سفير المغرب عمر هلال يتهم الجزائر بإرهاب الشعب القبايلي منذ أكثر من 150 عاما
واجه السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة عمر هلال، نظيره الجزائري عمار بن جامع، بانشغال بلاده بالصحراء المغربية على حساب القضايا المكلف بها من المجموعة العربية، مبرزا أن لجنة الـ24 تتداول بشأن العديد من القضايا، غير أنه لم يتطرق سوى للصحراء المغربية، ولم يتجرأ على التحدث عن القضايا الأخرى.
ويحظى المقترح المغربي لحل أزمة الصحراء المفتعلة بدعم أكثر من 100 دولة من مختلف أنحاء العالم، وفي سياق يتميز بالاعتراف المتزايد بمغربية الصحراء، وهو واقع يترجم بالخصوص، من خلال افتتاح قنصليات لعدد من الدول بالأقاليم الجنوبية للمملكة، لذلك تشعر الجزائر بخروج زمام الأمور عن سيطرتها وتحاول الدفع بهذه القضية في كل المناسبات الدولية علها تكتسب بعض التأييد متجاهلة العديد من الملفات الساخنة في التي تهم الشعب الجزائري والمنطقة.
وطالب هلال من بن جامع تفسيرا لوجوده في كاراكاس، رغم حصوله على تفويض من المجموعة العربية للدفاع عن قضاياها في نيويورك، وذلك ردا على الادعاءات المضللة التي روجها سفير الجزائر لدى الأمم المتحدة بشأن قضية الصحراء المغربية، خلال مؤتمر لجنة الـ24. وقال هلال “أنتم تتحدثون عن الصحراء وكأن لا مسؤوليات لديكم. سيدي السفير أود أن أطرح عليكم سؤالا: المجموعة العربية التي انتخبتكم لتمثيل الدول العربية بمجلس الأمن كانت ستحبذ بقاءكم في نيويورك للدفاع عن القضية الفلسطينية. لقد حضرتم إلى هنا، منذ ثلاثة أيام، فقط لإلقاء كلمة حول الصحراء المغربية”.
وأضاف “أنتم لا تتحملون مسؤوليتكم التي انتخبكم المنتظم الدولي من أجلها بمجلس الأمن، بل فضلتم إعطاء الأولوية لأجندتكم الوطنية، أجندة الجزائر بشأن قضية الصحراء المغربية”.
وفي رده على ادعاء السفير الجزائري أن بلاده تنتظر بفارغ الصبر تسوية قضية الصحراء، وأسباب تكرار طرح هذا السؤال خلال أشغال لجنة الـ24، قال السفير المغربي “نحن هنا لأن الجزائر رفضت استئناف الجولة الثالثة للموائد المستديرة في إطار العملية السياسية. تتحدثون عن السلام، لكنكم ترفضون القيام بدوركم بصفتكم مسؤولين عن الوضع الذي يستمر منذ نصف قرن”.
وأشار مجلس الأمن إلى الجزائر كطرف رئيسي في النزاع المفتعل بالصحراء المغربية أكثر من مرة وأكد على احتضانها بوليساريو فوق أراضيها، ويقول متابعون للقضية أن هذا يؤكد مسؤولية الجزائر في استمرار الأزمة وعرقلة الحل بتمويلها الجبهة الانفصالية منذ ما يقارب نصف قرن من الزمن، وتكاد أن توصف الآن بأنها منظمة إرهابية لمشاركتها في عمليات تجارة السلاح والمخدرات والبشر.
وتابع هلال مخاطبا نظيره الجزائري “إن بلدكم هو المسؤول عن تجميد جهود حل هذا النزاع الإقليمي”. وفي رده على الإشارة المغرضة للسفير الجزائري بخصوص الاستفتاء، قال هلال “لقد تحدثتم عن خطة التسوية والاستفتاء، غير أنكم أغفلتم أن مجلس الأمن أقبرها منذ ربع قرن. دبلوماسيتكم سيدي السفير، تعاني من متلازمة التقزم”.
وقال هلال “هذا يعني أن الزمن توقف عند الجزائر في 1991 بشأن خطة التسوية لم يتطور منذئذ. بلدكم لم يساير تطور العالم. لم تعاينوا سقوط جدار برلين. لم تروا أن هناك 107 بلدا تدعم المبادرة المغربية للحكم الذاتي. تغضون الطرف عن عدد القنصليات التي تم فتحها في مدينتي العيون والداخلة المغربيتين. كما أن الجزائر لم تدرك أن مجلس الأمن انتقل من خطة التسوية إلى الحل السياسي، الذي يستدعي التفاوض بين كافة الأطراف. ولم تطلع على القرارات ذاتها التي تدعوها لاستئناف مسلسل الموائد المستديرة، والتي تواصل الإصرار على رفضها! وبعد أن شاركت الجزائر في الاجتماعين الأولين للموائد المستديرة، رفضت المشاركة في الاجتماع الثالث، رغم أن مجلس الأمن طالب بذلك”.
ويحدد القرار رقم 2703 الموائد المستديرة باعتبارها الإطار الوحيد للمسلسل السياسي، لاسيما بمشاركة الجزائر كطرف معني بشكل مباشر. وأكد مجلس الأمن أن الحل النهائي لا يمكن أن يكون إلا “حلا سياسيا واقعيا وعمليا ودائما وقائما على التوافق”.
وبخصوص إشارة السفير الجزائري إلى الاحتلال المزعوم للصحراء المغربية والإشارة الانتقائية إلى حق تقرير المصير، أكد هلال أن “هناك شعبا في الجزائر، الشعب القبايلي، ينتظر تقرير مصيره منذ أكثر من 150 عاما، وأنتم تصرون على إرهابه وسجنه وحرمانه من حريته وأبسط حقوقه المشروعة”.
وفي سياق إماطة اللثام عن مسؤولية الجزائر في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، تابع هلال مساءلة نظيره الجزائري “من الذي يعرقل العملية السياسية الأممية؟ الجزائر. من الذي يقوم بإيواء وتسليح وتمويل والترويج دبلوماسيا لحركة انفصالية إرهابية؟ الجزائر. من الذي اقترح على المبعوث الشخصي السابق جيمس بيكر تقسيم الصحراء المغربية بين المملكة وحركتكم الانفصالية الإرهابية في 2002؟ كانت الجزائر على لسان رئيسها السابق، الراحل عبد العزيز بوتفليقة”.
وفي الوقت الذي تحاول فيه الجزائر إطالة أمد النزاع المفتعل، التفت المغرب لتطوير ونهضة الأقاليم الجنوبية للملكة، وأبرز امحمد أبا، المنتخب عن جهة العيون-الساقية الحمراء، أمام أعضاء لجنة الـ24 التابعة للأمم المتحدة، في كاراكاس، النهضة الشاملة التي تشهدها هذه الأقاليم.
وأكد أبا، الذي يشارك في المؤتمر الإقليمي للجنة الـ24 لمنطقة الكاريبي، بدعوة من رئيسة اللجنة، بصفته منتخبا ديمقراطيا عن منطقة الصحراء المغربية، أن “الصحراء المغربية أضحت تعرف ازدهارا بفضل الاستثمارات الضخمة التي أطلقتها المملكة”، منذ استكمال وحدتها الترابية سنة 1975. وأشار إلى أن دينامية الإصلاح تسارعت مع إطلاق العاهل المغربي الملك محمد السادس للنموذج الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية، سنة 2015.
وأوضح أن هذا النموذج يشكل آلية لتطبيق وتسريع ورش الجهوية الموسعة، التي تهدف إلى ضمان الحكامة الديمقراطية والتنمية البشرية المستدامة المندمجة، بما يتلاءم مع خصوصيات منطقة الصحراء، وفي امتثال تام لأهداف الأمم المتحدة المتعلقة بالتنمية المستدامة.
ولاحظ أبا، الذي يشارك منذ سنوات في هذا المؤتمر بصفته منتخبا عن الصحراء المغربية، أنه يتم تنفيذ هذا النموذج في إطار استراتيجية وطنية للتنمية الشاملة والمندمجة، تروم الارتقاء بظروف عيش الساكنة المحلية وإنجاز المشاريع الكبرى للبنيات التحتية، بغية تمكين المنطقة من إقلاع حقيقي.
وبفضل هذا النموذج التنموي الجديد، فاقت استثمارات إنجاز مشاريع كبرى الـ10 مليارات دولار، لاسيما في مجالات البنيات التحتية والصحة والتعليم والتكوين والصناعة والفلاحة والطاقات المتجددة والصيد، مضيفا أن معدل إنجاز المشاريع يتجاوز الـ80 بالمائة.
وبخصوص جهة العيون-الساقية الحمراء، قال أبا إنه تم استثمار حوالي 29.12 مليار درهم (الدولار الأميركي=9.93 درهم مغربي) لإنجاز 90 مشروعا لدعم قطاعات الإنتاج، مثل الفوسفاط والفلاحة وتربية الأحياء المائية، والصناعة والطاقات المتجددة، والصيد البحري، والسياحة البيئية.
من جانب آخر، أبرز أبا استمرار وتيرة التنمية في جهة الداخلة-وادي الذهب بوتيرة قوية، موضحا أن المجلس الجهوي يشرف على العديد من المشاريع المهيكلة التي تم إطلاقها أو قيد الإنجاز، بغلاف مالي إجمالي قدره 4.63 مليار درهم.
وقال إن هذه المشاريع تشمل قطاعات الصحة، والنقل واللوجستيك، والصناعة والتجارة والإسكان، والتنمية المستدامة والبنيات التحتية الأساسية، والتكوين المهني ودعم الجماعات في الجهة، مضيفا أن تأثير هذه المشاريع على الحياة اليومية للساكنة المحلية “مشجع وواعد”.
