مخيمات تندوف بالجزائر قنبلة موقوتة تهدد أمن المنطقة
أفادت صحيفة “لو موندا” الإيفوارية بأن المعسكرات في منطقة تندوف جنوب الجزائر تشكل “مصدرًا للتوتر وقنبلة موقوتة” تهدد أمن المنطقة، وأكدت أن هذه المنطقة تواجه تحديات خطيرة، من بينها الإرهاب الذي يسفر عن سقوط مئات الضحايا المدنيين في العديد من دول الساحل.
وأشارت الصحيفة إلى أن مخيمات تندوف تُعَدُّ بمثابة مركز لاحتياطي تجنيد الإرهابيين لصالح مجموعات مختلفة تنشط في هذه المنطقة، بتغطية وتواطؤ من قادة جبهة بوليساريو. مؤكدة أن مسؤولي الجبهة الانفصالية يعملون تحت إمرة نظام عسكري (في إشارة إلى الجزائر) في بلد يقدم دعما سياسيا ودبلوماسيا وماليا وعسكريا لهذا الكيان المزعوم.
كما أشارت إلى أن البلد أنفق مبالغ طائلة على حساب شعبه من أجل دعم هذه القضية الخاسرة مسبقا، مما أدى إلى استمرار العناء والمعاناة لمدة خمسين عامًا للسكان المحاصرين في مخيمات تندوف، حيث يحرمون من أبسط الحقوق مثل حرية التنقل والتعبير والحياة الكريمة.
وذكرت أن المجتمع الدولي أدان هذا الوضع منذ عقود دون اتخاذ إجراءات فعالة لمعالجته، مشيرة إلى استمرار هذا النظام الذي يهدد الاستقرار، والذي يظهر غضبه تجاه المغرب من خلال دعمه المستمر للجماعات الكراهية والعدوانية التي تهدد أمن العديد من البلدان في القارة، بما في ذلك منطقة الساحل.
وسجلت الصحيفة توثيق انضمام العديد من ميليشيا بوليساريو إلى الحركات الإرهابية لتنفيذ الأجندة التدميرية لهذا الكيان العميل، والتي تستهدف المملكة المغربية ودول أخرى في المنطقة (مالي، النيجر وبوركينا فاسو)، مشيرة إلى أن هذا التوجه يتجلى في العدد الكبير من التصريحات العدوانية التي أدلى بها ممثلو بوليساريو خلال “لقاءاتهم” الداعية إلى ارتكاب أعمال إرهابية ضد المغرب.
وخلصت الصحيفة إلى أنه، وفي تطور خطير، أطلقت بوليساريو عن طريق تسجيل صوتي للمدعو البشير مصطفى السيد، عضو ما يسمى “الأمانة الوطنية لبوليساريو” دعوة واضحة لارتكاب هجمات إرهابية في الصحراء المغربية وذلك بعد نحو سبعة أشهر من إعلان الجبهة الانفصالية أيضا مسؤوليتها عن الهجوم الرباعي الذي تعرض له المغرب.
وتعرضت مدينة السمارة بالأقاليم الجنوبية للمملكة، في 29 أكتوبر 2023، لقصف أدى إلى مقتل شاب وإصابة ثلاثة آخرين، بعد أن طالت التفجيرات ثلاثة أحياء سكنية في المدينة، ولم يستهدف الهجوم أي قواعد أو مواقع عسكرية في المنطقة.
ووفقا لما نقلته وسائل الإعلام المغربية، فقد خاطب السيد، في 28 أبريل الماضي سكان الأقاليم الجنوبية للمملكة قائلا “إذا كنا نحن هنا نموت بالعشرات لكي نحقق مكسبا، فأنتم تستطيعون تحقيق المكاسب بشيء قليل، ففرصنا نحن أقل مما تمتلكون أنتم”. في إشارة إلى الجدار العازل الذي يحول دول تسلل الانفصاليين إلى المملكة.
ومضى السيد، وهو أيضا شقيق الوالي مصطفى السيد مؤسس جبهة بوليساريو الانفصالية، قائلا “مع القليل من المتفجرات، يمكنك ضرب أهداف أكثر مما أصابته خلال الحرب… وإذا أردتم متفجرات إن شاء الله عندنا وهي تفسد في مخازننا”.
