أعلنت بوركينا فاسو عن قرب موعد انتقال مجموعة دول الساحل وموريتانيا إلى مرحلة التطبيق العملي للمبادرة الإستراتيجية الأطلسية لدول الساحل المنبثقة عن الرؤية المغربية، التي أطلقها العاهل المغربي الملك محمد السادس قبل أشهر لتعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي لتسويق منتجاتها، في إطار التعاون جنوب – جنوب ومعادلة رابح – رابح.
وقال وزير خارجية بوركينا فاسو كاراموكو جان ماري تراوري إنه تداول الموضوع مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة السبت الماضي على هامش قمة منظمة المؤتمر الإسلامي في العاصمة الغامبية بانجول وأعلمه باستعداد بلاده التام للمشاركة في المبادرة وإطلاقها في أقرب الآجال.
وأورد الوزير البوركينابي في تصريح للصحافة في بانجول أن بلاده “تعمل على مختلف الأصعدة لتفعيل هذه المبادرة التي سيتم الكشف عن ملامحها التقنية قريبا، حتى يتبين للجميع أنها لا تتوقف على الولوج المادي إلى المحيط الأطلسي فقط، بل إنها، إضافة إلى ذلك، ستنقل اقتصادات دول المنطقة من المحلية إلى العالمية”.
ولفت هشام معتضد الأكاديمي والخبير المغربي في العلاقات الدولية، في تصريح لـه، إلى أن تصريحات وزير خارجية بوركينا فاسو تعكس توجه دول الساحل وموريتانيا إلى تحقيق تنمية شاملة والاستفادة من فرص التعاون الكبيرة المتاحة التي تقدمها المبادرة المغربية لتطويق المخاطر الاقتصادية والأمنية، إضافة إلى أن القواسم الدينية والروابط الروحية المشتركة بين المغرب ودول الساحل ترفع من نسبة التعاون بين المملكة وشعوب المنطقة في مختلف المجالات.
وفي إطار المزايا المتوقعة من المبادرة الملكية الأطلسية، الهادفة إلى تنسيق جهود البلدان الأفريقية المطلة على المحيط الأطلسي في إطار مؤسساتي موحد تحقيقا للتنمية المشتركة، وتمكين بلدان الساحل من منفذ بحري على الواجهة الأطلسية المغربية، اعتبر وزير خارجية بوركينا فاسو أن المبادرة “تنسجم بشكل مثالي مع سياسات التكامل المطبقة على مستوى غرب أفريقيا، خصوصا مع إطار تحالف دول الساحل الذي يجمع مالي وبوركينا فاسو والنيجر”.
وإلى جانب المبادرة الأطلسية تناول الاجتماع بين وزيري خارجية المغرب وبوركينا فاسو سبل تعزيز العلاقات الثنائية والتقارب في وجهات النظر على المستويات السياسية والأمنية والدبلوماسية والمواضيع ذات الاهتمام المشترك والوضع في المنطقة.
واتفق وزراء دول الساحل الأفريقي في 23 ديسمبر الماضي بمراكش على ضرورة إنشاء فريق عمل وطني في كل دولة لإعداد واقتراح سبل تفعيل المبادرة، كما أكدوا على الأهمية الإستراتيجية التي تكتسيها هذه المبادرة، والتي “توفر فرصا كبيرة للتحول الاقتصادي للمنطقة برمتها، بما ستسهم فيه من تسريع للتواصل الإقليمي وللتدفقات التجارية ومن رخاء مشترك في منطقة الساحل”.
المبادرة تتقاطع مع مشروع أنبوب الغاز النيجيري – المغربي الهادف إلى نقل الغاز من دول غرب أفريقيا إلى أوروبا
وفي السياق ذاته أكدت قمة منظمة التعاون الإسلامي على الأهمية الإستراتيجية التي تكتسيها مبادرة الملك محمد السادس لفائدة الدول الأفريقية الأطلسية، مشيدة في البيان الختامي بالمبادرة كمسار لشراكة أفريقية هدفها تعزيز روابط التعاون والاندماج بين الدول الأفريقية المطلة على المحيط الأطلسي بغية توطيد السلام والاستقرار والازدهار المشترك في المنطقة.
وثمنت القمة المبادرة الأطلسية الهادفة إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي، والتأكيد على الأهمية الإستراتيجية لهذه المبادرة التي تندرج في إطار التضامن الفاعل للمغرب مع البلدان الأفريقية الشقيقة عموما ومنطقة الساحل على وجه الخصوص.
وتتقاطع المبادرة في أهميتها التنموية والاقتصادية مع مشروع أنبوب الغاز النيجيري – المغربي الهادف إلى نقل الغاز من دول غرب أفريقيا إلى أوروبا، وهو ما أكد عليه الملك محمد السادس في خطابه الموجه إلى القمة الـ15 لمنظمة التعاون الإسلامي.
وشدّد العاهل المغربي على أن المبادرة تهدف إلى توطيد السلام والاستقرار والازدهار المشترك في المنطقة، تزامنا مع مشروع أنبوب الغاز النيجيري – المغربي الذي “ينهل من الروح التضامنية نفسها، باعتباره مشروعا للاندماج الجهوي والإقلاع الاقتصادي المشترك، ولتشجيع ديناميكية التنمية على الشريط الأطلسي”.