتباين المؤشرات والأرقام الصادرة عن الجهات الرسمية بشأن القطاع السياحي، وهو ما يؤشر إلى أول اختلال في ضبط وقيد النشاط، فمن نفس الوزارة وفي فترات متقاربة جرى الحديث عن مليون ونصف مليون سائح أجنبي زاروا الجزائر خلال العام 2023، وعن مليونين و200 ألف، فضلا عن أكثر من مليون جزائري من أبناء الجالية الذين يقضون إجازاتهم السنوية مع عائلاتهم وأقاربهم، في حين يتعمد مسؤولون آخرون إدراج موسم الاصطياف المحلي في خانة الاستقطاب السياحي.
وحسب مصدر مطلع فإن التونسيين يعتبرون الجنسية الأولى التي اختارت الوجهة الجزائرية، وقدر عدد الذين زاروا الجزائر خلال العام الماضي بنحو مليون ونصف مليون زائر، ثم يأتي بعدهم أفراد الجالية المهاجرة الذين قدر عددهم بمليون و100 ألف مهاجر زاروا بلدهم خلال نفس الفترة.
ولا يقصد التونسيون الجزائر بهدف السياحة، ولكن لأغراض تجارية، ما يجعل إنفاقهم محدودا. كما أن الجالية الجزائرية المهاجرة لا تلجأ في الغالب إلى الإقامة في فنادق، حيث تسعى لتأمين الإقامة لدى الأقارب أو باكتراء منازل فردية. وهو أمر مفهوم في ظل غياب تشجيعات حكومية داعمة للإقامة في الفنادق.
وتعد الجزائر من أضعف الوجهات السياحية في شمال أفريقيا، مقارنة بتونس والمغرب ومصر، رغم ما تحتويه من إمكانيات سياحية خام تفوق جاذبيتها كبرى الوجهات السياحية في العالم، غير أن توجه السلطات المتعاقبة في حكم البلاد إلى الاعتماد على الاقتصاد الريعي وعدم التسويق لإمكانياتها الداخلية، جعل القطاع خارج اهتمام الحكومات، إلا في السنوات الأخيرة حيث سجلت محاولات حكومية محدودة للنهوض به، ودون أيّ دور للقطاع الخاص.
ووقّعت الجزائر اتفاقا مع الشركة القطرية للفنادق والضيافة لإدارة 73 فندقا وتطوير أدائها في مجال التسيير والتأهيل وتحسين الخدمات لاستقطاب السياح.
وتحصي الجزائر 1576 مؤسسة فندقية، بأكثر من 145 ألف سرير، وينشط في قطاع السياحة أكثر من 4700 وكالة سياحة وأسفار، بينما يقدر عدد المرشدين السياحيين بنحو 200 مرشد، في حين تنتظر دخول قرابة 2600 مشروع سياحي حيز الخدمة، لكن تبقى نوعية الخدمات والأسعار في غير متناول الزبائن مما يجعل مئات الآلاف يفضلون الوجهات الخارجية، على غرار تونس التي زارها العام الماضي مليونان و700 ألف جزائري، فضلا عن تركيا ثم أوروبا.
وتناول مجلس الوزراء المنعقد الأربعاء الملف السياحي، وتم الإقرار بإنشاء “لجنة وطنية لتسهيل الاستثمار، في هياكل سياحية جديدة، خاصة بالمناطق الساحلية التي تعرف نقصا في هذه الهياكل، وتتوفر بها الشروط السياحية الطبيعية”.
كما أمر الرئيس عبدالمجيد تبون بمراجعة الأسعار لجعلها في متناول العائلات الجزائرية تقويةً وتشجيعا للسياحة الداخلية، فضلا عن التطبيق الصارم للقانون، ضد كل أشكال السمسرة الموسمية بالشواطئ وتكريس الاحترام التام، لمبدأ مجانيتها عبر كل السواحل الجزائرية.
ويبقى رقم 12 مليون سائح خلال ست سنوات قابلا للتجسيد، أي بمعدل مليوني سائح في العام الواحد، لكن ذلك يظل بعيدا عن خوض منافسة حقيقية مع الوجهات الإقليمية، التي تحقق أو تقترب من الرقم المذكور في العام الواحد فقط، بينما يبقى استقطاب السائح المحلي أكبر تحد يواجهه القطاع، في ظل استمرار الانجذاب إلى الوجهات الخارجية.