تقدم أعضاء داخل مجلس النواب في المغرب بمقترح قانون جديد بهدف تعزيز دور التعاونيات في تنمية الاقتصاد الوطني وخلق فرص عمل جديدة، مع معالجة التحديات وفتح المجال أمام التعاونيات للانفتاح على مجالات ثقافية جديدة، مثل الثقافة الصحية والوقائية والرياضية إضافة إلى مجال التربية والتكوين من خلال المساهمة في الحضانات والتعليم الأولي والدعم التربوي.
كما ينص المقترح، على شرط الإقامة في المنطقة الترابية للتعاونية من أجل ترؤسها، وذلك بهدف ضمان تمثيل أفضل لأعضاء التعاونيات وتفعيل دورهم في اتخاذ القرارات.
كما يهدف المقترح إلى تسليط الضوء على التطور الملحوظ الذي شهده الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في المغرب، خاصة بعد إصدار القانون 112/12، والذي أعطى دفعة قوية للعمل التعاوني.
وفي إطار دعم العمل التعاوني بالمغرب تم تتويج 121 جمعية وتعاونية مستفيدة من النسخة الرابعة لبرنامج “مؤازرة”، الذي أطلقته وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وتهدف إلى تمويل مشاريع تنموية لفائدة التعاونيات والمؤسسات والجمعيات وشبكات الجمعيات العاملة في قطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، في إطار التعليمات الملكية الرامية إلى التمكين الاجتماعي والاقتصادي للنساء والشباب.
وأبدت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية فاطمة الزهراء عمور، في إطار هذه الدورة، اهتماما خاصا بالمشاريع التي قدمتها الجمعيات النشطة بالمناطق المتضررة من زلزال الحوز، وذلك بهدف المساهمة في إنعاش الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية بهذه المناطق، مؤكدة أن “النسيج الجماعي أبان عن كفاءات ومؤهلات كبيرة في تقديم مختلف الخدمات، لاسيما الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والبيئية، لفائدة المجتمع”.
ويعد برنامج “مؤازرة” مبادرة للتمويل المشترك للمشاريع المبتكرة وخلق فرص شغل جديدة، كما يهدف البرنامج إلى دعم هذه الأنشطة والحفاظ عليها، بالإضافة إلى الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للجمعيات وشبكات الجمعيات العاملة في قطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني على المستوى الوطني.
وفي هذا الصدد أبرزت عمور أهمية هذا القطاع الذي يعمل بشكل تكاملي مع مبادرات القطاعين العام والخاص، ويساهم في الدفع بالاقتصاد المحلي، وتعزيز كفاءات الفاعلين المحليين، وتشجيع خلق فرص الشغل، وكذلك تعبئة الموارد البشرية والطبيعية للجهات، وتحفيز السياحة المحلية، داعية مختلف الشركاء والمتدخلين إلى تنسيق جهودهم بهدف تعزيز الكفاءات والتطوير المهني للجمعيات العاملة في مجال الاقتصاد الاجتماعي والتضامني.
وقالت إيمان المخليص، المسؤولة عن التسيير الداخلي والمبيعات بمركز التسويق التضامني التابع لمؤسسة محمد الخامس للتضامن، إن المركز يضم حاليا أكثر من 60 تعاونية من مختلف جهات المملكة، بعد أن اقتصرت في البداية على جهة درعة تافيلالت وذلك تلبية للاحتياجات المتزايدة للزوار ورغبة في توفير كل المنتوجات لهم والتي تزخر بها مناطق المملكة بأسعار تناسب قدرتهم الشرائية، على غرار الزعفران وزيت الأركان والزيوت الأساسية والحناء وماء الورد وغيرها من المنتجات الطبيعية.
وأشارت المسؤولة إلى أن المركز انفتح على تعاونيات ذوي الاحتياجات الخاصة وتسويق منتجاتهم من الصناعة التقليدية كصياغة الفضة، مؤكدة أن سعر المعروضات تحدده التعاونيات المساهمة في المركز الذي يعمل على مواكبة التعاونيات وتدريبها، مضيفة أن الإقبال يستمر طوال العام.
على الرغم من الإنجازات التي تحققت لا تزال التعاونيات تواجه العديد من التحديات أبرزها إشكالية التمويل والتسويق
وتمثل تعاونيات صناعة زيت الأركان على سبيل المثال فضاءات للعمل، وتستفيد المنتسبات من أنشطة موازية، كدروس محو الأمية، وتعلم اللغات بالنسبة لمن لديهن مستوى تعليمي معين، وهو ما مكّن من خفض نسبة الأمية في صفوف النساء في المناطق الريفية التي توجد بها هذه التعاونيات.
ولهذا السبب أكدت المذكرة التي قدمها البرلمانيون، على الدور الريادي للتعاونيات، وخاصة النسوية منها، في تنمية المناطق النائية وتحسين ظروف عيش المواطنين، من خلال خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة، ومكافحة الهشاشة الاجتماعية، وتسويق المنتجات المحلية، وتحسين دخل الأسر، ودمج صغار المنتجين في السوق.
وأوضحت أن على الرغم من هذه الإنجازات، لا تزال التعاونيات تواجه العديد من التحديات، أبرزها إشكالية التمويل والتسويق، وتعقيد الإجراءات الإدارية، ونقص الدعم المؤسسي، وغياب التدريب والتكوين.
ومن ضمن التعديلات المقترحة على إدراج صفة الاستقلالية، إضافة الشق الثقافي ضمن اختصاصاتها، لتعرف على أنها “اتحاد مستقل يتألف من أشخاص ذاتيين أو اعتباريين أو هم معا، اتفقوا على ضمّ جهودهم لإنشاء كيانات تتيح لهم تلبية حاجياتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتدار وفق القيم والمبادئ الأساسية للتعاون المتعارف عليها”.
وأبرزت مديرة النهوض بالاقتصاد الاجتماعي بالوزارة سلوى التاجري جوانب برنامج “مؤازرة”، مقدمة رؤيته وكذلك نتائج دورته الرابعة. كما أشارت إلى أن اختيار المشاريع تم على أساس أربعة معايير أساسية، وهي مقاربة النوع، واستهداف المناطق القروية، والتوزيع الجغرافي والقطاعي.
وأوضحت أن “حوالي 51 في المئة من المشاريع موجهة للمناطق القروية، مما يمثل زيادة قدرها 52 في المئة بالنسبة للمشاريع التي ترتكز على التمكين الاقتصادي للنساء، لاسيما في الوسط القروي”.
وتشمل هذه المبادرات، التي ترتكز أساسا على التمكين الاجتماعي والاقتصادي للنساء والشباب، عدة قطاعات من قبيل الصناعة التقليدية والسياحة والزراعة التضامنية وريادة الثقافة والصحة والتعليم، فضلا عن الطاقات المتجددة.
ويعكس هذا التنوع الجهود التي تبذلها الجهات في مختلف المجالات، مما يساهم بشكل ملموس في التنمية الشاملة للمملكة.