تبون يرافع أمام الجيش دفاعا عن نجاحاته لتأمين الدعم لولاية جديدة

رافع الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون لصالح المكاسب التي حققها خلال ولايته الرئاسية الأولى، في خطاب وجهه إلى منتسبي المؤسسة العسكرية وأعيد بثه من طرف التلفزيونات المحلية، وهو ما ينطوي على حملة انتخابية موجهة إلى المؤسسة التي تعتبر الحاكم الفعلي في البلاد، ورسالة إلى الرأي العام والمشككين في علاقة الرجل مع كبار الضباط والمسؤولين داخلها، يريد من خلالها التأكيد على التناغم والانسجام بين مؤسستي الرئاسة والجيش.

وأكد الرئيس الجزائري، في كلمته التي ألقاها أمام كبار ضباط وقادة المؤسسة العسكرية ونقلت إلى جميع منتسبي المؤسسة العسكرية، على سعيه لتنمية وتطوير البلاد في كل المجالات على أسس صحيحة، وأن بوادر الإقلاع الاقتصادي بدأت في الظهور.

وبدا تبون منتشيا بالمكاسب التي حققتها البلاد خلال ولايته الرئاسية، وهو ما يؤهله -حسب إشاراته الضمنية- لتجديد الثقة في شخصه لولاية ثانية وربْح ثقة المؤسسة العسكرية، التي تشكل في الجزائر أعتى مؤسسات الدولة ويحوز قادتها نفوذا قويا يجعلها الحاكم الفعلي للبلاد، وعادة ما يكون هؤلاء هم صناع رؤساء البلاد المدنيين.

◄ الخطاب يعطي الانطباع بأن الرسائل التي أراد الرئيس تبون تمريرها إلى أفراد المؤسسة موجهة أيضا إلى المدنيين وباقي المؤسسات والأفراد في القطاعات الأخرى

وكثف الرئيس الجزائري خرجاته الخطابية في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يشكل حملة مبكرة، تحسبا لموعد الانتخابات الرئاسية المقررة بعد أقل من أربعة أشهر. ولئن لم يعلن إلى حد الآن عن قراره النهائي بشأن التقدم لخوضها من عدمه، فإن كل المؤشرات توحي بأن تبون هو مرشح السلطة وهو الرئيس القادم للجزائر خلال السنوات الخمس القادمة.

وتحوز المؤسسة العسكرية الجزائرية ثقلا كبيرا في إدارة الشؤون الكبرى للبلاد، واستحوذت في السنوات الأخيرة على مهام وصلاحيات جديدة، أعادت إليها الحظوة التي تحطمت خلال حقبة الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة، في إطار الصراع الدائر آنذاك بين مؤسسة الرئاسة وجهاز الاستخبارات السابق.

وبثُّ الخطاب الموجه إلى المؤسسة العسكرية في التلفزيونات المحلية يعطي الانطباع بأن الرسائل التي أراد الرئيس تبون تمريرها إلى أفراد المؤسسة موجهة أيضا إلى المدنيين وباقي المؤسسات والأفراد في القطاعات الأخرى، كما يتضمن ذلك رسالة طمأنة يفيد مضمونها بـ”أننا نعمل على تطوير البلاد على أسس صحيحة وقد تم تجاوز أهم العوائق التي كانت تعرقل مسار التنمية في السابق”.

 

◄ تبون كثف خرجاته الخطابية في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يشكل حملة مبكرة تحسبا لموعد الانتخابات الرئاسية
تبون كثف خرجاته الخطابية في الآونة الأخيرة، الأمر الذي يشكل حملة مبكرة تحسبا لموعد الانتخابات الرئاسية

 

وأبرز “الخطوات الهامة، والنتائج الإيجابية التي حققها الاقتصاد المحلي، الذي أصبح يمثل ثالث اقتصاد في أفريقيا، والطموح هو الارتقاء به إلى مراتب أعلى مستقبلا للوصول بالجزائر إلى بر الأمان”.

وأضاف “سنة 2027 ستكون سنة مفصلية بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني، بحيث ستجسد على أرض الواقع كافة الإصلاحات الاقتصادية التي تمت مباشرتها، وهو ما من شأنه أن يجعل من الجزائر دولة يحسب لها ألف حساب”، مذكّرا بـ”السنوات العجاف التي مر بها الاقتصاد الوطني الذي كان قبل 2019 على شفير الانهيار، لاسيما في ظل الخطاب السياسي الانهزامي الذي كان يروج لحتمية الاستدانة من الخارج”.

ووصف متابعون للشأن الجزائري الموعد الانتخابي القادم بالسباق المغلق، في ظل غياب بوادر المنافسة الحقيقية لمرشح السلطة المحتمل (تبون)، وتفصيل المشهد وفق مقاسه، ما خلق أزمة مرشحين وحتى أرانب السباق، بعدما كانت أزمة مشاركة شعبية؛ فالمتوفر إلى حد الآن هو مجموعة نوايا بعض الشخصيات غير المؤثرة، بينما تلتزم المعارضة والشخصيات المستقلة الوازنة الصمت وتكتفي بالمراقبة عن بعد.

وكرر الرئيس تبون مضمون الخطاب الذي ألقاه أمام العمال بمناسبة اليوم العالمي للعمال، من خلال الإشادة مجددا بـ”استحداث الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، وهو الإجراء الذي ساهم في تحسين مناخ الأعمال في الجزائر وإعادة بعث الاستثمار، بحيث تحصي الوكالة حاليا قرابة 6400 استثمار جديد، منها ثلاثة آلاف مشروع انطلقت فعليا، إلى جانب تسجيل حوالي 100 استثمار أجنبي، وهو ما سيسمح بخلق حوالي 200 ألف منصب شغل”.

كما ثمن ما وصفه بـ”التحسن الكبير الذي يعرفه مستوى الإنتاج الوطني، الذي سيحقق قريبا الاكتفاء الذاتي من حيث إنتاج الزيت والسكر، بغية سد العجز المسجل بالنسبة إلى إنتاج الحبوب التي تستورد منها الجزائر حوالي 9 ملايين طن سنويا، إلى جانب إنتاج مادة الحليب، بحيث تم إطلاق مشروع لإنتاج هذه المادة بالجنوب الجزائري بالشراكة مع الأشقاء القطريين بقيمة 3.5 مليار دولار وعلى مساحة إجمالية معتبرة تقارب 117 ألف هكتار”.

وعلى الصعيد الخارجي أكد المتحدث أن بلاده “دولة مسالمة وتحترم كل الدول ولن تكون تابعة لأي قوى دولية، وأنها سيدة قرارها وهي حرة وأبناؤها أحرار وهي عضو لا يتجزأ من حركة عدم الانحياز”.

 

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: