انتخب المجلس الوطني لحزب الاستقلال المغربي، في أول دورة يعقدها بعد المؤتمر الوطني الثامن عشر الملتئم يومي 26 و27 أبريل الجاري، نزار بركة لولاية ثانية، للحفاظ على بقاء الحزب في المشهد السياسي بالبلاد. وحصل بركة على إجماع الاستقلاليين بعد انسحاب المرشح المنافس رشيد أفيلال من سباق الوصول إلى قيادة حزب علال الفاسي خلال السنوات الأربع القادمة.
وتم اختيار نزار بركة رئيسا لحزب الاستقلال لولاية أخرى تمتد إلى 2029، بعدما حُسم في رئاسة المؤتمر 18 لكل من فؤاد القادري، وعبدالجبار الراشدي، وعبدالصمد قيوح، بعد الصراع بين تيار حمدي ولدرشيد ونزار بركة حول رئاسة المؤتمر. وأكد بركة في كلمة أمام أعضاء المجلس الوطني لحزب الاستقلال، أن “الحزب ينبغي أن يعمل على تقوية مكانته والاستعداد للاستحقاقات المقبلة ونضع صدارة المشهد السياسي كهدف في المستقبل”.
وأضاف بأن “هدف تصدر المشهد السياسي قريب إذا تسلحنا بالقوة والتماسك والوحدة”، مؤكدا على “أهمية تحقيق الحزب اللحمة والتوافق الشمولي الذي مكننا من تنظيم المؤتمر في ظرف وجيز”. وتم اتخاذ إجراءات تنظيمية مشددة لتفادي أي انفلات داخل المجلس الوطني كما حدث في مؤتمر سابق، خصوصا وأن الأمين العام المنتخب يعترض بقوة على إعادة انتخاب بعض الأسماء في اللجنة التنفيذية كانت موجودة في ولاية الأمين العام السابق حميد شباط.
وأكد رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية، في تصريح له، أن “تكريس التوافق داخل مؤتمر حزب الاستقلال بمثابة خطوة نحو تكريس الوضع السابق الذي دأب عليه قادة الحزب منذ مدة طويلة، وأمامه اليوم فرصة لتطبيق ما ينادي به نزار بركة، من جدية في التعاطي مع عدد من القضايا المجتمعية والاقتصادية والسياسية، عسى أن يوفر له ذلك تعزيز موقعه داخل المشهد السياسي والانتخابي، وهذا يتطلب أيضا تحفيز الديمقراطية الداخلية بالابتعاد عن المرشح الوحيد”.
وكانت قيادة الحزب قد حسمت في وقت سابق ترشح نزار بركة لولاية ثانية، دون أن يمنع من حدوث مشاحنات بين التيارين المتضاربين طيلة المؤتمر الذي بدأت أشغاله الجمعة، وقد شدد بركة على أهمية العمل من أجل “تقوية وتوسيع المصالحة والثقة داخل البيت الاستقلالي، والعمل وفق مبادئ الحزب خدمة للمواطنين”، مؤكدا أن الحزب سيبقى دائما في خدمة الصالح العام.
وبعد شكره لثقة الاستقلاليين فيه من أجل توليه لولاية ثانية، سجل الأمين العام لحزب الاستقلال، أن المشهد الحزبي يعيش لحظة تاريخية في مواجهة “إشكالية الثقة في العمل السياسي، وإشكالية الثقة في المنتخب، موضحا أن “حزب الاستقلال حزب وطني تاريخه أكثر من 80 سنة، وعلينا أن نبين أسلوب عملنا ونأخذ في عين الاعتبار هذا التاريخ”.
وطالب رئيس الحزب المشارك في الحكومة، بتسخير الذكاء الحزبي والسياسي الجماعي للإجابة على عدد من الإشكالات، من بينها كيفية استعادة الفعل السياسي مصداقيته في تمثيل المواطن والترافع عن مطالبه المشروعة، وكيفية استرجاع ثقة المواطن في الوساطة الحزبية، مؤكدا أن هذه الرؤية تقوم على التفاعل من خلال القرب الترابي المتواصل من المواطنات والمواطنين في الحي أو الدوار أو الدائرة أو الجماعة، والترافع من خلال تعبئة وتأطير النقاش العمومي وتنشيط فضاءات الحوار المدني.
ولأجل الحفاظ على تماسك الحزب لمواجهة التحديات المقبلة، استمرت المشاورات طيلة يوم الأحد بخصوص اختيار أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب. وأكدت مصادر من داخل الحزب لـه، أن القلق ليس بخصوص غلبة تيار ولد الرشيد أو نزار بركة، بل الأمر متعلق بالتدقيق في خصائص شخصيات يجب أن يكون لها ثقل سياسي ودراية بالملفات للتعامل مع تحديات المرحلة المقبلة.
واعتبارا لأهميتها التقريرية في هندسة مواقف الحزب السياسية والإستراتيجية، أكدت معطيات أن جزءا كبيرا من اللجنة التنفيذية السابقة سيكون له حضور في هذه اللجنة التي سيتم انتخابها، وستلتحق أسماء جديدة بالقيادة، إضافة إلى أكثر من خمس نساء وشباب في إطار تجديد نخبة الحزب.
وقاد الأمين العام المنتخب لحزب الاستقلال، مشاورات وصفت بالصعبة والاستماع لاقتراحات ممثلين عن مختلف جهات وأقاليم المملكة وبرلمانيين بمجلسي النواب والمستشارين لإعداد لائحة أعضاء اللجنة التنفيذية للحزب تكون في مستوى التحديات الوطنية والانتظارات، والتي ستخضع للتصويت داخل المجلس الوطني (برلمان الحزب).
وقد تم اعتماد مبدأ الكفاءة والتحلي بصفات تتوافق مع توجهات التخليق داخل الحزب وداخل المغرب ككل، في اختيار اللجنة التنفيذية، التي حددها نزار بركة، في 30 عضوا، إضافة إلى الشروط المنصوص عليها في قانون الحزب وذلك مراعاة للتوازنات داخل هياكله.
ونصت التعديلات الجديدة التي ضمنتها لجنة الأنظمة والقوانين في النظام الأساسي، والتي صادق عليها المؤتمر الوطني الثامن عشر، على أن يتوفر المترشحون إلى اللجنة التنفيذية شرط تحمل المسؤولية داخل تنظيمات الحزب لمدة لا تقل عن 4 سنوات وأن يكون عضوا في المجلس الوطني لولايتين أو سبق أن كان عضوا في اللجنة المركزية، وهي الشروط التي أبعدت أسماء بارزة كانت تطمح للقيادة.