وأشار إلى أن مؤشرات التنمية البشرية في الصحراء المغربية كانت، في سنة 1975، أقل بنسبة 6 بالمائة من نظيراتها في الجهات الشمالية، مسجلا أن هذه المؤشرات أضحت تفوق بكثير متوسط باقي جهات المملكة.
وذكر بأن معدل النمو السنوي في العيون-الساقية الحمراء بلغ 10.9 بالمائة في 2021، وهو أعلى بكثير من المتوسط الوطني، مشيرا إلى أن إجمالي الناتج المحلي للفرد في الصحراء المغربية أعلى بـ1.6 مرة من المتوسط الوطني، وأن استهلاك الأسر يفوق المتوسط الوطني بـ8 بالمائة على الأقل. وأضاف أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد يبلغ 52 ألف و301 درهم في مدينة الداخلة، و27 ألف و442 درهما في العيون.
وفي هذا الإطار، أكد المنتخب عن جهة العيون-الساقية الحمراء أن إنجاز هذه المشاريع المهيكلة في الصحراء المغربية مكن من تحقيق تنمية أكثر توازنا، مما ساهم في تحفيز جاذبيتها السوسيو-اقتصادية، وتعزيز موقعها الاستراتيجي باعتبارها جسرا بين شمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء.
وذكر، بالخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الـ48 للمسيرة الخضراء، الذي أكد فيه الملك محمد السادس على ضرورة تعزيز الواجهة الأطلسية باعتبارها فضاء للتواصل الإنساني والتكامل الاقتصادي، بما يخدم مصالح كافة دول المنطقة وخارجها، في إطار مقاربة رابح-رابح.
وأشار إلى أن هذا الهدف يتجسد من خلال المبادرات الملكية الثلاث، وتشمل خط أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا، والمبادرة الأطلسية الإفريقية، والمبادرة الرامية إلى تعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي، مبرزا أن الصحراء المغربية ستضطلع، بفضل ديناميتها وازدهارها، بدور رئيسي باعتبارها فضاء للأمن والاستقرار والتنمية المشتركة في إفريقيا وفي الفضاء الأطلسي وخارجه، وبصفتها منصة محورية وبوابة أوروبا والأميركتين نحو إفريقيا.
وأشار كذلك إلى أن ميناء الداخلة الأطلسي الجديد، الذي انطلقت أشغاله في أكتوبر 2021 وسيتم استكمالها سنة 2028، سيدعم التنمية الجهوية الاقتصادية والاجتماعية والصناعية في كافة القطاعات الإنتاجية، كما سيوفر لأقاليم الجنوب مرفقا لوجستيا حديثا ومتطورا، يرقى إلى طموحاتها التنموية، فضلا عن تثمين منتجات الصيد البحري.
وبخصوص الوضع “الكارثي” السائد في مخيمات تندوف، جنوب غرب الجزائر، لفت إلى أن السكان المحتجزين في هذه المخيمات محرومين من أبسط حقوقهم، وتعتبر بمثابة “أصل تجاري” تستغله جماعة “بوليساريو” المسلحة والبلد الحاضن بهدف الاغتناء، وذلك عن طريق اختلاس المساعدات.
وحذر من أن “الوضع الإنساني في مخيمات تندوف يعكس اليأس والتقاعس الذي يخيم منذ ما يقرب من 50 عاما ويشكل تهديدا لاستقرار المنطقة برمتها”، مؤكدا أن تقريرا جديدا صادرا عن برنامج الأغذية العالمي أكد، مجددا الاختلاس الممنهج للمساعدات الإنسانية الموجهة لساكنة مخيمات تندوف.
وذكر، بأن جميع قرارات مجلس الأمن، ومنذ 2011، دعت الجزائر، البلد الحاضن لمخيمات تندوف، إلى الترخيص بإحصاء سكان المخيمات، وفقا للقانون الدولي الإنساني.
وأضاف أن “بوليساريو والبلد الحاضن لمخيمات تندوف يتحملان المسؤولية الأخلاقية والقانونية لوقف استغلال مأساة إخواننا وأخواتنا المحتجزين في هذه المخيمات، من خلال استغلالهم كأصل تجاري مدر للربح”، لافتا إلى أن الجزائر تنفق “مبالغ طائلة على نمط الحياة الفاخر لقادة الجماعة الانفصالية المسلحة وتزويدهم بمعدات عسكرية من أحدث طراز”.
وناشد المجتمع الدولي مطالبة الدولة الحاضنة، الجزائر، و”بوليساريو”، باحترام التزاماتهما بموجب القانون الدولي الإنساني من أجل وضع حد لحالة الفوضى السائدة في مخيمات تندوف، من خلال السماح بعودة السكان المحتجزين بكرامة إلى وطنهم المغرب.