بايدن يرفض أي اتفاق دفاعي مع السعودية دون التطبيع مع إسرائيل
أكد مستشار الأمن القومي الأميركي في البيت الأبيض جيك سوليفان أن إدارة الرئيس جو بايدن لن توقع أي اتفاق دفاعي مع السعودية إذا لم تتوصل المملكة وإسرائيل إلى اتفاق التطبيع بينهما، مشدداً على أنه “لا يمكن فصل قطعة عن باقي القطع الأخرى”.
واستبعد سوليفان، في مقابلة السبت مع صحيفة “فاينانشال تايمز”، صحة الأنباء التي راجت أخيرا عن توجه إدارة بايدن والسعودية للنظر في إبرام اتفاق ثنائي إذا ما رفضت إسرائيل “تقديم تنازلات للفلسطينيين”.
وتضغط إدارة بايدن من أجل التوصل إلى اتفاق ثلاثي لتشجيع الرياض على إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل كجزء من خطط لضمان سلام مستدام في الشرق الأوسط بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر الذي أدى إلى حرب استمرت قرابة سبعة أشهر في غزة.
وتأمل الإدارة الأميركية في استخدام احتمال قيام المملكة، التي تعد “الجائزة الكبرى” لإسرائيل منذ فترة طويلة، ودول إسلامية أخرى بتطبيع العلاقات لإقناع إسرائيل بالموافقة على تنازلات كبيرة للفلسطينيين، وفق الصحيفة.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رفض مرارا وتكرارا أي تحركات نحو حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي طال أمده.
وقال سوليفان في المقابلة، السبت، إن “الرؤية المتكاملة هي تفاهم ثنائي بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية مصحوبا بالتطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى خطوات ذات معنى نيابة عن الشعب الفلسطيني.. كل ذلك يجب أن يأتي معا.. لا يمكنك فصل قطعة عن الأخرى”.
وأكد سوليفان أن بايدن يعتزم تقديم تفاصيل علنية عن “الطريق (نحو)… منطقة أكثر سلاما”.
وأضاف “أتوقع أن تسمعوا في الأشهر المقبلة من الرئيس والآخرين منا المزيد عن.. الطريق الذي نعتقد أنه يمكن أن يؤدي إلى إسرائيل أكثر أمنا ومنطقة أكثر سلما”.
وأشار إلى أنه “كل ما يمكننا فعله هو التوصل إلى ما نعتقد أنه منطقي، ومحاولة إقناع أكبر عدد من دول المنطقة بالموافقة عليه ومن ثم تقديمه، وسيكون الأمر في النهاية متروكًا للقيادة الإسرائيلية، وبصراحة، وفي نهاية المطاف، يمكن للشعب الإسرائيلي أن يقرر ما إذا كان هذا هو المسار الذي يريد أن يسلكه من عدمه”.
وكانت إدارة بايدن تتجه نحو التوصل إلى اتفاق يقضي بأن تقوم السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل قبل 7 أكتوبر، وهو ما كان سيؤدي إلى موافقة واشنطن على اتفاق دفاعي مع الرياض ودعم طموحاتها النووية المدنية مقابل تقديم إسرائيل تنازلات للفلسطينيين.
لكن هجوم حماس والهجوم الانتقامي الإسرائيلي في غزة أدى إلى “قلب هذه العملية رأسا على عقب”، في حين تواصل الولايات المتحدة والسعودية مناقشة صفقة محتملة كجزء من خطط أوسع بعد الحرب لتأمين السلام في المنطقة.
وفي الوقت ذاته، أوضحت السعودية أنها ستطلب من إسرائيل تقديم تنازلات أكبر بكثير للفلسطينيين بعد السابع من أكتوبر، مصرة على أنها ستحتاج إلى رؤية “خطوات لا رجعة فيها” نحو إنشاء دولة فلسطينية.
ونوهت الصحيفة إلى أن بعض المحللين ينظرون إلى التقارير الإعلامية التي صدرت هذا الأسبوع والتي تفيد بأن الولايات المتحدة والسعودية تفكران في المضي قدما في اتفاق ثنائي حتى ولو رفضت إسرائيل اتخاذ خطوات ملموسة تجاه إقامة دولة فلسطينية، بأنها كانت تهدف إلى الضغط على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
وفي جلسة نقاشية خلال أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي بالعاصمة السعودية، الرياض، الاثنين، أكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أن العمل الثنائي السعودي الأميركي المرتبط بالتطبيع مع إسرائيل “من المحتمل أن يكون قريبا جدا من الاكتمال”.
وأوضح أن الولايات المتحدة والسعودية قامتا بعمل مكثف معا خلال الشهر الماضي بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، هذا الأسبوع أيضا، إن الرياض وواشنطن “قريبتان جدا” من اتفاق ثنائي بشأن العنصر الأميركي في الصفقة، لكنه أكد مجددا على أنه “يجب أن يكون هناك أيضا طريق حقيقي إلى دولة فلسطينية” بشكل “مصداقي ولا رجعة فيه”.
ومع ذلك، “يتباهى” نتنياهو، الذي يواجه ضغوطا شديدة من أعضاء اليمين المتطرف في ائتلافه الحاكم لعدم تقديم أي تنازلات للفلسطينيين، بأنه نجح لسنوات في إحباط أي تقدم نحو حل الدولتين، وفق فاينانشال تايمز.
وأتت تصريحات سوليفان بينما يجري مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، بيل بيرنز، زيارة للقاهرة حيث يسعى وسطاء لإقناع حماس بقبول اقتراح للتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن المحتجزين في غزة.
ويأمل الوسطاء في التوصل إلى وقف مؤقت للقتال لمدة ستة أسابيع يمكن استخدامه بعد ذلك للتفاوض على وقف دائم لإطلاق النار.
وأشاد المسؤولون الأميركيون بإسرائيل لتقديمها تنازلات بشأن شروط الاتفاق، لكن نتنياهو لا يزال يصر على شن هجوم على رفح، مدينة جنوب غزة، حيث يلجأ أكثر من مليون شخص.
وتناقش الدول العربية منذ أشهر مع واشنطن رؤيتها لخطة ما بعد الحرب، والتي تتضمن اعتراف الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى بالدولة الفلسطينية ودعم عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة وإصلاح القيادة الفلسطينية التي تدير غزة والضفة الغربية المحتلة.