العاهل المغربي يدعو إلى وقف فوري للعدوان غير المسبوق على غزة
كلمة العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى قمة منظمة التعاون الإسلامي جسدت موقفا مغربيا واضحا بشأن وقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وإنهاء كافة أشكال التهجير القسري والعقاب الجماعي والأعمال الانتقامية ضد الفلسطينيين.
طالب العاهل المغربي الملك محمد السادس السبت بضرورة الوقف الفوري “للعدوان غير المسبوق على غزة”، والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية في القطاع بأكمله.
وجاء ذلك في خطاب وجهه العاهل المغربي إلى القمة الـ15 لمنظمة التعاون الإسلامي، التي انطلقت أشغالها السبت بالعاصمة الغامبية بانجول، تحت شعار “تعزيز الوحدة والتضامن من خلال الحوار من أجل التنمية المستدامة”، تلاه نيابة عنه وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق.
وقال العاهل المغربي “نكرر بإلحاح، مطلبنا بضرورة الوقف الفوري والمستدام والشامل لهذا العدوان غير المسبوق، والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية في قطاع غزة بأكمله”. وأضاف “قلوبنا تدمى لوقع العدوان الغاشم على غزة، الذي جعل الشعب الفلسطيني الأبي يعيش أوضاعا بالغة الخطورة، تشكل وصمة عار على جبين الإنسانية”.
ويشن الجيش الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر الماضي، حربا مدمرة على غزة خلفت نحو 112 ألفا بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء. وبحسب الملك محمد السادس فإن “ما يزيد من تفاقم هذه الأوضاع، ارتفاع وتيرة الاعتداءات الممنهجة من طرف المستوطنين المتطرفين في الضفة الغربية، بإيعاز من مسؤولين حكوميين إسرائيليين”.
وشدد العاهل المغربي على أن “الحديث الرائج عن مستقبل قطاع غزة لا يستقيم إلا في ظل وقف الاعتداءات، ورفع كافة أشكال المعاناة عن الشعب الفلسطيني، فقطاع غزة شأن فلسطيني وجزء من الأراضي الفلسطينية الموحدة، التي يجب أن تنعم بالسلم والاستقلال، ضمن رؤية حل الدولتين ووفقا للقرارات الدولية ذات الصلة”.
◙ الملك محمد السادس يدعو إلى وقف الإجراءات الإسرائيلية الأحادية غير الشرعية بما فيها القدس الشريف والمسجد الأقصى
وطالب “بوضع حد لأي عمل استفزازي من شأنه تأجيج الصراع”. ودعا إلى “وقف الإجراءات الإسرائيلية الأحادية غير الشرعية، التي تطال الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك، بهدف تغيير الوضع القانوني والحضاري لمدينة القدس الشريف”.
وقال العاهل المغربي “نجدد رفضنا التام لكافة أشكال التهجير القسري والعقاب الجماعي والأعمال الانتقامية التي يتعرض لها أشقاؤنا الفلسطينيون. ولعل الاستمرار في إدارة الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني دون حل واقعي ومستدام، قد ولّد الإحباط وغيّب الأمل، وأدى إلى توالي النكبات المدمرة، بمآسيها الإنسانية وتوسيع دائرة تداعياتها الخطيرة، ليس فقط على الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط، بل أيضا على الأمن الدولي”.
وأضاف “لذلك، ندعو الدول المؤثرة في مسار تسوية هذا النزاع إلى تحمل مسؤوليتها التاريخية، وإعمال العقل والمنطق، والعمل الجاد من أجل وضع حد لهذا الوضع الكارثي، وإخراج المنطقة من دوامة العنف، وسياسة الإقصاء وفرض الأمر الواقع، والعمل على تهيئة الظروف الملائمة لإعادة إطلاق عملية سلمية حقيقية، تفضي إلى حل الدولتين المتوافق عليه دوليا”.
وفي سياق آخر، قال الملك محمد السادس “أما بالنسبة إلى الصـراعات التي يعاني منها أشقاؤنا في بعض البلدان الإسلامية مثل ليبيا ومالي والصومال والسودان وغيرها، فإننا ندعو إلى الجنوح إلى فضائل الحوار والمصالحة بين كل الفرقاء من أجل وضع حد لها، وذلك في نطاق الحفاظ على سيادة هذه البلدان الشقيقة ووحدتها الوطنية والترابية”.