وبعد أن أكد السيد، المتهم بقتل وتعذيب عشرات الموريتانيين في سجون بوليساريو بين عامي 1975 و1978، رغبة الجبهة في تسليح الموالين لها من سكان المنطقة بمتفجرات كافية لإشعال الأوضاع المستقرة في الداخل وفي المملكة، دعا الانفصاليين داخل البلاد إلى العمل أيضًا على تجنيد السكان المحليين، قائلا “يجب على كل رجل وامرأة منكم أن يقنعوا كل ليلة ثلاثة أو أربعة أشخاص بتنفيذ عمليات تفجير في السمارة والداخلة وبوجدور والعيون”.
ويعد تحريض جبهة بوليساريو على القيام بأعمال إرهابية في مدن الصحراء المغربية دليل إدانة جديد ضدها، قد ينعكس بشكل مباشر عليها وعلى الصورة التي يحاول نظام الجزائر تسويقها عنها.
وتزامن هذا التقرير مع تحذير وجهه وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس إلى المواطنين الإسبان من السفر إلى مخيمات تندوف في الجزائر، داعيا إلى تجنّب المنطقة التي وصفها بـ”الخطيرة”.
وهذا التحذير هو الثاني من نوعه في أقل من ثلاثة أشهر، إذ سبق أن أوصت إسبانيا في فبراير الماضي رعاياها، بعدم زيارة مخيمات تندوف الصحراوية وطلبت ممن يتواجد من الإسبان بالمخيمات مغادرتها في أقرب وقت، نظرا لوجود تهديدات إرهابية تهدد حياتهم.
وطالبت إسبانيا مواطنيها بإبلاغ قنصلتها العامة بوهران ومكتب الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي بالجزائر العاصمة مسبقا بسفرهم إلى مخيمات تندوف.
كما دعت الراغبين في الذهاب إلى مخيمات تندوف، رغم التحذيرات، إلى تجنب جلب تبرعات من أي نوع مخصصة للصحراويين، مشيرة إلى أنها “تتطلب تفويضات إلزامية من السلطات الجزائرية”.
وسبق أن أعلن تنظيم داعش العام الماضي عن مقتل أربعة من عناصره ينحدرون من مخيمات تندوف بالجزائر، وكانوا انضموا إلى التنظيم الجهادي في الساحل منذ بضع سنوات، بعد أن كانوا في صفوف جبهة بوليساريو.
ويكشف الإعلان عن حجم اختراق تنظيم داعش لمخيمات تندوف، كما يثير تساؤلات بشأن العلاقة التي تربط جبهة بوليساريو الانفصالية بالتنظيم الجهادي، في ظل تقارير تتحدث عن وجود تنسيق وتعاون قائم بينهما.
ويقول المراقبون إن مخيمات تندوف تحولت إلى خزان للتنظيمات الإرهابية لاستقطاب الشباب، خصوصا أولئك الذي تلقوا تدريبات عسكرية، وذلك لتنفيذ هجمات إرهابية في منطقة الساحل والصحراء.
وقال موقع “مغرب إنتلجنس” إن العشرات من شباب الجبهة الانفصالية الذين تلقوا تدريبات عسكرية في معسكرات “لحمادة” بتندوف، يعملون في صفوف تنظيم “القاعدة” في بلاد المغرب الإسلامي وأيضا في داعش، حيث يتواجدون بشمال مالي وبوركينا فاسو والنيجر.
وأكد الموقع أن قيادة بوليساريو تفضل تسهيل ترحيل عناصرها الذين تظهر عليهم بوادر تدين راديكالي، نحو المجموعات الإرهابية الصغيرة، وذلك لتحقيق غايات مختلفة على رأسها تزويد “القاعدة وداعش بعناصر جديدة للحفاظ على حالة انعدام الأمن بمنطقة الساحل، مما يؤدي إلى تنامي مختلف أنواع الاتجار، وهو ما يفيد أيضا الجبهة الانفصالية.
وكان وزير الداخلية المغربي عبدالوافي لفتيت قد كشف في الاجتماع الوزاري للتحالف الأمني الدولي في دورته الرابعة بدبي، في أبريل الماضي، أنه تم رصد علاقة بين تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي وفرعه بالساحل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وعناصر تابعة لجبهة بوليساريو الانفصالية، مشيرا إلى أن قادة في هذه التنظيمات تنحدر من جبهة بوليساريو.
وشهدت منطقة الساحل، منذ العام 2014، تدفقا كبيرا لمقاتلي بوليساريو الشباب للانخراط في التنظيمات الإرهابية، خصوصا القاعدة وداعش الذي نوع تكتيكاته لاختراق المغرب دون جدوى أمام يقظة الأجهزة الأمنية.