رغم قدم التجربة الانتخابية البرلمانية في بلجيكا، إلا أن المطلع على سير الحملات في هذا الاستحقاق، سواء المنتظر إجراؤها يوم 09 يوليو المقبل ، أو حملات انتخابية سابقة، يلحظ أن الحزب الاشتراكي ، لم يستفيد كثيرا من هذه التجربة، حيث مازالت حملاته الانتخابية تسير وفق نمط تقليدي،كشفت قصوره خصوصية المرحلة الراهنة التي تنتظم في خضمها الانتخابات.
يعزو متابعون للشأن البلجيكي تراجع مستوى الوفاق، الذي ميز علاقة البرلمانيين من أصول مغربية بالجالية المغربية المتواجدة ببروكسيل إلى بدء المسار نحو الانتخابات النيابية المقبلة، وما يتطلّبه ذلك من ضرورة ابتعاد النواب الطامحين إلى إعادة انتخابهم خطوات عن حملة التهريج والاصطفاف أكثر إلى جانب “المطالب الشعبية” وعلى رأسها في الفترة الحالية الحدّ من إجراءات التقشّف وخصوصا الزيادة في أسعار البنزين و القرارات المتخذة ضد الأقلية المسلمة ببلجيكا كحضر الحجاب و منع الذبيحة الإسلامية و التقليل من ساعات الدروس الإسلامية .
وهذا التفكير، لا يبدو وفق الخبراء ملائما لمقتضيات المرحلة في هذا البلد الأوروبي وهذا أمر يحتاج قبل كل شيء عقلية شعبية متفهمة لمثل هذا الإجراء.
وعبّر عن هذه الصعوبة الصحافي بوشعيب البازي ، بقوله “تستطيع الجالية المغربيةالتكيف مع أي شيء، لكن لا تقترب من ديانتها و معتقداتها. سيبدون مقاومة كبيرة حقا”.
واحتلت سياسة الدفاع عن الإسلام و المسلمين حيزا هاما من حملات المرشحين، وإن لم تقدم في مجملها حلولا أو فرضيات تطرح مقابل الرفض، الأمر الذي يجعل المراقبين يعتبرونها مجرّد دعاية انتخابية، وسط توقعات استغلال الجالية المسلمة كباقي الانتخابات.
والتركيز على سياسة الدفاع عن الأقلية باعتبارها الحدث الانتخابي لهذه السنة، كان على حساب قضايا اجتماعية وسياسية أخرى، يرى مراقبون أنه كان يجب أن تحظى بمتابعة الناخبين، فيما بدا المشهد الانتخابي للمعارضة متشرذما ومنقسما، في خضم السباق الانتخابي على مقاعد في البرلمان.
هذا ، وكما بدا الناخبون من الحزب الاشتراكي تقليديين في تعاطيهم مع المشكلات المطروحة، بدوا أيضا تقليديين في طريقة إدارتهم لحملاتهم الانتخابية وما جاء فيها،وحتى الاستعانة بمواقع التواصل الاجتماعي لم تمنحها اختلافا كثيرا، ورغم التواجد الواضح واللافت للمرأة والشباب ناخبين ومنتخبين. حيث بدا واضحا التركيز على خطبود الناخب، لكن دون امتلاك لبرامج انتخابية حقيقية وواقعية.
ويرى خبراء مغاربة أنه رغم محاولات المرشحين الوصول إلى عقل وقلب الناخبين، عبر الدعاية الانتخابية، المحملة بشعارات واهية لبث الحماسة لدى المواطنين بغاية الحصول على أكبر قدر ممكن من الأصوات المؤهلة لوصولهم إلى البرلمان، إلا أن برامجهم تفتقد لرؤية واضحة.
يقيم الصحافي بوشعيب البازي البرامج الانتخابية للمرشحين مشيرا إلى أن “الموجود في بلجيكا أقرب إلى رؤى وآمال وطموحات، فالبرنامج الانتخابي بالمعنى الفني المنضبط هو مجموعة من التصورات تتضمن حلولا لمشكلات تواجه المجتمع، ليتحول بعد ذلك إلى برنامج تنفيذي، وهذا غير موجود”.
وأضاف أن “المرشحين يبتعدون عن طرح تحديات حقيقية، بعضها يتصل بوضع الجالية المسلمة، وأخرى مرتبطة بالحجاب و بالذبيحة الإسلامية خوفا من خسارة الأصوات، ما جعل أطروحاتهم باهتة لا تحمل حلولا جادة للمشكلات الحقيقية”.
و يستغل الحزب الاشتراكي الجالية المغربية و يسمع مرشحوه ما يودون سماعه، لكن البرامج الانتخابية بمعناها الحقيقي غائبة في بلجيكا.
ويقول الكاتب الصحافي بوشعيب البازي إن “البرنامج الانتخابي في بلجيكا، وخصوصا المتعلق بالاقتراحات، لا يعدو كونه إكسسوارا تقليديا يرتديه كل المرشحين في فترة الانتخابات لدغدغة مشاعر الناخبين مع استحالة تحويله إلى حقيقة”.