وستتناول القمة، التي تستمر يومين، تحت شعار “تعزيز الوحدة والتضامن من خلال الحوار من أجل التنمية المستدامة”، قضايا عالمية، لاسيما الوضع الحالي في فلسطين، والحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة والتي أودت بحياة أكثر من 34 ألف شخص.
وحث العاهل المغربي منظمة التعاون الإسلامي ومؤسساتها المتخصصة، على “مضاعفة جهودها ومبادراتها، وذلك في إطار روح الأخوة والتضامن والتآزر بين المسلمين، والاستفادة الجماعية من البرامج والخطط التنموية التي يتم إقرارها في قممنا واجتماعاتنا”.
وأضاف “بحكم انتماء المملكة المغربية إلى القارة الأفريقية، وما يطبع علاقاتها مع بلدانها الشقيقة من أواصر إنسانية متجذرة وعرى روحية راسخة، نؤكد على ضرورة إحاطة الدول الأفريقية الأقل نموا، الأعضاء في منظمتنا، بمزيد من الرعاية والاهتمام، لمواجهة شتى التحديات التي تؤثر على مسار تقدمها”.
وأكد الملك محمد السادس أن “مفهوم التضامن الذي نصبو إليه اليوم، لا يقف عند الذود عن حياض العقيدة ووحدتها بالكلمة والنوايا الحسنة فحسب، بل ينطوي أيضا على احترام التعددية والخصوصيات، ويزكي الثقة وينصبّ على العمل الجماعي”.
العاهل المغربي يشدد على مطلب “الوقف الفوري والمستدام والشامل لهذا العدوان غير المسبوق والسماح بتدفق المساعدات الإنسانية في قطاع غزة بأكمله”
ولفت أنظار القادة المشاركين إلى أن “مظاهر التعصب والتمييز، ونزعات التطرف والانغلاق ورفض الآخر، أضحت متفشية في أوساط رافضة لكل ما له صلة بالأديان السماوية، لاسيما رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. ويساورنا قلق بالغ إزاء تصاعد خطاب الكراهية، وارتفاع ضحايا هذه الآفة التي تغذي دوامة العنف وعدم الاستقرار، وتشكل تهديدا خطيرا للسلم والأمن في العديد من المناطق”.
واستحضرت كلمة الملك محمد السادس “ما شهدته السنوات الأخيرة من إقدام بعض الأفراد على إحراق وتدنيس نسخ من المصحف الشريف، وسط تساهل وسلبية من السلطات الرسمية في بعض الدول التي تقع فيها هذه الأحداث، رغم ما يشكله ذلك من استباحة لمشاعر أكثر من مليار ونصف مليار مسلم”.
وتساءل العاهل المغربي “متى كانت حرية التعبير هي الإساءة إلى الآخرين وإيذائهم في عقيدتهم ومشاعرهم؟ وكيف لبعض الدول أن تفتخر بالحماية المطلقة للحريات، في وقت يتم فيه توظيف تلك الحريات من أجل إذكاء جذوة الفتنة، وهدم جسور التواصل والتفاهم، وتقويض أسس العيش المشترك؟”.
وتابع “أليس ازدراء المسلمين والجهل بقيم الإسلام المثلى خير حليف للنزعات الشخصية البائسة والأجندات السياسية الإقصائية المؤسسة لظاهرة الإسلاموفوبيا؟”، مؤكدا أن “ما شهدناه بأسف بالغ من مظاهر معاداة الدين الإسلامي واستغلالها في مزايدات انتخابية في بعض المجتمعات، ما هو إلا صراع جهالات قبل أن يكون صراع حضارات”.
وقال “كلنا أمل أن يحقق القرار الأممي الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع، في 25 يوليو 2023، بشأن ‘تعزيز الحوار بين الأديان والثقافات والتسامح في مواجهة خطاب الكراهية’، والذي قدمته المملكة المغربية، قفزة نوعية في المجهودات الرامية إلى الحد من ظاهرة التطرف وخطاب الكراهية”.